خربشات على جداريات الحوار.. (66).. …وفد دار الوثائق السودانية…
زار مقر الامانة العامة للحوار الوطني وفد كريم من دار الوثائق السودانية يتكون من اخصائيين سودانيين في شئون حفظ الوثائق مع رئيس دار الوثائق.. كالعادة في مثل هذه الزيارات نعطي تنويرا مفصلا عن الحوار ومجرياته واهدافه وما توصل اليه حتي لحظة زيارة الوفد ونستجيب لطلبهم اذا ارادوا حضور احد الجلسات لاحد اللجان الست.. وبعد ان قدمنا ما يلينا لوفد دار الوثائق سالناهم علي غير العادة ان يعطونا ايضا تنويرا عن مهام دار الوثائق السودانية.. حقيقة كانت مفاجأة لنا بما تقوم به دار الوثائق السودانية.. لديهم خبراء متمرسون ولهم خبرات طويلة في حفظ الوثائق ولديهم اقسام فنية تختص بحفظ كل ما يعتقدون انه ارث تاريخي للوطن يجب حفظه.. يحتفظون بخطابات قديمة ووثائق تاريخية وخرط منذ عهود الاستعمار القديم وارث يخص القبائل السودانية ومصاحف مكتوبة بالأيدي.. يعرفون كيف يحفظون الوثيقة من الآفات الحشرية ومن رطوبة الجو ومن جفاف الهواء.. هناك حشرات تتغذي علي مادة السليلوز الموجودة في الاوراق وهناك بكتريا تدمر هذه الأوراق.. لا يتوقف حفظهم للأوراق فقط فهناك كتابات وخرط لم تدون علي الاوراق بل علي الاقمشة والجلود وهناك مقتنيات تاريخية يحفظونها لعل الوطن يحتاجها يوما ما.. عرفنا ان لديهم برنامجا للحفظ الإلكتروني الحديث وهو المعمول به في كل دور الوثائق العالمية لانه سهل ويحفظ المخطوطات لازمان طويلة.. عرفنا انهم يقومون بتدريب موظفيهم علي كل ما يستجد في علم حفظ الوثائق.. هؤلاء الرجال يعملون في صمت ويحفظون للوطن مقتنياته واسراره بعيدا عن اعين الناس.. ويحفظون مقتنيات وخرط خطيرة ستسهم يوما ما في اتخاذ قرارات دولية لاثبات حقوق لتبعية مناطق ضاعت من الوطن او سرقت منه في غفلة من غفلات الزمان.. والاهم من هذا انهم يسمحون للمواطنين بالاطلاع علي هذه الوثائق.. وطلاب الدراسات العليا والباحثين عن التراث والتاريخ.. عديد من الباحثين يوثقون لابحاثهم من هذه الدار.. لدينا نحن السودانيون ثقافة سالبة في هذا الجانب فتاريخنا مسروق منا ولا نهتم.. حدودنا موثقة بالخرط والمخطوطات والاتفاقيات واحيانا تنتقص باطماع جيراننا ولا نهتم ايضا.. بينما الدول تقيم الدنيا ولا تقعدها اذا انتقص منها شبر واحد.. نعطي احيانا ارضنا دون مقابل لجار لنا يحتاجها لاقامة مشروع له فيها ولا نوثق لذلك العطاء والذي احيانا كثيرة يكون لمن لا يستحق.. نحن شعب كريم حتي النخاع.. طبعنا هو العطاء وليس الاخذ.. احيانا نعطي وبلا ثمن.. نحن شعب متساهل في التفاوض.. نقتنع بالقليل ونرضي الآخرين علي حساب انفسنا.. اتفاقيات عديدة ظلمنا انفسنا فيها في الماضي ويجب ان يتوقف هذا.. فهذا الجيل الحالي يختلف عنا .. ولا أظنه يوما سيكون متساهلا في اخذ شبر من ارضه او اتفاق يظلم فيه وطنه.. تذكرت كل ذلك في شريط سريع أثناء سرد الوفد عن مهام دار الوثائق السودانية.. وتكونت لي قناعة تامة بأن نقوم في نهاية الحوار بتسليم كل واوراق ووثائق الحوار الي دار الوثائق السودانية لانها الجهة التي تحفظ للوطن وثاءقه واسراره ليس لهذا الجيل فحسب بل للأجيال القادمة.. فهذه الدار هي ذاكرة الوطن التي سيرجع لها الوطن في يوم ما.. عسي ان يكون قريبا…
برف هاشم على سالم