رسالة الغنوشي .. بقلم د. صديق مساعد

رسالة الغنوشي
بقلم د. صديق مساعد

في مثل هذا اليوم وقبل أكثر من عقد من الزمان تحدث راشد الغنوشي حول شعار الإسلام هو الحل وقال عن الشعار عبارة ذات دلالة فقال هذا شعار فارغ تماما مثل قولك الطب هو الحل لمشكلة المرض وهو شعار دون مضمون فإذا فشل الساعون لبناء كيانات سياسية على اساس المواطنة التي تستوعب قوي المجتمع السياسية من إسلاميين وعلمانيين ذكورا واناثا وشيعة وسنة مسلمين ومسيحيين يكون ذالك باعثا على تكذيب شعارهم الإسلام هو الحل بل في فهمهم للإسلام وتطبيقه ..

هذا القول الذي أدلى به الغنوشي، واستشهد به الراحل المقيم دكتور منصور خالد في مذكراته وتحديدا في المجلد الثاني يقف هذا الاستفهام الكبير شاخصا أمام اللهاث خلف هذا الشعار فارغ المحتوى الذي لم يجلب لنا على سبيل المثال الا المحن والكروب التي اناخت بكلكلها وباضت وافرخت سوءا مثل احمر ثمود ويبدو أن جذور هذا الشعار تغني به الإخوان المسلمين حينما قامت دولة باكستان بعد استيلاء أيوب خان على الحكم فيها وكانت القاعدة الفكرية للإخوان هي افكار ابو الأعلى المودودي رغم أن ذاك النموذج كان متهما من بعض علماء المسلمين مثل ماقال به الجزائري مالك بن نبي الذي وصف تلك الدولة وقتها بأنها صنيعة أعدتها بريطانيا من أجل احداث شرخ في جدار جبهة كفاح الشعوب ضد الاستعمار..

قال أيضا أن هذا سيخلق عداوة متبادلة بين الهند وباكستان ويكون أثرها عزل الإسلام عن الشعوب الهندية والحيلولة دون قيام اتحاد هندي.. كتاب مالك بن نبي. في مهب الريح..

يبدو أن هؤلاء العلماء كانوا الاثقب نظرا عكس ماحدث في السودان عبر تجربة كانت من أسوأ التجارب فلقد سطا البشير على السلطة تنفيذا لرغبة حزب ذو عقل انقلابي شمولي ارتد بالبلاد إلى إلى ساحات العصور الوسطى فصادر الحياة الحزبية وحينما أراد أن يوجد له زخما لجأ إلى التحالفات القبلية والاثنية

فظهرت على مسطحات حياتنا السياسية مجالس شورى القبائل على المشهد السياسى بل قاد النظام حربا قبلية في دارفور على أسس عرقية ودخل قاموس السياسة السودانية كلمة عرب وزرقة بل ذهب نظام الإنقاذ ابعد من ذلك إذ شن حربا لقوحا عوان ضد أهل الجنوب باسم الجهاد المقدس كأنما مشركي مكة وثقيف بعثوا في توريت بل بلغ الهوس المهوس أن يعقد لصرعي الحرب الاهلية على حور الجنان في عرس كما جاء في سفر الهوس عرس الشهيد وتوالت ماسي الشعار اذا ضاع جنوب السودان والفشقة الكبرى والصغرى ثمنا لجريمة محاولة اغتيال مبارك وذهبت حلايب وشلاتين وابو رماد ثمنا لصمت مصر من اثام محاولة الاغتيال واحترقت دارفور بعد أن نزفت كثيرا والنيل الأزرق وجنوب كردفان في عهدهم الميمون وكان عدد قوات الأمم المتحدة بالسودان أكثر من عدد القوات التي أتت تحت رايات كتشنر…..

والان بدأ كادر الحزب المغبور يتحدث عن مصالحة بعد كل ما ارتكب في حق الوطن فلو كان كادر الكيزان صادقا فليبحث عن مصالحة مع النفس اولا ويقوم بعمل مراجعات فكرية ويحدد مواقفه بشكل واضح لا لبس فيه من الانقلابات وقضية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وهذه طبعا قضايا تهز ثوابت فكر المؤسس حسن البنا ففكرته لم تقم على، أسس ديمقراطية اوقبول الآخر ولم تنهل من مدارس، الديمقراطية الليبراليه ودولة القانون بل كانت مشدودة ومعطونه في التجربة الفاشية الإيطالية والنزعة النازية ولم يقم كادر الحركة الاسلامية بنقاش هذه القضايا لأن التنظيم صمم على، الطاعة غير المبصرة وجهد مثل هذا يحتاج إلى جساره وكادر ذو ملكات وقدرات فكرية وفلسفية فحركة الإصلاح الديني في أوربا حينما شقت طرقاتها نحو الاستنارة كان سلاحها المراجعات الفكرية العميقة وحينما اسرجت قناديل عصر الانوار منهلا للضياء لم يكن عصر أنوار ونهضة لولا جساره النقاد الذين لم يلوكوا العبارات بل صدحوا بالحق وقاموا بنقد تفكيكي لكل ما يظنه البعض ثوابت فابحرت سفينة التجديد في بحار جديد وتعاملت مع تيارات ورياح عواتي..

لكنها عبرت…… ويمكن لعملية المراجعات قد تصطدم بأهل المصلحة من التيارات المتشددة التي ترى في التصحيح والمراجعات وئد لمصالحها ومكاسبها الخاصة لكن ان وجد الصدق والتصميم سيتم العبور رغم أنف حراس الأرثوذكسية وكهنة المعبد.
دكتور صديق مساعد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *