البارون الأسود.. جنرال كبّد الشيوعيين هزائم بروسيا وقتلوه في بلجيكا
عقب أحداث الثورة البلشفية خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1917، غاصت روسيا في أهوال واحدة من أسوأ الحروب الأهلية وأكثرها دموية بالقرن العشرين. وقد استمرت هذه الحرب لأكثر من 5 سنوات عاصر أثناءها سكان الإمبراطورية الروسية سابقا أهوال المعارك والمجاعة والأوبئة، كالتيفوس والإنفلونزا الإسبانية، والتهجير. في الأثناء، أسفرت الحرب الأهلية الروسية عن سقوط ما يزيد عن 10 ملايين قتيل وتهجير ما لا يقل عن مليوني روسي ممن فضلوا الرحيل نهائيا عن روسيا.
وفي خضم الحرب الأهلية الروسية، برز العسكري السابق بالجيش القيصري بيوتر نيقولايفيتش رانغل (Pyotr Nikolayevich Wrangel)، الملقب بالبارون الأسود، كواحد من أهم قادة الجيش الأبيض الذين كبّدوا الجيش الأحمر خسائر جسيمة بالجنوب الروسي وأثاروا قلق فلاديمير لينين.
نجا من الموت على يد البلاشفة
إلى ذلك، ينتمي بيوتر رانغل، المولود يوم 27 آب/أغسطس 1878 بمنطقة زاراسياي (Zarasai)، لعائلة من نبلاء البلطيق الألمان. وعقب تخرجه في المدرسة التقنية بروستوف عام 1896، التحق رانغل بمعهد التعدين بسانت بطرسبرغ وتخرج فيه سنة 1901.
بحلول عام 1902، فضّل رانغل الالتحاق بفرق الخيالة بالجيش القيصري الروسي محبذا بذلك البدء بمسيرة عسكرية بعيدا عن الجامعة والحياة المدنية.
عام 1904، شارك البارون الأسود بالحرب اليابانية الروسية، حيث حصل على رتبة ملازم بحلول شهر كانون الأول/ديسمبر من نفس العام. وسنة 1906، التحق رانغل بفيلق المشاة 55 دراغون الفنلندي وشارك بالعمليات العسكرية ضد المتمردين بسيبيريا.
وفي الحرب العالمية الأولى، حصل رانغل على وسام القديس جورج وشارك بالمعارك على الجبهة الغربية ضد الألمان والنمساويين وكان حاضراً على هجوم بروسيلوف (Brusilov) بغاليسيا.
مع خروج روسيا من الحرب العالمية الأولى، فضّل البارون الأسود العودة لمنزله بيالطا في القرم. وهنالك، اعتقل الأخير من قبل البلشفيين ونجا من الإعدام بأعجوبة ليفر على إثر ذلك نحو كييف ويتطوع بصفوف القوات المعادية للبلشفيين. وبالجيش الأبيض، حصل بيوتر رانغل على رتبة جنرال وكلّف بقيادة فيلق الخيالة الأول.
اغتيال في بلجيكا
بفضل خبرته العسكرية، تمكن بيوتر رانغل من تحقيق انتصارات عديدة ضد الجيش الأحمر. فعلى رأس جيش القوقاز، تمكن الأخير ما بين عامي 1918 و1919 من السيطرة على مناطق قوبان وحوض تيريك وروستوف وتساريتسين مثيرا بذلك غضب المسؤولين بالجيش الأحمر الذين صنفوه كأخطر جنرالات الجيش الأبيض. في الأثناء، عارض بيوتر رانغل، الذي لقب حينها بالبارون الأسود لارتدائه الزي الأسود، بشدة توجهات قائد الجيش الأبيض بالجنوب الروسي أنطون دينيكين (Anton Denikin) الذي اقترح في وقت سابق تجميع قوات الجيش الأبيض لشن هجوم على موسكو.
عقب استقالة أنطون دينيكين خلال شهر آذار/مارس 1920، عيّن البارون الأسود قائدا لقوات الجيش الأبيض بالقرم. ومع استلامه لزمام الأمور، ذهل بيوتر رانغل من حجم الانهيار بصفوف الجيش الأبيض الذي عانى من نقص عددي كبير، عقب محاولة التقدم نحو موسكو التي اقترحها دينيكين، وأصبح عاجزا عن الحفاظ على مواقعه.
مع اقتراب البلاشفة من القرم عقب الخسارة التي تكبّدها الجيش الأبيض ضمن عملية شمال توريدا، نظّم البارون الأسود أواخر العام 1920 عملية إجلاء جماعية للجيش الأبيض من القرم نحو تركيا. وعقب فترة قضاها بالقسطنطينية، انتقل الأخير نحو بلغراد وباشر بإنشاء منظمة جديدة للجيش الأبيض بهدف استئناف المعارك ضد البلاشفة على الأراضي الروسية.
خلال شهر أيلول/سبتمبر 1927، هاجر البارون الأسود نحو بروكسل رفقة عائلته وعمل لوهلة في مجال الهندسة قبل أن يفارق الحياة بشكل مفاجئ يوم 25 نيسان/أبريل 1928. وعلى حسب تصريحات أفراد عائلته، اغتيل الأخير بالسم على يد أحد عملاء الحزب البلشفي في بلجيكا.