مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني : بطل الأخلاق والقيم السودانية.. رجل سوق ليبيا العفيف النظيف .. حين توضأ واللصوص ينهبون أملاك المواطنين ..

أدار لهم وجهه فتوضأ وتطهر وتأمل و أستغفر ، وقد كان حينها يوزع نظرات الشك و الحيرة والتأسي والدهشة بل نظرات الحزن والاسي لشباب بعضهم من ابناء السودان وكثر قد جاءوا من البلاد البعيدة (غرب أفريقيا) ، توضأ وأزال غبار ركدهم نحو اللصوصية وتسابقهم في الكسب الحرام .
الحاج الذي ظهرت ملامح وجهه واضحة في لقطات مصورة (فيديو) ، وهي الحادثة التي جرت وقائعها بساحات من ساحات سوق ليبيا ، وربما كان ذلك بعد أربعة او خمسة أشهر من حرب 15 أبريل 2023م .
الواقع ان من صور هذا الفيديو قد ابدع في إخراجه ، وبكل تأكيد هو شخص موهوب ومرهف الاحساس بل ان حسه الفني والامني والثقافي عالي ، لانه قد اخرج لنا هذا الفيديو بطريقة الأفلام الوثائقية التي كانت تتحدث لوحدها دون تعليق او ترجمة او موسيقي مصاحبة فاللقطات المصورة كانت كافية وتحكي عن نفسها ، فقد جمع هذا المصور البارع في الكادر الرجل الستيني الذي يرتدي الزي السوداني كاملا وحوله وخلفه ذلك الزخم والحراك الاجرامي ، فالرجل وضع أمامه قارورة مياه وربما كان الوقت ظهرا ، اذ أفلح المصور في الجمع في مابين صورة الرجل وهو يتوضأ ويتطهر وخلفه وحوله اللصوص ينهبون ويتسابقون في أعمال اللصوصية الاجرام ، انهم مجموعة أشخاص قد تأذي منهم المجتمع السوداني فهم فقد احترفوا اللصوصية والنهب والتعدي علي المحلات التجارية المملوكة لمواطنين جمعوها بعرق وشقي السنين.
أظهرت اللقطات المصورة انه في الوقت الذي بدأ فيه
اللصوص يتبارون من أجل النهب والسلب والسرقة وقتها أخرج الرجل الطاهر النقي سلاحه الفتاك وهو سلاح الدين والمثل والقيم ، سلاح صامت أراد أن يقاوم به سوء اخلاق وسوء سلوك هؤلاء اللصوص الذين لم يردعهم دين ولا أخلاق ولامثل ولاقيم او تربية ، فقط كان كل تركيزهم وهمهم هو نهب وسلب وسطو ممتلكات الآخرين .
اخرج الرجل سلاح الفريضة الربانية وهو عبارة عن (قارورة مياه) فتوضأ منها في وسط هذا الجو المفعم بكل ماهو سيء وقبيح ومنبوذ ومكروه ، توضأ وقد كان وقتها يتأمل في صمت وربما يسألهم في صمت الا تخافون الله وانتم تضحكون وكأنكم سعداء بتلك السرقات وجمع المال الحرام الذي تريدون أخذه الي منازلكم واطعام اطفالكم .
يالها من مفارقة غريبة وعجيبة بين الطهر والنقاء وحسن الخلق وبين القبح وسوء الخلق وامتهان اللصوصية والنهب والسرقة.
والفيديو الذي كان قد أخذ حيزا واسعا من الانتشار ووجد وقتها ذلك الشيخ الستيني الذي يشبه السودان الذي نعرف ،
وجد الثناء والتقدير الاشادة ونال الإعجاب من معظم قطاعات الشعب السوداني المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي من شاهدوا الفيديو ومن سمعوا عنه فقط .
فالان وبعد تحرير الخرطوم جدير بأن يجد هذا الرجل التكريم اللائق الذي يستحقه ، فهو حقا نموذج للسوداني الأصيل ، فليبحث عنه والي الخرطوم النشط ، ولتتدافع كل ام درمان لتكريمه و الاحتفاء به.
فالأخلاق والقيم والمثل السودانية السمحة قد اصيبت في مقتل منذ سنوات خلت وازدادت سوءا وتدهورا في الخمسة أعوام الأخيرة.
فالامم اخلاق وقيم فان فقدتها فقد سيضيع كل شي في المجتمع وتسقط الدولة ، لان
الاخلاق الحسنة هي أعظم ما تعتز به الأمم وتمتاز عن غيرها ، والأخلاق تعكس ثقافة الأمة وحضارتها ، وبقدر ما تعلو أخلاق الأمة تعلو حضارتها وتلفت الأنظار لها ويتحير أعداؤها فيها ، وبقدر ما تنحط أخلاقها وتضيع قيمها تنحط حضارتها وتذهب هيبتها بين الأمم ، وكم سادت أمة ولو كانت كافرة وعلت على غيرها بتمسكها بمحاسن الأخلاق كالعدل وحفظ الحقوق وغيره ، وكم ذلت أمة ولو كانت مسلمة وضاعت وقهرت بتضييعها لتلكم الأخلاق.
و نردد مع شاعر الحكمة
شوقي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
ورُويَ في الأثر: «إنَّ لكلِّ مُسِيءٍ توبةً، إلا صاحبَ سوءِ الخُلُقِ؛ فإنَّه لا يتوبُ من ذنبٍ إلا وقعَ في شرٍّ منه “”