تحديات معسكرات اللاجئين : الطفلة اييت رستم نموذجا

تقرير : عبد الله ادريس

 

المدينة-8، الفشقة- ولاية القضارف 30-8-2021 (موفد سونا)- من داخل غرفة متهالكة وعيون اغرورقت في الدموع رسمت الطفلة ،ايت رستم ذات التسعة أعوام ما عاشته من مأساة وهي تيمم شطر السودان هروبا من صراع يدور في منطقة التقراي في بلادها اثيوبيا لتجد في هذا الكوخ في المدينة 8، ملاذا امنا لها مثلما وجد الالاف من الأطفال والبالغين.

 

والمركز هو في حقيقته نقطة طوارئ بالمدينة (٨) تم افتتاحه في يوم ٩ سبتمبر ٢٠٢٠ على عجل لمقابلة تدفقات اللاجئين التقراي في بداية الأحداث، اذ لا يبعد اكثر من ٣٧ كيلومترا عن الحدود السودانية الاثيوبية و١٣٠ كيلومتر عن مدينة القضارف.

ورغم ان الوصول اليه لم يكن سهلا ميسورا بالنسبة للاجئين الفارين من التقراي ولا بالنسبة للقادمين من داخل السودان لتقديم العون والمساعدة والتخفيف عن المجتمعات المحلية المتضررة ، إلا ان حوالى عشرين الف من الفارين من التقراي تمكنوا من الوصول إلى هذه المنطقة بما فيهم الطفلة اييت واسرتها.

الطفلة اييت رستم من التقراي تكفكف دمعها وهي تحكي عن والدها الذي كان قد أصيب بمرض عضال ألم به اثناء الفرار بحياتهم بعد رحلة من الخوف والقلق حتى الوصول للمركز من إقليم التقراي ولخمسة اشهر قضتها مع والدها في مركز المدينة (٨) بمحلية الفشقة لم يجد العلاج ولم ينفع التطبيب لتفيض روحه لخالقها، وتواجه ايت رستم مصيرا مظلما، معسكر اللجوء لا يوجد فيه من يحميها ويهتم بأمرها غير أمها التي أصبحت الان تكابد للحصول على قليل من الطعام والشراب لا يسمن ولا يغني من جوع تجود عليهم به خمس منظمات تعمل في المنطقة.

“قصة ايت هي قصة تنطبق في مضمونها مع قصص العشرات من الأطفال اللاجئين الذين يقيمون في هذا المركز” وفقا للأستاذ مصطفى أنور محمد مدير المركز، إلا ان الشيء المختلف في قصة ايت هو انها تحمل في عقلها و تحلم بأن تكمل تعليمها حتى تصبح طبية حتى لا يواجه أهلها من التقراي المصير الذي انتهى له والدها

وأشار مدير مركز طوارئ المدينة (٨) الى قلة المنظمات العاملة وضعف الخدمات وعزا ذلك إلى أن المدينة (٨) هي في الأصل مركز استقبال يقوم بتصنيف وتوزيع اللاجئين على المعسكرات التي يتم فيها توفير الخدمات.

 وأوضح أنور انهم منذ بداية الأحداث وحتى الآن استقبلوا ١٩٠٦٣ لاجئا وتم ترحيل ٤٠٧٨ منهم الي معسكر ام راكوبة و٨٩٩١ الي معسكر الطنيدبة و٦ من الارتيريين إلى معسكر الشجراب، وتسرب من المركز الى داخل الولاية ٣٠٠٠ لاجئ، ليصبح العدد الفعلي الموجود الان ٣٠٣٣. واستبعد أي زيادة في عدد القادمين إلى المركز وذلك لقفل الحدود بسبب التوترات الأمنية في تلك المنطقة ومن الجلي ان اعداد اللاجئين تفوق حتى اعداد السكان من المواطنين الذين يقطنون المنطقة و قرب المركز من المدينة يسهل من تسرب اللاجئين اليها بصورة قد تنعكس سلبا على حياة المواطن.

أكد المواطن عبدالرحمن يعقوب بخيت بانهم كمجتمع استضاف هؤلاء اللاجئين وفتحوا لهم منازلهم وقاسموهم لقمة العيش قبل حضور المنظمات بل قبل الجهات الحكومية نفسها، لكنهم في المقابل لم ينالوا حظهم من الخدمات التي توفر للاجئين، لكنه أضاف بانهم كمجتمع مستضيف استفادوا من اللاجئين كعمالة في المزارع بل تم إيجار الآليات التي احضرها بعض اللاجئين معهم وأضاف عبدالرحمن يعقوب بأن بعض اللاجئين أصحاب حرف ومهن غير موجودة لديهم لذا تم الاستعانة بهم.

وفى المقابل ذكر ان اللاجئين يستغلون بعص منازل وعقارات المدينة (٨) لذا طالب الجهات الرسمية بعمل معسكر منفصل عن مجتمعهم حتى لا تحدث احتكاكات بين أصحاب العقارات واللاجئين، كما أشار إلى ظهور بعض الأمراض الخطيرة بسبب عدم توفر خدمات طبية مناسبة للقفارين قبل تحويلهم لمعسكرات اللجوء الثابتة

وعزا عمرو حسن فضل المولى، مسؤول الحصر والتسجيل بالمركز هذا التسرب لضعف الرقابة وعدم ترحيل اللاجئين الى المعسكرات في الفترة المحددة بجانب انهم قد يسعون للعمل كايدي عاملة مع المزارعين.

وأضاف مسؤول الحصر والتسجيل انه تم حصر وتسجيل دقيق بإدخال بصمات وكل بيانات اللاجئين الذين يبلغ عددهم ٣٠٣٣ عبر برنامج إلكتروني حديث وذلك عبر فريق مشترك من معتمدية اللاجئين و المفوضية السامية لشئون اللاجئين لكنهم تفاجأوا بعد إكمال الحصر باستئثار المفوضية السامية للاجئين بتلك البيانات وعدم ترك نسخه لهم حتى يقوموا بوضع تحديد الخدمات التي يحتاج لها المركز على ضوئها وطالب القائمين على الأمر في معتمدية اللاجئين بالتدخل لمعالجة هذا الوضع.

ووفقا للإحصاءات الرسمية فان الأطفال والشباب يمثلون اكثر من ثلثي اللاجئين في هذه النقطة ويتميز الشباب بانهم متعلمون وأصحاب حرف يفتقدها المجتمع المستضيف على حد وصف السكان المحليين.

وعلى بعد خطوات من من مركز الحصر جذب الطفل رتشمان غاتوت ذو الستة أعوام الانتباه ليس بسبب البراءة التي تشع من عينيه وحدها إنما بقدرته على التواصل مع من حوله باللغة الإنجليزية والعربية معا بجانب لغته الام (تقراي) رغم حداثة عمرة.

و رغم الابهار الا انه هو الاخر صورة لمأساة يعيشها الأطفال عند اندلاع الصراع في أي منطقة ومنطقة التقراي ليست استثناء . فالطفل اليافع وصل السودان دون والديه الذين لا يعلم اين هم الآن على وجه الدقة وليس معه الا جدة هرمة تحتاج هي أيضا للرعاية. و قد اخبرهم بعض اللاجئين ان والديه قد دخلا الى السودان وهناك مساع للبحث عنهم عبر نظام التتبع الذي تقوم به المنظمات الطوعية.

 ويقول الطفل رتشمان انه عندما هجمت القوات على قريتهم (حمير) لم يكن أمامهم غير اتخاذ قرار الفرار الى السودان حتى تنجو الاسرة من القتل الذي كان مصير كل من تأخر في اتخاذ قرار الفرار.

 وأضاف انه في طريقه الى السودان رأي “مناظر صعبة” تعرض لها أبناء قوميته ولم يحس بالأمن والأمان الا بعد دخول الأراضي السودانية حيث تم استقبالهم وتقديم كل ما يحتاجون اليه، لكنه يتمني أن يجتمع شمله مع امه وابيه خاصة أنه وحيد وليس معه أحد سوى جدته وهي كبيرة في السن وتحتاج لمن يقوم برعايتها وخدمتها وهو صغير لا يقدر على ذلك. لكن المنظمات العاملة في تقفي وتتبع اسر مثل هؤلاء الأطفال قد شرعت في البحث عن اسرتها لتبعث بصيصا من الامل في واقع مأساوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *