تدخل القوات المسلحة السودانية في إدارة الاقتصاد والخدمات بين الضرورة والتحديات .. بقلم: محمد مأمون يوسف بدر

تدخل القوات المسلحة السودانية في إدارة الاقتصاد والخدمات بين الضرورة والتحديات
بقلم: محمد مأمون يوسف بدر
Mosudanuk@gmail.com
جنود الوطن لبو النداء خاضو المعارك بالدماء
في أعقاب الحرب التي شهدتها البلاد بين القوات المسلحة السودانية ومرتزقة الدعم السريع، دخل الاقتصاد السوداني في مرحلة حرجة من التدهور. لم تكن هذه الحرب مجرد صراع عسكري، بل كانت أيضًا هجمة شرسة على الهوية السودانية والبنية التحتية للبلاد، حيث تم تدمير المرافق العامة من كباري وطرق ومحطات كهرباء ومياه وغيرها. هذا التدمير لم يترك فقط أثرًا ماديًا، بل خلّف أزمة إنسانية واقتصادية طاحنة، جعلت المواطنين يعانون من نقص الخدمات الأساسية وفي هذا السياق، يبرز سؤال حول ضرورة تدخل القوات المسلحة السودانية في إدارة الاقتصاد والخدمات، خاصة في ظل غياب البدائل الفاعلة. ولكن هل هذا الحل هو الأمثل؟ وكيف يمكن الاستفادة من تجارب أخرى، مثل تجربة الجيش المصري في إدارة الاقتصاد؟
* تدمير البنية التحتية: أزمة متعددة الأبعاد
أحد أبرز نتائج الحرب كان تدمير البنية التحتية للبلاد من قبل مرتزقة الدعم السريع وهي الكباري والطرق التي كانت تربط بين المدن والولايات تحولت إلى ركام، مما عزل مناطق كاملة وأعاق حركة التجارة والتنقل. محطات الكهرباء والمياه تعرضت للتخريب، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه الصالحة للشرب في العديد من المناطق. هذه الأزمة لم تكن فقط اقتصادية، بل كانت أيضًا إنسانية، حيث أصبحت حياة المواطنين في خطر بسبب نقص الخدمات الأساسية.
في مثل هذه الظروف، يصبح تدخل القوات المسلحة في إدارة الاقتصاد والخدمات أمرًا ملحًا. فالجيش يتمتع ببنية تنظيمية قوية وقدرة على العمل في ظل الظروف الصعبة، مما يجعله قادرًا على إعادة بناء البنية التحتية وتأمين الخدمات الأساسية بسرعة وكفاءة.
* دور القوات المسلحة في إدارة الاقتصاد: تجارب عالمية
في العديد من الدول، تلعب القوات المسلحة دورًا مهمًا في إدارة الاقتصاد، خاصة في أوقات الأزمات. على سبيل المثال، في جمهورية مصر الشقيقة ، يلعب الجيش المصري دورًا كبيرًا في الاقتصاد من خلال امتلاكه للعديد من الشركات والمشاريع الكبرى في مجالات مثل البناء، الطاقة، والخدمات اللوجستية. هذه التجربة تعتبر ناجحة إلى حد كبير ، حيث ساعدت في تحقيق استقرار اقتصادي في فترات الأزمات والي الان .
في السودان، يمكن للقوات المسلحة أن تلعب دورًا مشابهًا. فبالإضافة إلى قدرتها على تأمين المناطق المتضررة وإعادة بناء البنية التحتية، يمكن للجيش أن يساهم في إدارة المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تحتاج إلى تنفيذ سريع وفعال. كما يمكن للجيش أن يعمل على تأمين الموارد الطبيعية وحمايتها من النهب والفساد، مما يساعد في تعزيز الاقتصاد الوطني.
تتمتع القوات المسلحة السودانية ببنية تنظيمية قوية وقدرة على تنفيذ المشاريع بسرعة وكفاءة. في أوقات الأزمات، تكون السرعة عاملًا حاسمًا في إنقاذ الوضع.
يمكن للجيش أن يوفر الأمن اللازم لتنفيذ المشاريع الاقتصادية، خاصة في المناطق التي تعاني من عدم الاستقرار الأمني.
في العديد من الحالات، تكون المؤسسات العسكرية أقل عرضة للفساد مقارنة بالمؤسسات المدنية. هذا يمكن أن يساعد في ضمان أن الموارد تُستخدم بشكل فعال.
من خلال إدارة الموارد الطبيعية والمشاريع الاقتصادية، يمكن للجيش أن يساعد في تعزيز السيادة الوطنية والحد من الاعتماد على الخارج.
* تجربة الجيش المصري: دروس مستفادة
تجربة الجيش المصري في إدارة الاقتصاد تعتبر نموذجًا يمكن الاستفادة منه. فمن خلال امتلاك الجيش للعديد من الشركات والمشاريع الكبرى، ساهم في تحقيق استقرار اقتصادي في فترات الأزمات والي الان .
في السودان، يمكن الاستفادة من تجربة الجيش المصري من خلال تعزيز دور القوات المسلحة السودانية في إدارة المشاريع الاقتصادية الكبرى، مع الحرص على عدم إضعاف القطاع الخاص وضمان الشفافية والمساءلة.
أن تدخل القوات المسلحة في إدارة الاقتصاد والخدمات قد يكون حلاً جزرياً لإنقاذ الوضع ومع ذلك يجب أن يكون هذا التدخل سريعاً ، مع الحرص على تعزيز دور المؤسسات المدنية وضمان الشفافية والمساءلة. كما يجب أن يكون هناك تركيز على إعادة بناء البنية التحتية وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين.