اتساع العنف في النيل الأزرق وتعيين قائد عسكري متخصص في “فض النزاعات”
أضرم محتجون غاضبون النار، الأحد، في أمانة حكومة إقليم النيل الأزرق، ونهبوا مخزنا للسلاح في امتداد غير مسبوق للفوضى التي تضرب الاقليم، في وقت دفعت قيادة الجيش بقائد للمنطقة العسكريةمتخصص في فض النزاعات.
ومنذ أكثر من أسبوع تشهد عدد من مناطق إقليم النيل الأزرق نزاعات قبيلة دامية بين الهوسا وقبائل الأنقسنا أدت لمقتل نحو 200 شخص في بلدة “ود الماحي” شرق الدمازين.
وكشف المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله لـ”سودان تربيون” عن نهب مواطنين احد مخازن الجيش في الدمازين عقب وقفة احتجاجية نظموها أمام قيادة الفرقة الرابعة مشاه سلموا خلالها مذكرة تطالب بإعفاء حاكم الإقليم.
وأكد أن الأجهزة العسكرية تلاحق المجموعات التي اقتحمت مخازن السلاح كاشفا عن تواجد لجنة عسكرية في مدينة الدمازين يرأسها نائب رئيس هيئة الأركان تعمل حالياً لمعالجة الوضع في الإقليم.
وعلمت “سودان تربيون” من مصادر موثوقة أن قيادة الجيش عينت الأحد، اللواء ربيع عبد الله آدم، قائدا للمنطقة العسكرية في الدمازين، كما دفعت بتعزيزات عسكرية للمنطقة المتأزمة.
ويمتلك ربيع شهادة دكتوراه في “فض النزاعات”بحسب ضباط في الجيش عملوا معه تحدثوا لـ”سودان تربيون” ، وتلقى القائد العسكري تنويرا من الأجهزة الأمنية حول تطورات الموقف قبل وصوله للدمازين يوم الاثنين.
وبدأت أعمال العنف القبلية في منتصف يوليو الفائت، بعد رفض قبائل الأنقسنا إعلان الهوسا تكوين نظارة أهلية.
وأكدت المتحدثة باسم حكومة الإقليم فواتح البشير لـ”سودان تربيون” “أن المحتجين أشعلوا النار في واجهة الأمانة العامة وبعض السيارات التي كانت داخل المقر الحكومي”.
بدوره قال عضو آلية منظمات المجتمع المدني في الإقليم فخر الدين العبيد لـ”سودان تربيون” إن آلاف المحتجين وأغلبهم من إثنية “الهمج” إحدى قبائل النيل الأزرق نظموا احتجاجات واسعة رفضاً لما أسموه تصفية بعض أبنائهم في بلدة “ودالماحي” شرق الدمازين بطريقة بشعة.
وأفاد أن المحتجين تمكنوا من اقتحام قيادة الفرقة الرابعة مشاه ورددوا هتافات مناوئة لحاكم الإقليم كما طالبوا بإبعاد قوات الدعم السريع عن المنطقة قبل أن يتوجهوا صوب أمانة الحكومة ويشعلون فيها النار
وأبدى العبيد استغرابه من عدم تدخل الأجهزة الأمنية والعسكرية لتفريق الحشود على الرغم من معرفتهم بنوايا المجموعات المتظاهرة.
وتجئ التطورات المتسارعة في الدمازين حاضرة إقليم النيل الأزرق بعد انتهاء مهلة أعلنها مك “الهمج” عبيد أبوشوتال الذي تلاحقه اتهامات بالتحريض على العنف القبلي وهي 48 ساعة حددها لإعفاء حاكم الإقليم أحمد العمدة بادي وإلغاء اتفاقية “جوبا” للسلام.
وكان أبوشوتال وجه انتقادات شديدة اللهجة لعضو مجلس السيادة مالك عقار لدى مخاطبته حشداً من أنصاره أمام مقر رئاسة الإقليم الجمعة الفائت، وحمله مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية في الاقليم.
بدوره قال الناشط بحر الدين شمس المعارف لـ”سودان تربيون” أن مسلحين هاجموا منازل “الهوسا” في أحياء النهضة والربيع أعقبه اندلاع اشتباكات دامية أوقعت قتلى وجرحى لم يتم حصرهم بعد.
وأضاف قائلاً “شاهدت أشخاص بزي مدني يحملون أسلحة ثقيلة ربما هي التي تم نهبها من مخازن الجيش، الوضع خطير والاشتباكات مستمرة وسط غياب تام للأجهزة العسكرية”.
والجمعة، فوض حاكم إقليم النيل الأزرق أحمد العمدة، قادة الجيش والدعم السريع والشرطة والمخابرات المحليين بوقف الاقتتال كما قرر فرض حالة الطوارئ لمدة شهر.
من جهتها طالبت الجبهة الثورية، حكومة إقليم الأزرق ببذل مزيد من الجهود لبسط الأمن ومنع تجدد النزاعات.
ووصف المتحدث باسم الجبهة محمد زكريا ، الانفلات الأمني والصراع القبلي في النيل الأزرق بالأمر المؤسف..
وقال لـ”سودان تربيون” إن هناك عوامل عديدة وراء ظاهرة الصراعات القبيلة في مقدمتها تهتك النسيج الاجتماعي، وتفشي النزعة القبلية جراء سياسات نظام المؤتمر الوطني البائد، وانقطاع المسار الدستوري للفترة الانتقالية وفشل مكوناتها في الوصول لتوافق جعل البلاد بلا حكومة تنفيذية لفترة عام.
وأكد أن الاستقرار الأمني والاستقرار السياسي لا ينفصلان عن بعضهما، كما أنّ تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان من شأنه أنّ يسهم في تحقيق السلام والاستقرار ورتق النسيج الاجتماعي