زملاؤها يتحدثون عنها.. الوجه الآخر للزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة
رام الله- مقابل شخصيتها، بوصفها مراسلة مهنية متزنة، يحتفظ زملاء مراسلة الجزيرة في فلسطين الشهيدة شيرين أبو عاقلة في وجدانهم بصورة أخرى تعكس الجانب الإنساني في حياتها وشخصيتها.
تحدث زملاء شيرين على انفراد لمراسل الجزيرة نت، وتوافقت أقوالهم على اجتماع خصال عدة في ابنة حي بيت حنينا بمدينة القدس، والتي اتخذت من الميدان بيتا معنويا لها.
بيت الأسرار
تقول ساندي سليمان، التي عملت لسنوات صحفية إلى جانب شيرين في مكتب رام الله وصديقةً مقربة خارج العمل، “كانت شيرين صحفية متّزنة على الشاشة، وإنسانة طبيعية وودودة جدا مع زملائها وقريبة إلى قلوبهم”.
كانت شيرين بيت الأسرار وصندوق الشكاوى لزملائها، سواء كان ذلك لقضايا تتعلق بالعمل أو في حياتهم الشخصية، “كنّا نحكي لها عن مشاكلنا، مشاكلنا هي مشاكلها”.
أحبت هدايا الورد
أحبت شيرين الحياة، كما أحبت الحيوانات الأليفة والطبيعة والزراعة الخضراء والبساطة، وحرصت على الخروج مع صديقاتها لشرب القهوة أو تناول الطعام.
“بعد كل عمل صحفي كانت ترتاح في بيتها، ثم نخرج لنشرب القهوة ونحكي عن حياتنا وأعمالنا”، تقول ساندي.
سقف معطاء
تحدثت زميلة شيرين عن جانب خفي يعرفه زملاؤها وقلة من أصدقائها: “كان اللي في إيدها مش إلها” (ما في يديها ليس لها) كناية عن الكرم.
تكشف ساندي أنها كانت تلجأ إلى شيرين لسد عوز عائلات محتاجة، “كنا نتعاون لتوفير احتياجات العائلات المحتاجة، كنت أطرح عليها الفكرة وتقول إن المبلغ جاهز بلا تردد، سواء لشراء ملابس أو أثاث أو حتى مساعدات نقدية.. كانت تحب أن تعطي بكل فرح وسرور”.
ولشيرين، التي تحمل الجنسية الأميركية، شقيق واحد، أغلب وقته خارج البلاد، “فكانت حولها مجموعة مقربة من رام الله والقدس تعتبرهم من عائلتها”.
زميلة وأخت
“اليوم خسرنا زميلة بالدرجة الأولى، وأختا بالدرجة الأكبر.. خسرنا روحا مرحة وروحا طاهرة”، هكذا عبّرت مريم سلامة منتجة الأخبار بمكتب رام الله عن حزنها على فراق شيرين أبو عاقلة.
حظي الشهداء والأسرى وعائلاتهم بأولوية في اهتمامات شيرين، فكانت لا تفوّت عيدا إلا وزارت منزل أحدهم أو أعدّت قصة عنه، كما تقول مريم.
“إنسانة غالية، حنونة، كريمة، محبة للخير وللناس، لم تكن تتردد في تغطية قصة أسير أو شهيد، وتزور منازلهم في الأعياد، كانت تشعر أنهم أولوية بالنسبة لها، لأن فرحتهم ناقصة”.
وختمت “فلسطين اليوم خسرت إنسانة غالية ومحبة للحق ولقضيتها”.
ضحكة شيرين
أما رانية زبانه، منتجة الأخبار بقناة الجزيرة الإنجليزية، فتقول إنها عرفت شيرين منذ 20 عاما “حافظَت على شخصية محبوبة، ولم أسمع يوما أن أحدا ذمّها أو اختلف معها ولو بكلمة”.
وتابعت “اتصل بنا أناس لا نعرفهم، زوجات شهداء ومعتقلين، ومتابعون وصحفيون وسياسيون..”.
تقول رانية إن شيرين وإن غابت جسدا فإنها ستبقى روحا بين زملائها، “وستبقى ضحكتها المميزة وجرأتها وذكاؤها في الوجدان”.
الفريق أهم من شيرين
في الميدان، لم يكن حرص شيرين أبو عاقلة على إجراءات السلامة وحماية نفسها أقل أهمية من حرصها على الفريق المرافق لها، كما يقول زميلها المصور راجي عصفور.
ويضيف “في الميدان كانت شيرين أشد حرصا علينا، لا تخاف على نفسها بقدر ما تخاف علينا”.
ويضيف “شيرين -رحمها الله- كانت أستاذة لنا، وأختنا الكبيرة التي نلجأ إليها في مشاكلنا، تعاملِنا بطيبة وحِنَيّة (حنان)، وعندما يكون أخوها في أميركا في الغربة كنا نعتبر أنفسنا إخوة وسندا لها”.
آخر تقرير
كان راجي عصفور آخر من صوّر تقريرا ميدانيا للشهيدة شيرين من مدينة جنين، وذلك قبل 3 أيام من استشهادها.
ومنذ تصاعد التوتر في المدينة قبل أشهر، يقيم وفد صحفي من الجزيرة في المدينة لتغطية أحداثها.
ووصلت شيرين المدينة قبل ظهر أمس الثلاثاء، وأثنت على جهود زملائها، وقالت “الله يعطيكم العافية، أبدعتهم”، وبدأت فورا في نقل رسالتها عبر البث المباشر لقناة الجزيرة، حسب عصفور.
شهيدة الميدان
واستشهدت صباح اليوم الأربعاء مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة عندما أطلق عليها جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي أثناء تغطيتها لاقتحام الاحتلال مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وجاء في بيان لشبكة الجزيرة الإعلامية “في جريمة قتل مفجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على اغتيال مراسلتنا شيرين أبو عاقلة”.
ودانت الشبكة “هذه الجريمة البشعة التي يراد من خلالها منع الإعلام من أداء رسالته”، وأضافت “نحمّل الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال مسؤولية مقتل الزميلة الراحلة شيرين”.
وطالبت شبكة الجزيرة الإعلامية المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمدها استهداف وقتل الزميلة شيرين أبو عاقلة.
وولدت شيرين أبوعاقلة عام 1971 في مدينة القدس المحتلة. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية.