علاء الدين محمد ابكر يكتب .. نعم الجيش مكانه الثكنات ولكن عندما تنضج الاحزاب السياسية
*علاء الدين محمد ابكر يكتب✍️ نعم الجيش مكانه الثكنات ولكن عندما تنضج الاحزاب السياسية*
ان من اهم واجبات القوات المسلحة في كل دول العالم هي حماية الحدود والدفاع عن البلاد وليس مطلوب منها ادارة دولاب العمل السياسي الا بتكليف موقت و تحت ظروف حساسة تمس امن واستقرار البلاد وتكون في اطار صلاحيات محدودة بامر الطواري الذي يكون صادر من برلمان منتخب واستناد علي دستور الدولة ، وفي السودان ظلت القوات المسلحة مقصد الشعب عند كل ازمة سياسية كبري قد تعصف بالبلاد
والقوات المسلحة بما اشتهر عنها بالانضباط والقومية تكون موضع احترام الجميع ، فكانت ثورة اكتوبر 1964م نموذج لتلاحم الشعب مع الجيش بالعمل بانتقال سلمي للسلطة مابين حكومة الراحل الجنرال ابراهيم عبود وجبهة الهيئات التي كانت راس قيادة ثورة اكتوبر الشعبية حيث لم يحاول الراحل الجنرال عبود التثبث بالسلطة بالرغم من التوافق عليه باختياره ليكون قائد للفترة الانتقالية لحكومة ثورة اكتوبر حيث فضل الجنرال عبود التنحي ، وتكرر ذات السيناريو مع الجنرال الراحل سوار الذهب الذي التزم بفترة انتقالية عمرها عام واحد فقط لادارة البلاد عقب سقوط نظام الراحل الجنرال النميري ، وكان بالاماكن تكرار ذات السياق عقب ثورة ديسمبر اثر سقوط نظام الجنرال عمر البشير باعلان الجنرال عوض ابنعوف العامين كفترة انتقالية لتسلم بعدها البلاد الي حكومة مدنية منتخبة ولكن تحت اصرار الشارع تنحي الجنرال ابنعوف في اقل من 38 ساعة ليتولي بعدها الجنرال البرهان زمام المجلس العسكري الانتقالي وصول الي تشكيل الحكومة الانتقالية التي لم تستمر نسبة الي الاصرار علي مد اجل الفترة الانتقالية حيث البلاد كانت تحتاج الي مؤسسات مثل البرلمان المنتخب ليحدد مستقبل البلاد وهذا ماجعل حكومة السيد حمدوك تسير بدون هدي حتي سقطت بسبب عدم معرفة مشاكل البلاد بشكل جيد خاصة التي تتعلق بمعاش الناس
اذا تتكرر الاحداث وتختلف العقول الثورية و الجيل المعاصر حاول تكرار ذات السيناريوهات القديمة في ثورة اكتوبر 1964 وانتفاضة ابريل 1985 رغم اختلاف التجربتين حيث كان يعتقد البعض ان من اسباب سقوط الديمقراطية الثالثة هي قصر عمر الفترة الانتقالية التي استمرت لعام واحد فقط (1985_1986م) و لكن فات عليهم ان تجربة مابعد ثورة اكتوبر التي استمرت زهاء ستة سنوات ( 1964_ 1969م ) ولم تنجز خلالها الاحزاب السياسية شي يفيد البلاد ولم تستطيع ايقاف الحرب في الجنوب ولم تعمل بتوصيات موتمر المائدة المستديرة الذي عقد لحل مشكلة الجنوب وظلت تلك الحكومة تعيش في صراع سياسي حتي اجهز عليها انقلاب مايو 1969م اذا العلة في الاحزاب السياسية السودانية التي لا تعرف التوافق الا عندما تفقد السلطة حيث انها في المعارضة تكون اكثر همه ونشاط و لكن عندما تتولي مقاليد الحكم يصيبها الكسل والخمول فلا يوجد عندها التزام بتطبق ما اتفق عليه من مواثيق وعهود ابان فترة المعارضة
ان من اهم اسباب ضياع مكتسبات ثورة ديسمبر هو استعجال النخب السياسية في تولي زمام الحكم بدون اكتساب الشرعية الدستورية عبر اجراء انتخابات حرة كانت يمكن ان تكون لهم غطاء دولي ضد اي انقلاب قد يقع عليهم في المستقبل فالذي يحدث الان في الشارع من مواكب لا يخرج عن اطار مطالب سياسية لاحزاب فقدت السلطة وهي في الاساس لم تاتي عبر انتخابات حرة فلذلك سقطت عنها عبارة استعادة الشرعية الدستورية فالبلاد لا يوجد فيها برلمان ولا دستور ولا محكمة دستورية حتي توصف حكومة الفترة الانتقالية بالشرعية والحكومةالسابقة برئاسة السيد حمدوك برفعها للدعم عن الخدمات التي كانت تقدم للمواطنيين تكون قد فقدت الود مابينها والشعب لعدم معالجتها للاوضاع الاقتصادية حيث تجاهلت معاناة المواطنيين في العيش الكريم بالرغم من ان الثورة كان العامل الاقتصادي هو سبب رئيسي في اندلاعها
ان الاحزاب السياسية تتحمل فشل المرحلة الانتقالية باصرارها بمد الفترة الانتقالية فكان الافضل لهم الاستعجال في اجراء الانتخابات العامة خلال فترة عام واحد كان حينها الحماس الثوري في عنان السماء حتي تكتسب الثورة شرعية دستورية لكن لعدم الثقة في الفوز جعل العديد منهم يتجنب حتي ترديد كلمة انتخابات عامة
القوات المسلحة في اخر المطاف سوف ترجع الي الثكنات وهذا امر طبيعي عقب تنظيم الانتخابات العامة وقد تكرر هذا في العديد من العهود السابقة وحتي الجنرال المخلوع البشير نفسه في العام 1993م قام بحل مجلس ثورة الانقاذ وتشكيل مجلس وطني انتقالي ( البرلمان) وقد كانت خطوة في قمة الذكاء السياسي والسر خلف تلك الخطوة هو وجود حاضنة سياسية منظمة تتمثل في تنظيم الاسلامين فقد كان مرشد لنظام البشير عكس الاحزاب السياسية التي دائما ماتختلف في مابينها وذلك ما يتسبب في وقوع الانقلابات العسكرية عليها التي غالبا ما تكون من تدبير بعض الاحزاب نفسها في اطار سياسة الضرب تحت الحزام كما حدث في 17 نوفمبر 1958م عندما تم التنسيق مابين شخصية سياسية معروفة مع قائد الجيش الجنرال الراحل عبود لاستلام السلطة في البلاد وذات الشي تكرر في العام 1969 عندما وقع انقلاب٢٥ مايو كرد فعل لاقصاء حزب سياسي معروف من داخل البرلمان وذات المشهد تكرر سنة 1989م عندما نسق حزب سياسي معروف لانقلاب عسكري ضد حكومة الراحل السيد الامام الصادق المهدي
تظل المشكلة السودانية قائمة
في عدم صبر السياسين علي نضوج التجربة الديمقراطية وهذا مايجعل الجيش دائما حضور في المشهد السياسي ولم يتحرك الجيش طوال السنوات الماضية من عمر السودان من تلقاء نفسه نحو السلطة وانما كانت الاحزاب السياسية هي التي تمهد له الطريق للوصول اليها
اذا الحل يكمن في عقد موتمر قومي لدراسة الازمة السودانية مع وضع الحلول لها بمشاركة الجميع بما فيهم القوات المسلحة نفسها لوضع علاقة جديدة تحفظ للجميع حدود مسؤوليتهم كل في موقعه لاجل وطن يسع الجميع
*المتاريس*
*علاء الدين محمد ابكر*
𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺