ياسر الفادني يكتب … طلعتوا ميتينا !!
ياسر الفادني يكتب …
طلعتوا ميتينا !!
(طلعتوا ميتينا ) قصتها والعهدة علي الرواي أن اهلنا في السودان قبل المهدية كانوا يدفنون موتاهم داخل منازلهم وعندما حكم الخليفة عبد الله التعايشي أراد أن يحارب هذه الظاهرة فقرر أن يطلع (ميتين) أهل امدرمان إلي مقابر جماعية و بالتالي ميتين أهل السودان جميعا
(طلع ميتينا) صار مصطلح يطلق للشييء الذي لايرضاه المرء لنفسه و لا لأهله من غيره وهو لفظ يطلقه المصريون بصورة كثيرة لكن السوداني لا يطلقه إلا إذا وصل مرحلة بعيدة من الغضب ويمكن أن يأخذ شاكلة صرف (القنديلة ) ! وليس صرف البركاوي كما فعل البشير من قبل للخواجية ( حين زعلة) ! ، ذات مرة قالها لي جزار كنت أحاوره في زيادة حدثت لسعر اللحم فجاءة ولم يستطيع معي صبرا فصرفها لي وهو (يسنن في سكينه ) فما كان مني إلا أن (عصرت ضنبي وتخارجت سريعا ) ! ، حينها قلت في نفسي : (مالي ومال القراية أم دق وابعد عن الشر وغنيلوا) و(كتلت ملف نحو الكمونية) !
نحن الآن لا يرضينا الوضع في هذه البلاد والذي يقول غير ذلك كأنه يعيش في جزيرة نائية ومعزولة ولايدر شيئا ، الوضع أصبح كارثي الآن ، محلية المناقل الآن صارت منطقة منكوبة والكارثة التي مرت بها هذه المحلية أكبر من إمكانيات الولاية ولا والي يستطيع أن يمحو آثار الكارثة لوحده فلابد للمركز أن يتدخل بصورة عاجلة ، اعتقد أن الزيارة التي قام بها عضو المجلس السيادي لا تكفي ولا التبرع الخجول الذي تبرع به يفي بحاجة كسر من المائة من السكان المنكوبين فالسيول غمرت كل معلم وقرية ود حلاوي هي خير شاهد لذلك حتي القبور غمرتها وجرفتها وكادت أن تطلع الميتين !
الوضع الإقتصادي أيضا كارثي ، الأسرة الصغيرة لكي تاكل وتشرب تحتاج إلي مبلغ وقدره ١٠ ألف جنيه لاغير يوميا وهي تكفي لوجبات متواضعة جدا تسد الرمق وتملا البطن الجائعة فقط في حين أن مرتب العامل أو الموظف لا يكفيه لمدة خمس ايام فكيف يكمل باقي أيام الشهر إلا (غايتو يكون حاوي) ! ، حتي أصحاب العربات الخاصة اعرف الكثير منهم ( قرشوا عرباتهم ) لانها تكلف وقودا يفوق ما يدخله في اليوم وصاروا يمتطون المواصلات وحتي داخل الحافلة الراكب يستعمل مسلك غض البصر ! لكي لا يري شخصا يعرفه لكي يدفع له ! لغلاء قيمة التذكرة
اما الوضع السياسي قد تسبب في رجوع هذه البلاد نحو القهقري ، إختلاف غريب !! يحدث الآن بين الجهات السياسية ويمكن أن يحدث فجأة وبدون مقدمات في جهة واحدة كما حدث مثل الذي حدث في كتلة الحرية والتغيير التي تفرتقت إربا إربا !! ، كل يوم يحدث إنسلاخ داخل الحركات المسلحة ، قبل يومين ظهر فراق سياسي جديد الفكرة والشكل ! هو الفراق ( ذو الرقعة الورقية ) ! الذي تم بين عقار وعرمان ، أشياء غريبة تحدث في المنحي السياسي ، ثلاث سنوات أو تزيد لم يتفق السياسيون علي حكم فترة إنتقالية حتي الآن ، ثلاث سنوات لم نر إنجازا تنمويا كبيرا في هذه البلاد إلا انجاز مشروع الفشل ، مبادرات تطلق هنا وهناك وكل صاحب مبادرة يرفض الأخرى
أقول : إن السياسين في بلادي قد أتفقوا والحمد لله…. علي أن يختلفوا ! ، واتفقوا علي أن ينظر أحدهم إلي الاخر نظرة الذي ليس له وجود ولا رأي ، واتفق بعضهم علي أن يدخل الغريب فيما بينهم واتفقوا علي التموضع والتشرنق و الإنكفاء علي الذات علي رأيهم ولا رأي غيرهم ومن يقرب منهم تبرز له شوكة تخيفه ، السؤال الذي أطرحه دائما ….أليس فيهم رشيد ؟ أليس فيهم عاقل؟ أليس فيهم من يريد أن ينتشل هذا الوطن من وهدة الغرق ؟ ( إني من منصتي أنظر….حيث لا أري الآن…. إلا سياسيون طلعوا ميتينا !) .