الكلام المباح .. مني ابوالعزائم .. يوم عرفة..بعيون خواجات..
الكلام المباح
مني ابوالعزائم
يوم عرفة..بعيون خواجات..
*الجمعة 9 من ذي الحجة 1443 هــ*
*إذا فاتنا حج هذا العام فلنقرأ عنه*
*جمعة مباركة ببركة يوم عرفة ، و قد اجمع كل الذين وقفوا علي جبل عرفة روحانية المشهد ، و الاتصال فيه بأمر السماء ، وقد روى لنا عديد الاوربين غير المسلمين قدسية المشهد و روحانيته*
*الحاج يوسف الإنجليزى: بيع كسوة الكعبة القديمة للحجاج للتبرك ووضعها على صدورهم عند الوفاة*
*السويسرى إبراهيم بوركهارت: خلال جميع رحلاتى فى الشرق لم أتمتع براحة كالتى عشتها فى مكة*
*المصور الفرنسى «غيل كورتلمون»: أصوات المصلين داخل الحرم تتجمع فى صوت هائل مفعم بالإيمان*
*دومينيكو الإسبانى: الوقوف على جبل عرفات عنوان الإخوة الإنسانية*
*صبى إنجليزى جذبته حياة المغامرة فى البحر فوجد نفسه أسيرا فى قبضة مسلم جزائرى أجبره على اعتناق الإسلام وصحبه معه إلى رحلة الحج، ليجدها الشاب فرصة لمعرفة جانب آخر من هذا الدين الذى اعتنقه اسما لمدة ثلاثة عقود دون أن يعرف الإيمان طريقا إلى قلبه وبعد سنوات يعود إلى موطنه فى بريطانيا وإلى ديانته القديمة بعد أن يضع وصفا دقيقا لزفة كسوة الكعبة والمحمل المصرى وشعائر الحج. ،*
*شاب سويسرى يعتنق الإسلام ويدرس القرآن ويزور مكة حاجا بقلب خاشع، يصف دروبها وسكانها وآثارها ومقابر البقيع فيها ويقسم أنه لم يجد راحة كتلك التى وجدها فى رحاب مكة.*
*ما بين الأول «بيتس الإنجليزى» والثانى «بوركهارت السويسرى» عشرات الحكايات لمستشرقين ارتدوا ملابس الإحرام وشدوا الرحال إلى مكة منهم من قصدها حاجا مسلما، ومنهم من زارها مستكشفا، ومنهم من أراد التغطية على مهمته لخدمة الاستعمار. ورغم تباين أهداف كل من قاموا بتلك الرحلة، فإنهم قدموا تراثا معرفيا عن تاريخ الشرق ورحلة الحجيج فى القرنين الثامن عشر*
*النطق بالشهادتين، وإجراء عملية الختان، وإطلاق اللحية، وارتداء العمامة، واتخاذ اسم عربى. كان عتاد مجموعة من الرحالة والمستشرقين والجواسيس للحج إلى الأراضى المقدسة لاستكشاف الإسلام كجزء من علم الاستشراق الذى نجم عن هذا التلاقى بين الشرق والغرب، وولد نتاج حالة شغف تملكت الغربيين منذ ترجمت رواية «ألف ليلة وليلة» ووجدوا فى رحاب الحواديت أمارات الغموض والهيبة والسحر، وجاء اكتشاف حجر رشيد ليزيد حدة الولع بحضارة ولدت فى الشرق القديم فكانت منارة للحضارات المعاصرة لها والتى ورثت مجدها فيما بعد، لكنها ظلت منارة للإسلام ونقطة انطلاق لإحدى قوافل الحج الرئيسية كل عام، وموطن صناعة كسوة الكعبة وزفة المحمل سنويا. فكانت مصر حاضرة فى روايات المستشرقين عن رحلة الحج والحجيج.*
*الحاج يوسف «جوزيف بيتس» سابقا مراهق صغير لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة، سحرته حياة البحر فاختار طوعا أن يهب نفسه لها، ولم يكن فى حسبانه أن الأقدار ستؤول به إلى الأسر فى ذلك الصباح البعيد من أحد أيام القرن السابع عشر ميلادى، وقع أسيرا فى قبضة جزائرى، سلبه حريته وأرغمه على اعتناق الإسلام. لم يكن أمام «جوزيف بيتس» إلا التظاهر بأنه أضحى مسلما؛ كان يمثل حركات الصلاة دون أن يتسلل خشوعها إلى قلبه، ويصوم دون أن يمس الصيام شغاف قلبه. أوهم سيده أن نفسه عافت الخمر ولحم الخنزير بينما كان يفعل ما يحلو له كلما خلا إلى نفسه. تستمر التحولات الدراماتيكية فى حياة جوزيف ليصبح «الحاج يوسف»؛ فقد صحبه سيده لأداء فريضة الحج، ليكون «جوزيف بيتس» أول رحالة أوروبى يصف لنا رحلة الحج فى القرن السابع عشر حيث انطلق مع القافلة المسافرة من مصر. يقول «بيتس» إن هناك أربع قوافل رئيسية تتجه للحج، تنطلق الأولى من المغرب والثانية من الشام والثالثة من الهند والرابعة من مصر وهى الأكثر تنظيما وحراسة.*
*يصف لنا «بيتس» شيئا عن الحياة فى مصر فيقول إن التمييز لم يكن له مكان بين المسلمين والمسيحيين وإن رحلة الحجاج كانت دوما مهددة من جانب اللصوص.«ويتم إرسال الكسوة من مصر بفرح غامر ويتم استقبالها فى مكة بفرح غامر أيضا لدرجة أن كثيرين يبكون من الفرح، ويقوم بعض الناس بتقبيل كل جزء من الجملين حاملى الكسوة، وآخرون يرددون عبارات الترحيب ويلمسون الكسوة بأيديهم ثم يمسحون وجوههم، إنهم يفعلون ذلك وأكثر لإظهار توقيرهم للكسوة» ويخبرنا «بيتس» أن شريف مكة كان يأخذ الكسوة القديمة فيحتفظ بها أو يقطعها قطعا لبيعها للحجاج حتى الحبل الذى تربط به الكسوة، كان يقطع إلى قطع صغيرة ويتم بيعه، وكان البعض يشترون قطعا من الكسوة القديمة لتوضع فوق صدورهم مع الكفن وهناك من كان يحملها كتعويذة. وبوجدان رجل مسيحى إنجليزى لم يجد الإسلام إلى قلبه سبيلا، يوجز لنا «بيتس» رحلة الحج: «لقد كان مشهدا يخلب اللب حقا أن ترى هذه الآلاف المؤلفة فى لباس التواضع والتجرد من ملذات الدنيا برءوسهم العارية وقد بللت الدموع وجناتهم وأن تسمع تضرعاتهم طالبين الغفران والصفح لبدء حياة جديدة». مكث «بيتس» فى مكة أربعة أشهر ودخل الكعبة مرتين، وابهرته وقفة عرفات «إنه مشهد يقطع القلب بالفعل أن ترى آلافا مؤلفة من الناس برءوس حاسرة ووجنات مخضبة بالدموع وأن تسمع آهات وشهقات محزنة يتوسلون بإلحاح ليغفر الله ذنوبهم وهم يقطعون الوعود بتجديد حياتهم».*
*الجاسوس دومنيكو ليبليج «الشريف على بك العباسى» كان جاسوسا إسبانيا رحالة اتخذ الإسلام ستارا وادعى أنه من الأشراف ليسهل عليه الدخول على ذوى السلطان وإقناعهم بمخططات الاستعمار الإسبانى. تسمى باسم على بك العباسى فى المغرب، وباسم على أبو عثمان فى دمشق وكانت نهايته أن قتل بسم الاستخبارات البريطانية. ومع هذا يظل «دومنيكو ليبليج» أول إسبانى غير مسلم يقوم برحلة الحج ويصف الأماكن المقدسة وصفا دقيقا فى مطلع القرن الـ19.ورغم انغماسه فى مخططاته ضد المشرق والمغرب العربيين، فإنه لم يتمالك نفسه حين وقف أمام جبل عرفات، قائلا:*
*«إن الإنسان لا يستطيع أن يكون فكرة عن ذلك المنظر المهيب الذى يبدو فى مناسك الحج بصورة عامة إلا بعد الوقوف على جبل عرفات؛ فهناك حشد من الرجال الذين لا يحصى لهم عدد وهم من جميع الأمم ومن جميع الألوان وقد أتوا من أركان المعمورة على الرغم من المخاطر والأهوال لعبادة الله؛ فالقفقاسى يمد يده للحبشى او الإفريقى أو الهندى أو العجمى،ويشعر بشعور الأخوة مع الرجال من البرابرة من سواحل مراكش وكلهم يعدون أنفسهم إخوانا فى أسرة واحدة».وعندما تناول شربة من ماء زمزم لم يملك إلا القول: «كل الآبار التى حول مكة ذات مذاق كمذاق زمزم لكن زمزم تختلف بقوة الإعجاز».*
*رسم «ليبليج» خرائط دقيقة للمسجد الحرام وجمع عينات من الحشرات والنباتات الموجودة فى مكة والمدينة، ونال ثقة وحظوة لدى شريف مكة حتى سمح له بتنظيف وتعطير الكعبة. ولكن حياته كانت جدلية بشكل كبير، فقد كانت مادة لفيلم مغربى شهير تناول محاولات «ليبليج» إقناع السلطان المغربى بقبول الحماية الإسبانية.*
*بوركهارت الشيخ عبدالله*
*من زار قرافة باب النصر فى مصر، يعرف جيدا ضريح الشيخ إبراهيم بوركهارت الشيخ الذى عاش على أرض المحروسة عشرين عاما وتجول خلالها فى الأردن وبلاد الشام وبلاد الحجاز. قبل أن يدفن ويموت فى قاهرة المعز.*
*كان بوركهارت مجرد شاب سويسرى درس القانون والفلسفة والتاريخ، ذهب للعمل فى لندن وهناك تعرف على جوزيف بانكس المسئول عن جمعية لتشجيع الاستكشاف فى إفريقيا. كلفه بانكس بالسفر إلى وسط وغرب إفريقيا لجمع معلومات عن الحياة والبشر بها . بدأ بوركهارت الرحلة عام 1809 بعدما تعلم اللغة العربية وارتدى ملابس العرب وأطلق لحيته وسمى نفسه الشيخ إبراهيم بن عبدالله، وأعلن اعتناقه الإسلام ودرس القرآن. ثم كان موعد القاهرة معه وموعده معها عام 1812.. انطلق متجها إلى العمق الإفريقى فبدأ من النوبة وكان المكتشف الأول لمعبدأبى سمبل الذى كان الجزء الأكبر منه مدفونا أسفل الرمال، ولهذا احتفلت به وزارة الآثار المصرية منذ بضعة أعوام بوصفه المستكشف الحقيقى للمعبدوليس الإيطالى «بلونزى» وفى عام 1814 قام بوركهارت برحلته الأهم إلى مكة حيث أدى فريضة الحج وزار البقيع ووصف القبور فيه. وفى نهاية الرحلة قال: «خلال جميع رحلاتى فى الشرق لم أتمتع براحة كالتى عشتها فى مكة».*
*سنوك هور خرونيه «عبدالغفار»عندما حاول الاجابة علي السؤال لماذا يعود الحجاج الإندونيسيون ثائرين على الاستعمار؟ كان البحث عن إجابة لهذا السؤال، المحرك الأساسى للباحث الهولندى فى ثقافات ولغات الشعوب الشرقية «سنوك خرونيه» كى يقوم برحلته إلى مكة المكرمة عام 1884. أعلن إسلامه وتختن وأقام فى جدة سبعة أشهر درس خلالها الإسلام واللغة العربية ليتمكن من رصد الأحوال السياسية والاجتماعية فى مكة والتى وثقها فى كتابه المهم «صفحات من تاريخ مكة» لم يتمكن «سنوك» من حضور شعائر الحج بعد أن ارتاب فيه شريف مكة وحامت حوله الشبهات. اعتبر «سنوك» الحج نوعا من الوثنية ورأى ضرورة الحفاظ على الإسلام الذى يخلو من فكر المقاومة حتى يظل الاستعمار قائما.*
*السير البريطانى ريتشارد بيرتون «الحاج عبدالله» لم يجد أفضل من شخصية درويش مسلم كى يصول ويجول فى العالم الإسلامى دون أن ينتبه أحدهم إلى هويته الأصلية «لم أجد فى مكة ذلك الجمال الرشيق الذى يوجد فى آثار اليونان وإيطاليا ولا الفخامة المتجلية فى أبنية الهند، لكنى لم أر مثل هذه المشاهد المهيبة الرائعة فى أى مكان فى العالم.. لا نرى فى مكة شيئا مسرحيا مصطنعا ولا نرى فى لباس الحج لباس الأوبرا بل كل شىء هنا بسيط ومؤثر ويملأ العقل بخشية الله».*
*المصور الفرنسى غيل كورتلمون توفى والده وتزوجت والدته من جندى فرنسى فوجد نفسه مضطرا للانتقال إلى الجزائر 1874 وهناك احترف فن التصوير. اعتنق الاسلام وقرر أداء فريضة الحج، وذلك عام 1894 وسجل تلك التجربة الروحانية فى كتابه «رحلتى إلى مكة». كانت الرغبة فى الكشف هى دافعه الأول إلى أن وقع فى هوى الشرق حسبما أقر «كنت مدفوعا برغبة إكمال دراستى الشاملة عن المشرق المعاصر الذى طوفت فى آفاقه وأفنيت فيه شبابى إلى أن أصبحت أحبه».*
*لما بدأت رحلته لم يضع وقتا فقد أمسك بالكاميرا ليسجل معالم مكة «يوجد قصر الباشا التركى الرئيسى فى أحد الأزقة المعزولة فى الحرم بجوار الصفا وبالقرب منه توجد المطبعة الوطنية لمكة المكرمة حيث يتم طبع الكتب الدينية».*
*أما عن الحياة الاجتماعية فكتب يقول «سكان مكة المكرمة خليط من كل أجناس المسلمين بسبب موسم الحج الذى يجمع المسلمين كافة وكان كثيرون منهم يحبون أن يبقوا فى البلد الحرام فيتزوجون وينشئون حياة جديدة فيها وكان هناك كثير من التجار يأتون للحج والتجارة معا، وكثير منهم يبقى بعد الحج ولهذا كانت سوق مكة تجمع كل أنواع البضائع».ويصف كيف كانت بمكة كل ألوان البضائع المستوردة من كل بقاع العالم. كما وصف مشهد الصلاة فى الحرم «عدد المصلين كبير جدا لدرجة أن ترديد الأصوات ولو بصوت خافت يجعلها تتجمع فى صوت هائل مفعم بالإيمان».*