بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار (44).. …النوم على الأرض في احد الفنادق…
بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار… (44)..
…النوم على الأرض في احد الفنادق…
من ضمن الزيارات الاجتماعية التي نقوم بها لمقرات إقامة الحركات المسلحة لتفقد أحوالهم..
كنا في زيارة لأحد الفنادق التي بها أعضاء من تلك الحركات.. اتتنا شكوى غريبة من بعض منهم انهم لا يستطيعون النوم ويطلبون مراتب في الغرف..
ذهبنا لغرفهم ظنا منا انها تحتاج إلى تغيير ولكنها كانت بمستوى ممتاز يليق بذلك الفندق ولكنهم ذكروا أن الغرض ليس تغيير تلك المراتب.. ولكنهم ينامون على الأرض ولم يتعودوا النوم فوق الأسرة ويريدون تلك المراتب ليفرشونها على الأرض لأنهم تعودوا النوم على الأرض لسنوات ولذا لم يستطيعوا النوم فوق الأسرة.. حالة من الصمت اجتاحت المشهد..
خلافات أدت أن يهجر المواطن مرقد راسه ويهجر أسرته ومزرعته وماشيته وفوق كل ذلك يحمل السلاح ويدخل الغابة ويفترش الأرض ويلتحف السماء..
أي خلاف هذا الذي يجعل إنسانا مسالما يتحول إلى شخص آخر.. الظلم احيانا يفعل ذلك وعدم الاعتراف بحقوق الأخرين يفعل ذلك وعدم القبول بالآخر يفعل ذلك…
كل ذلك يولد العداوة والبغضاء بين الناس ويشحن النفوس ضد بعضها وتتولد الكراهية بين الناس ولما تجد الكراهية من يعمق الاحساس بها في النفوس وينعدم الحوار بين الناس تدخل البندقية إذا بدلا عن صوت الحوار الهادي الذي لا يسمعه الناس الي صوت عالي غاضب ولكنه قاتل.. ويقتتل الناس فيما بينهم زمانا لكنهم سيكتشفون أن البندقية لا تحل أشكالا بل تعمق الجروح في النفس والجسد.. هناك أسباب عديدة قد تؤدي إلى العداوة بين الناس ولكن العنف لن يكون حلا لمنعها… الله سبحانه وتعالى الذي خلق الكون.. له أعداء من خلقه الذين خلقهم فبعضهم لا يؤمن به وهو القادر أن يذهبهم جميعا ويأتي بخلق آخر ولكنه لا يفعل ويعطينا درسا في الحل بالحوار.. فسبحانه يحاور الشيطان ويحاور ملائكته ورسله فما بال الإنسان لا يحاور أخاه الإنسان..
كل العداوات في الدنيا التي تحولت إلى حروبات وحمل فيها الإنسان البندقية في وجه أخيه الإنسان لم تستطع البندقية أن تصفي النفوس ببعضها لذا تركها الإنسان واصبح يحملها فقط للدفاع عن وطنه إذا اسرجت الخيول ودعي الوطن أبناءه للدفاع عنه ضد مغتصب غريب عنه يطمع في خيرات أرضه.. أما أبناء الوطن الواحد فلا ينبغي أن يحمل أحدهم بندقية يوجهها إلى صدر مواطن آخر ولا ينبغي أن تنطلق رصاصة سودانية من بندقية سودانية لتخترق صدر مواطن سوداني آخر.. سنظل نطرق ولن تفتر لنا عزيمة في دق الأبواب حتى يجد الحوار مدخلا
ويصبح وسيلة لحل مشاكل الوطن وتندمل كل الجروح التي أحدثتها البندقية في جسد الوطن ونفس المواطن…
بروف هاشم على سالم