عثمان ميرغني يكتب .. هات ورقة وقلم ومسطرة..
عثمان ميرغني: هات ورقة وقلم ومسطرة..
أمس ؛ في فضاء وسائط التواصل الاجتماعي، هالني حجم كتلة الإحباط المستشري بين السودانيين (داخل السودان) بسبب طول ساعات انقطاع الكهرباء مع ارتفاع حرارة الطقس ومعاناة البعض من شح المياه..واللعنات تتطاير كالشرر ضد المعلوم والمجهول..
المعلوم عند البعض هو (ناس الكهرباء) هكذا يطلقونها بصفة عامة..
والمجهول هو فاعل مستتر تقديره كل الآخر.. الآخر سياسياً وطائفياً وربما مزاجياً..
في هذا الطقس الملبد بغيوم الغضب والتلاعن كتبت في الفيسبوك وتويتر ( “أنظرونا نقتبس من نوركم”، لا تحزنوا سيأتي يوم قريب جداً ونصدر الكهرباء للعالم، كهرباء نظيفة من ضوء الشمس وحرارتها..
أصبروا قليلاً على انقطاع الكهرباء، والله العظيم مستقبل بلادنا ساطع كشمسنا..).
في الحال انقسم المتفاعلون إلى فسطاطين ؛ مجموعة – وهم غالبية- استبشرت وبشرت بالمستقبل..
ومجموعة استصرخت كل الأوجاع والآلام وأهالت أكواماً من التراب في وجه الحل الجميل الواقعي.. وهذه المجموعة بعضها صادق في إحباطه من وطأة ما يحتمله الشعب الآن من أثقال، وبعضها ينطلق من مشكاة المعارضة السياسية التي تفترض إن كل جميل ينتجه عهد الثورة هو ذم لغيرها السياسي..
والحقيقة ما أكتبه من تفاؤل بمستقبل السودان ليس وهماً أو توهماً، هو بالمسطرة والقلم والورقة حساب مجرد من العواطف .. بواقع ما يملكه السودان من موارد وإمكانيات في مقابل الأزمات الصغيرة بحجم ما نملك .. لكن ليس معنى ذلك أن موارد السودان هي شيك على بياض قابل للصرف فوراً وبلا شروط.. لا .. نحن الآن أشبه بهداف محترف في فريق لكرة القدم تخطى كل الدفاع وأصبح على بعد مترين فقط من المرمى الخالي ،بلا حارس مرمى.. وفي قدمه 99.99% هدف محقق، ولكن مع ذلك لن يحرز الهدف إن لم ينظر أمامه جيداً ثم يركل الكرة جيداً.. بدون ذلك يفقد الفرصة ويضيع الهدف ويظلم ليل الهزيمة..
بالورقة والقلم والمسطرة نحن الآن على بعد أمتار من تدشين دولة السودان الحديثة التي يضحك شعبها على زمن كان يقف فيه طوابير أمام المخابز ومحطات الوقود والغاز.. ونستطيع تغيير واقعنا (الواقع أرضاً) وفي زمن قياسي..لكن كل ذلك رهن:
(١) أن نحلم بما نريد
(٢) أن نخطط لما نحلم
(٣) أن نعمل بما نخطط..
هل صعب علينا أن نفعل ذلك؟ هاتوا المسطرة والقلم والورقة..
نحلم بإضافة 10 قيقاوات للطاقة الكهربائية ( طبعاً من الطاقات المتجددة، الشمس والرياح)..
خلال ثلاث سنوات مقبلات..
نحول الحلم إلى خطة استراتيجية، مفصلة إلى خطط مرحلية ،مسنودة بمؤشرات لقياس الأداء..
سيكون السؤال عن التمويل، والإجابة أسهل مما يتوقع الكثيرون، في عالم اليوم المال هو الذي يبحث عن المشروعات وليست المشروعات هي من تبحث عن المال..
بعبارة أخرى المشروع إذا توفرت له ثلاثة عناصر، الفكرة السديدة المنتجةـ الضمانات ـ بيئة الاستثمار الرشيدة، فإن الأموال هي من تجري خلفه وتلهث لتخطف ثمرته..
بالورقة والقلم والمسطرة لا ينقصنا سوى الحلم والتخطيط، وإرادة النجاح بل والتفوق.