عثمان ميرغني يكتب .. بيان البرهان..

عثمان ميرغني.. يكتب: بيان البرهان..

أمس في الساعة السادسة مساء ألقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي بياناً مفاجئاً، لم يكن معلناً له قبل ساعات قليلة من بثه. البيان قرر انسحاب المكون العسكري من المفاوضات التي ترعاها الآلية الثلاثية، وإفساح الفرصة للمدنيين لتكوين حكومة تتولى زمام السلطة، ثم يصدر قرار بحل مجلس السيادة و تأسيس مجلس أعلى للقوات المسلحة يضم الجيس والدعم السريع تكون مهامه في الأمن والدفاع وأية قضايا متصلة بها توافق عليها الحكومة المدنية.
هذه الحكومة المدنية بشقيها الوزاري والسيادي ستحكم البلاد حتى نهاية الفترة الانتقالية بانتخاب البرلمان .

و وقبل أن ينتهي خطاب البرهان كانت الأسئلة البريئة والمستريبة تتقافز من وسائط التواصل الاجتماعي، هل هي حيلة أخرى؟ هل يخرج المكون العسكري بالباب ويعود بالشباك؟ هل تقبل بها القوى السياسية؟ هل تقبل بالخطوة لجان المقاومة؟ هل يعني هذا إنهاء إجراءات النضال المدني السلمي من اعتصامات وإضراب عام يعقبه عصيان مدني؟
الأسئلة أثارتها المفاجأة كون أن البيان لم يسبقه أية إشارات ودودة من المكون العسكري بل ارتفع مؤشر الدماء في مليونيات 30 يونيو إلى أرقام مفجعة من الشهداء والجرحى.. وبدا الأفق السياسي مغلقاً بإحكام..

ولكن بصورة مجملة، أعتقد إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، لأنها تضع المؤشر في موجة التسوية السلمية بدلاً من الاحتكام لحلبة الملاكمة التي بلغت ذروتها في المواجهة المفتوحة المعلنة..
صحيح أن الخطوة تنهي المباراة لصالح الشعب بالنقاط وليس بالضربة القاضية، ولكن الأصح أن شعباً رشيداً مستنيراً مثل شعب السودان لا يرضى أن يرى قواته المسلحة في مواجهته مهما كان الثمن.. و طالما هنا فرصة للوصول إلى حل في منتصف الطريق يحفظ ماء وجوه الجميع فالأولى أن يكون هو نهاية مرحلة محزنة وبداية تطلع لمرحلة سعيدة لا تكتفي باستعادة الفترة الانتقالية فحسب، بل تضع السودان كله في الدرج المفضي للصعود إلى مراقي النهضة والاستقرار والرفاهية..
بعد 66 سنة من الفشل السياسي وحالة الـ”لا” استقرار التي كبلت فرص النمو لدولة مترفة بالخيرات حان الوقت لتبدأ البلاد مرحلة جديدة.. مرحلة نقاهة يبدأ بعدها القفز من الثرى للثريا.
اللهم أحفظ السودان وشعبه وقواته النظامية.

مقالات ذات صلة