نجاح شركا ء “الانتقالية” رهين بنسيان مواجع الماضي
الخرطوم-اثيرنيوز
في تحليل سياسي بمنظور استراتيجي خص به( اثيرنيوز) شرح بروف عبدالرحمن كوري الراهن السياسي بعد وصول قيادات الحركات المسلحة.. للخرطوم
ليس من السهل ان نطلق على الحكومة في الايام القادمة حكومة الثورة بقدر ما يصدق عليها حكومة السودان . فعندما خرج الشباب السودانيين يهتفون بالشوارع لم يكن يتوقعون ان يقودهم الائتلاف الحاكم بتناقضاته الي الواقع الراهن فقد حلموا بحكومة تكنقراط لا حكومة محاصصات حزبية
و لا شك ان ان اهم شعارات الثورة قد تحقق منها قسم لا بأس به فقد سعت لتحقيق الحرية و السلام و العدالة اما الحرية فقد عملت على تعديل كثير من القوانين المقيدة للحريات اما السلام فقد سعت للا صطلاح مع حركات التحرر المسلحة في الشرق و الجنوب و الغرب فتحقق سلام جزئي له نظرته و حاجاته و شعاراته و لا شك ان مشاركة الحركات المسلحة الوطن سيكون له تأثير علي حاضنة الحكومة و اولوياته و سيكونوا من مكونات شركاء الفترة الانتقالية ، فالصوت العالي للأئتلاف المدني في الحرية و التغيير سيتضاءل لا سيما في مكونه الايدلوجي ، إذ ان الايدلوجيات ليست من بين هموم الحركات المسلحة التي يمكن ان تصنف جهوية ، فإن اكبر همها الاقتصاد و تنمية حواضنها و ان تنال شرف المواطنة العادلة في السودان ، صحيح قد يستخدمون الجهوية مطية لمطلبهم ، والجهوية ليست ايدلوجية ، لقد برزت الحاضنة ا لاولى لحكومة حمدوك اشتراكية التوجه قادها الشيوعيين بحنكتهم السياسية و استصحبوا في معيتهم البعثيين و الناصريين و القوميين العرب و لجان المقاومة من الراغبين في فتح حدود الامكان لامانيهم في العيس الكريم و الكرامة الوطنية ، اما حكومة حمدوك نفسها يمكن تصنيفها بانها رأسمالية التوجه تؤمن بالانفتاح الاقتصادي و برامج البنك الدولى و تسعى وراء نيل رضى الترويكا و القوة العالمية الحاكمة ، وتضع وزنا للجغرافيا السياسية الاقليمية التي ساهمت في توقيع الوثيقة الدستورية . و على الرغم من ان مجموعة حمدوك الحاكمة لم تعلن اعترافها بالترويكا و الاتحاد الاوربي و امريكا داعمين معنويين و متقبلين لشرعيتها معها و لم تعلن الاستظلال بجناحها ، لذا لن تجد حرجا في التعامل مع الحركات المسلحة التي وقف ا الغرب خلف مطالبها الانسانية و عمل علي تأمين الحماية الأمنية [الينوميد] و العون الانساني (المعونات) مما يمكننا ان نصنفها مدعومة غربيا. و من ناحية اخري لم يعد للحرية و التغيير نفس قوة بروزها لأول عهدها ففشل تنفيذ برامج اسعافي يقنع غالبية الشعب السوداني اقتصاديا و الخلافات البينية في مكوناتها و انسحاب الحزب الشيوعي و انقسام تجمع المهنيين كل ذلك ادي لضعضعتها و ضعفها بالاضافة لفشلهم في قضايا احكام القبضة علي العدالة و القانون و الامن و تنفيذ الاحكام القضائية. و غني عن القول ان هنالك تماثل نفسي( قبل ان يكون عقلي) بين المحاربين سوى كانوا من الجيش السوداني أو الحركات المسلحة ، فلا اعتقد انه يوجد تنافر بين المجموعتين ، و في الوقت نفسه يوجد فيه تنافر واضح بين الحرية و التغيير و الحركات المسلحة ، فكل تصريحات عرمان من قبل السلام و بعده تدل انه اقرب في مسافته من الاسلاميين من المسافة بين الحرية و التغيير و الاسلاميين . اما عقار فقد صرح بانه لا توجد غضاضة بينه و بين الاسلامين و كذلك صرح اركو مناوي ، اما جبريل فقد عبر عن ذلك بيان بالعمل ، و عندما اذكر الاسلاميين هنا لا أحسبهم يقصدون حكومة المؤتمر الوطني بوزرائها و مدراء المؤسسات و قادة العمل الاجتماعي ، فهم بلا شك يقصدون اصحاب العاطفة الدينية الذين لم يتورطوا في قضايا قانونية و ليس لديهم مانع من التعايش السلمي مع المجتمع ، فاسلاميي الرصيف قد جربوا الانصياع لحكومة المؤتمر الوطني التي اساءت استخدام عقيدتهم و لم يلجأوا للمصادمة ، و استأثروا الجهاد بالقلب و احيانا باللسان و بناء عليه سيكونوا موادعين ان تبرأوا من المشاركة في الباطل و ربما عملوا على القيام بمراجعات فيما يخص المسافة الممكنة بين الدين و الدولة ، وهؤلاء سيكونون نهبها للاحزاب غير الايدولوجية مثل حزب الامة و الاتحاد الديمقراطي و سيرجع ابناء النوبة لهويتهم الجهوية و اهل الغرب و الشرق للعمل من خلال جهوياتهم
و ترتيبا على ما سبق فإن حاضنة الحكومة القادمة اقرب للجهوية منها للايدلوجية فنجاح شركا ء المرحلة الانتقالية رهين بتناسي إحن و مواجع الماضي ، و التراضي علي اتخاذ نهج العدالة الانتقالية ، وهذا يقتضي الاعتراف بالاخطاء و العزم بعدم العودة اليها و تعويض الضحايا و محاسبة الوالغين بصورة مباشرة في جرائم المال و الدم