حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب .. فكرة رائعة.. الاقتصاد الشعبي..

عثمان ميرغني يكتب: فكرة رائعة.. الاقتصاد الشعبي..

إشتريت كمية كبيرة من الطماطم بسعر زهيد للغاية، فهذا موسم إنتاجه وفيه تنهار الأسعار – كما يحدث لكل المحاصيل في موسمها- بدرجة تتسبب في خسائر ضخمة للمزارعين والمنتجين، ففي قريتي “الخليلة” شمال الخرطوم كثيراً ما تخلصوا من المحاصيل برميها حين تصبح تكلفة حصادها أكبر من عائد ترحيلها وبيعها.

حسناً؛ إنخفاض الأسعار نعمة، لكن انهيارها نقمة لأن المزارع عند تعرضه للخسارة تهتز قدرته على الاستثمار في مجاله فيؤدي لخروجه من المهنة وزيادة طوابير الباعة المتجولين في إشارات المرور بالعاصمة.

يمكن تطوير “الاقتصاد الشعبي” ليخفف من مثل هذه المشكلة بل ويدعم كثيراً الاقتصاد الكلي للدولة..
قمت بتحويل الطماطم إلى صلصة، عملية بسيطة وسهلة في البيت، و لممارسة مزيد من “الاقتصاد الشعبي” استخدمت في ذلك سخاناً يعمل بالطاقة الشمسية ، سبق لي الكتابة عنه من إنتاج البروفيسور صالح حمدتو الذي يستحق فعلاً لقب “أبو الطاقة الشمسية” بالسودان، رحمه الله وأعلى مقامه في جنان النعيم، فقد رحل في صمت قبل شهور قليلة.

الناتج في النهاية أنني بذلك حصلت على صلصة تكفي لمدة عام كامل حتى الموسم القادم، بتكلفة لا تذكر، وبقيمة غذائية عالية لأنها طازجة دون الحاجة للمواد الكيميائية الحافظة..

لكن الأهم من ذلك كله، أنني بذلك عززت القيمة المضافة للطماطم ومارست درجة من التصنيع الغذائي التحويلي فدعمت بذلك المزارع المنتج.. كيف؟ سأقول لكم..

ربات البيوت إذا استخدمن فكرتي فإن الطلب سيرتفع كثيراً على الطماطم وفي عز موسم الإنتاج، مما يساعد على دعم المزارع الذي يحقق الربح بدل الخسارة مع ارتفاع الطلب والعرض معاً بصورة متعادلة. حصول المزارع على الربح المناسب سيساهم في مزيد من التجويد وزيادة الإنتاج في كل موسم مما يزيد فرص العمل والعائد على قطاع كبير من المزارعين وأصحاب المهن المرتبطة بهم.

مع ارتفاع إنتاج الصلصة المنزلية سينخفض الاستيراد مما يوفر للبلاد عملة هي فعلاً صعبة.

طبعاً هذا دون الخوض في إمكانية تشييد مصانع كبيرة تستخدم الطماطم السودانية عوضاً عن التي تستوردها وتعيد تعبئتها، فأنا هنا لا أناقش الاستثمار في المتوسط أو الكبير، بل الاستثمار المنزلي في سياق “الاقتصاد الشعبي”.

لكن الأهم في كل هذه العملية.. أنها تساهم بصورة فاعلة في فك الارتباط بين “الاقتصاد الشعبي” و “الاقتصاد الكلي” للدولة حتى لا يتأثر المواطن العادي في معيشته وطعامه بارتفاع أسعار صرف العملة الأجنبية بالجنيه السوداني.. فلا يعقل أن يتضرر المواطن العادي في سلع محلية بالكامل ولا يدخل فيها مكون خارجي.

في تقديري نحتاج لتطوير بنيات “الاقتصاد الشعبي” وتعزيز فكرة فك الارتباط مع “الاقتصاد الكلي” للدولة، وذلك بتوسيع دائرة الإنتاج المنزلي والصناعات التحويلية الصغيرة.

مقالات ذات صلة