ابراهيم عثمان يكتب: لا تلوموا ضياء الدين !
وجهة نظر .. ابراهيم عثمان
الخرطوم-اثيرنيوز
هناك قوانين عدة عاملة في كل زمان، لكنها الآن تعمل بأقصى طاقتها بسبب توفُّر مقومات اشتغالها جميعاً، هذه القوانين تجعل تصريحات البعثي محمد ضياء الدين مفهومة وطبيعية وتشبهه وتشبه المرحلة .. فخطاب المشانق والمقاصل :
▪️ يتناسب طردياً مع حجم الفشل، والرجل يقع تحت ضغطي الفشل العام وفشله الخاص، وقد حاول قبل عدة أسابيع أن يقارن بين الإثنين ليقول إنه جزيرة نجاح في محيط من الفشل حين وصف قراره بمضاعفة تعرفة بصات ولاية الخرطوم بأنه يمثل انحيازاً للكادحين في زمن الفوضى وتقسيم الخطوط ومضاعفة التعرفة بأكثر مما فعل !
▪️ يتناسب طردياً مع حجم الضيق بالآخر وعدم تحمل الاختلافات، وللبعثين من ذلك ما منع تعايشهم داخل حزب فكة واحد، فتفرقوا في عدة بعوث ( لعلها أربعة)، وقليلون هم الذين يستطيعون التفريق بين أفكارها وبرامجها ويعرفون أسماء قادتها، وأيها يتبع للعراق وأيها يميل إلى سوريا.
▪️ يتناسب طردياً مع معدل حضور المشانق كأدوات في العمل السياسي ومعدل لإيمان بالعدالة واستقلال القضاء في التجارب الأم الملهمة، ومع حجم التبعية لهذه التجارب، وهذه التناسبات تعمل بأقصى طاقته لدى البعث.
▪️ يتناسب طردياً مع حجم الإطمئنان إلى أن ردود الفعل لن تتجاوز الكلام، فالبعثيون، على قلة عددهم، صالوا وجالوا وأزعجوا النظام السابق، ولا يوجد سياسي واحد منهم قد عُلِّق على مشنقة طوال الثلاثين عاماً، وكاذبٌ من يزعم بأن الإسلاميين كانوا يستطيعون أن يفعلوا ذات الشئ في عراق صدام وسوريا الأسد وينجوا من المشانق .
▪️ يتناسب طردياً مع حجم الخوف من السقوط، والكل يعلمون أن حسابات دقيقة ومتحركة خارجية وداخلية هي التي تبقي أحزاب الفكة اليسارية على رأس السلطة في ظل الفشل المشهود .
▪️ يتناسب عكسياً مع وجود البرنامج المقنع والفكرة الجذابة التي يستميل بها الحزب قلوب الجماهير ويحرك بها حماسهم، والرجل ليس له بضاعة يعرضها سوى الكراهية، أملاً في أن الحالة القطيعية ستجلب لحزبه مناصرين لا يجمعهم به سوى العداوة المشتركة.
▪️ يتناسب عكسياً مع استقلال القضاء وسيادة العدالة، ونحن في زمن يستطيع فيه وجدي أن يفصل من يشاء من القضاة، ولذلك من الطبيعي أن يملي ضياء الدين على الباقين نوع الأحكام التي يريدها.
▪️ يتناسب عكسياً مع حجم الحزب، وحزب الرجل من الصغر بحيث أن معظم السودانيين لا يعلمون إلى أي البعوث ينتمي وما هو موقعه في الحزب . ويعلمون أن مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تصدر من حزب الأمة مثلاً.
▪️ يتناسب عكسياً مع الثقة في النفس والإطمئنان إلى خيارات الحكومة وتعبيرها عن قناعات الحزب، والحكم القائم يعادي العروبة كعداءه للشريعة ويذمها في المناهج، ويطبع مع إسرائيل، ويطيع الإمبريالية، وبين مسؤوليه أكثر من جلبي وأكثر من كرزاي، ولولا أن البعث أصبح يسمسر بقناعاته المزعومة، ولولا أنه لا يستطيع أن يحكم إلا في أجواء الخم الانتقالي، لكان في مقدمة معارضي الحكومة القائمة.
كل هذه التناسبات الطردية والعكسية تعمل بأقصى طاقتها وتجعل الرجل يتحدث بهذه الطريقة، ولذلك فهو معذور ولا يجب القسوة عليه في الردود.
إبراهيم عثمان