لماذا تركت القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي ظلال الناس محفورة على الأرصفة؟
وكالات اثيرنيوز
الظلال المطبوعة على الأرصفة
قبل 76 عاما، ألقت طائرة أمريكية قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية، تلاها قصف ثان عقب 3 أيام، في مدينة ناغازاكي، في ما كان بمثابة أول استخدام للأسلحة الذرية في الحرب.
وعثر على ظلال سوداء للبشر وأشياء مثل الدراجات، منتشرة عبر الأرصفة والمباني في هيروشيما وناغازاكي، في أعقاب الانفجار الذري الذي فجر فوق كلا المدينتين في 6 و9 أغسطس 1945، على التوالى.
ووفقا للدكتور مايكل هارتشورن، الوصي الفخري للمتحف الوطني للعلوم النووية والتاريخ في البوكيرك في نيو مكسيكو، وأستاذ الأشعة الفخري في كلية الطب بجامعة نيو مكسيكو، عندما انفجرت كل قنبلة، انتشر الضوء الشديد والحرارة من نقطة الانهيار.
وعادة، إذا وقف جسم ما أمام مصدر الضوء، فإن ظله يتكون أمامه على الرصيف أو الجدار، ولكن، عندما وقعت الانفجارات الذرية كان هناك ضوء مع حرارة شديدة.
وأثرت الحرارة على الأسطح والجدران والأرصفة، ما أحدث تغييرا في لونها، لكن الأجسام (مثل البشر أو الدراجات وغيرها) في طريقها، امتصت أجزاء من الضوء والطاقة، فأنار الضوء المحيط الخرسانة أو الحجر حول “الظل”، الذي يتكون بفعل الضوء، ما سمح له، بأن يبقى على حاله إلى اليوم.
وبعبارة أخرى، هذه الظلال المخيفة هي في الواقع انعكاس لما بدت عليه الأرصفة أو الجدران، إلى حد ما، قبل الانفجار النووي.
مدعوم من الانشطار
الطاقة المكثفة المنبعثة أثناء الانفجار الذري هي نتيجة الانشطار النووي. ووفقا لمؤسسة Atomic Heritage Foundation، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن العاصمة، يحدث الانشطار عندما يضرب نيوترون نواة ذرة ثقيلة، مثل نظائر اليورانيوم 235 أو البلوتونيوم 239 (النظير هو عنصر يحتوي على عدد متفاوت من النيوترونات في نواته) أثناء الاصطدام، تتفكك نواة العنصر، وتطلق كمية كبيرة من الطاقة. ويبدأ الاصطدام الأولي بتفاعل متسلسل يستمر حتى استنفاد كل المواد الأصلية.
اكتشاف مذهل في حطام أول اختبار للقنبلة الذرية عام 1945!
وقال أليكس ويلرستين، الأستاذ المساعد لدراسات العلوم والتكنولوجيا في معهد ستيفنز للتكنولوجيا في نيوجيرسي: “يحدث التفاعل المتسلسل في نمط النمو الأسي (تعبير رياضي يصف عملية تزايد) الذي يستمر لمدة ميلي ثانية أو نحو ذلك. وهذا التفاعل ينقسم نحو تريليون، تريليون ذرة في تلك الفترة الزمنية قبل أن يتوقف التفاعل”.
وكانت الأسلحة الذرية المستخدمة في هجمات 1945 يغذيها اليورانيوم 235 والبلوتونيوم 239، وأطلقت كمية هائلة من الحرارة وإشعاع غاما على الموجات القصيرة جدا.
وتتدفق الطاقة كموجات فوتونية ذات أطوال متفاوتة، بما في ذلك الموجات الطويلة، مثل موجات الراديو، وفي الموجات القصيرة، مثل الأشعة السينية وأشعة غاما. وبين الموجات الطويلة والموجات القصيرة تكمن أطوال موجية مرئية تحتوي على الطاقة التي تراها أعيننا على أنها ألوان.
ومع ذلك، على عكس الطاقة ذات الموجات الأطول، فإن إشعاع غاما مدمر لجسم الإنسان لأنه يمكن أن يمر عبر الملابس والجلد، ما يتسبب في التأين، أو فقدان الإلكترونات، ويؤدي إلى تلف الأنسجة والحمض النووي، وفقا لجامعة كولومبيا.
وأفادت مجلة Real Clear Science أن إشعاع غاما المنبعث من القنابل الذرية ينتقل أيضا كطاقة حرارية يمكن أن تصل إلى 5538 درجة مئوية.
وعندما تصطدم الطاقة بجسم ما، مثل دراجة أو شخص، يتم امتصاص الطاقة، ما يؤدي إلى حماية الأشياء الموجودة في المسار وإنشاء تأثير تبييض خارج الظل.
وفي الواقع، كان هناك العديد من الظلال على الأرجح في البداية، لكن “معظم الظلال كانت ستدمر بفعل موجات الانفجار اللاحقة والحرارة”، كما أخبر هارتشورن موقع “لايف ساينس”.
ومع مرور الوقت، أثارت العواقب طويلة المدى للإشعاع المنبعث من كل قنبلة أسئلة مهمة حول استخدامها. وفُقدت العديد من الظلال المحفورة في الحجر بسبب التجوية والتعرية بفعل الرياح والمياه. وتمت إزالة العديد من الظلال النووية وحفظها في متحف هيروشيما التذكاري للسلام للأجيال القادمة للتفكير في هذه الأحداث.
وقال ويلرستين: “أعتقد أنه من المهم للغاية أن نأخذ في الاعتبار عواقب استخدام الأسلحة النووية. من السهل جدا اعتبار هذه الأسلحة على أنها أدوات لفن الحكم وليست أسلحة دمار شامل. تعمل الظلال النووية بمثابة تذكير قوي بالتكلفة البشرية لاستخدام الأسلحة النووية”.
المصدر: لايف ساينس