عثمان جلال يكتب : المهددات المحلية والاقليمية والدولية لسيطرة آل دقلو على السودان (2/1)

(١)
يرى فلاسفة الفكر السياسي ان اكبر تهديد للدولة في مرحلة الهرم هو استقواء الرئيس بالمرتزقة لحراسة سلطته الشخصية ، وعندها ستكون العلاقة بين الرئيس والمرتزقة لا علاقة عصبية وتعاضد وتناصر كما كان الامر أول الدولة مع عصبيته وأهل الشوكة بل تصبح علاقة المؤجر بأجرائه ، وبمقدار ما تزداد حاجة صاحب الدولة إليهم بمقدار ما يتقوى مركزهم ويتسع نفوذهم ويصبحون خطرا على الدولة بتعبير بن خلدون.
إن المرتزقة قيادة وجماعة دينهم المال وشرفهم الارتزاق ،هكذا انتهك حميدتي الاعراف والقيم بدءا مع زعيمه الشيخ موسى هلال فاعتقله وهو في صيوان عزاء والدته وقتل شقيقه . ثم وأد قيم الوفاء مع الرئيس السابق البشير الذي صنعه من بين فرث ودم وظل يباهي به ( حميدتي حمايتي) ، وانقلب على قوى الحرية والتغيير بعد قرارات 25 اكتوبر ٢٠٢١م . ثم غدر بالفريق أول البرهان الذي تعهده بالرعاية منذ احداث دارفور 2003م ورفعه الى منصب الرجل الثاني في الدولة بعد توقيع الوثيقة الدستورية اغسطس 2019م.
(2)
ان ثقافة المرتزق العنف والدموية اذا خطط لاستلام الدولة ، هكذا كان سلوك حميدتي فبعد انتفاضة ديسمبر 2018 ، تبنى شعارات الديمقراطية والدولة المدنية بينما كان في الخفاء يغذي حالة الاضطرابات والمظاهرات ومعلوم ان الديمقراطية تدمر ذاتها عندما تصل حدها الأقصى من الفوضى وصعود الغوغاء وتكون النتيجة قفز الطاغية الى الحكم تحت شعارات انقاذ البلاد من الفوضى هكذا كان طغاة الاغريق يظهرون عند الازمات ،وهكذا خطط حميدتي لاستنزاف الدولة السودانية وانهاك طاقاتها الشبابية للانقضاض عليها وتشييد مملكة آل دقلو ووأد قضايا البناء الوطني والتحول الديمقراطي المستدام.
(3)
ان المرتزق دينه وشرفه المال لذلك يعمل على شراء ذمم الرموز المؤثرة في المجتمع والدولة والسياسة ، ثم يسعى الى توظيف تناقضات القوى السياسية الوطنية لصالح طموحاته في السلطة ،هكذا كان سلوك المجرم حميدتي فقد سعى بدءا للتحالف مع التيار الاسلامي للانقلاب على حكومة الفترة الانتقالية ،ولأن قيادات التيار الاسلامي تدرك ان التحالف مع البندقية العشائرية المجردة من الاخلاق ، والمشروع السياسي سيؤدي الى سلطة استبدادية سلالية مطلقة ، وحرب الكل ضد الكل ،وتفكك وانهيار الدولة السودانية لذلك رفضت التحالف معه بل وحذرته بأن التيار الاسلامي الوطني سيصطف الى جانب الجيش والشعب اذا اقدم على هذه المغامرة الرعناء وقد كان.
عندما يئس المجرم حميدتي من التحالف مع الاسلاميين، نزع إلى توظيف حالة الاسلاموفوبيا لاستقطاب الدعم الإقليمي والدولي، وبناء حاضنة سياسية مدنية قوامها قوى الحرية والتغيير بتحوراتها المختلفة. ثم تقمص لرعاته في الخارج شخصية المنقذ من الاسلاميين وايقونة الدولة المدنية العلمانية ، وأبعد النجعة في الدجل عندما تقمص شخصية الأب الروحي للمهمشين والمنقذ من دولة 1956م، وهذا محض ابتذال لقضايا الهامش السوداني لان بندقية حميدتي صممت لقتل مجتمعات الهامش ووأد اشواقهم في دولة العدالة والحرية والديمقراطية والرفاه التي تسع الجميع
(4).
يدرك المرتزق حميدتي استحالة انجاز مشروعه العنصري بسنن التدافع الفكري والسياسي الدؤوب وسط المجتمع، لذلك تبنى تكتيكا مسودة الاتفاق الاطاريء ديسمبر 2022 لحشد التأييد السياسي الداخلي والخارجي وباسم شعارات ثورة ديسمبر شن حربه القذرة يوم 15 ابريل 2023م، بينما تتجلى اهدافه الاستراتيجية من الحرب في تفكيك البنية المؤسسية للدولة السودانية، وفي طليعتها الجيش، والاحزاب السياسية وتشييد مملكة ال دقلو وحراسها بندقية اعراب الشتات من غرب افريقيا، وتحويل السودان إلى دولة وظيفية للمشروع الاسرائيلي في المنطقة وحديقة خلفية لطموحات محمد بن زايد الامبراطورية، ثم يعلن الملك الجديد حميدتي انضمام السودان الى نادي الدول الملكية في منطقة الخليج العربي. وحتما ستكون مملكته تحت حماية قوات درع الجزيرة العربية.وحتى يستتب الملك المطلق للمرتزق حميدتي سينزع الى التخلص من قيادات تحالف صمود وتأسيس والتخلص من كل رموز القوى السياسية، والادارة الاهلية والطرق الصوفية.
ثم يبدأ في عمليات التجريف الديمغرافي وذلك بإبادة القوميات التاريخية في دارفور واحلال عربان الشتات وربما استبدل اسم دارفور المتوارث الى (دار العرب) .وستستبيح المليشيا الهمجية كل المدن والقرى السودانية بيت بيت وستنصب المشانق الى كل الاعراق والقبائل السودانية فثقافة التوحش راكزة لدى عربان الشتات، فإذا ملكوا أمة جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ ما في أيديهم وتركوا ما سوى ذلك من بينهم ، فتبقى تلك الأمة كأنها فوضى مستطيلة فلا يستقيم لها عمران وتخرب سريعا شأن الفوضى بتعبير بن خلدون.
(5)
هذه المآلات الكارثية في حال سقوط الدولة السودانية في يد مليشيا آل دقلو الارهابية فما هو واجب الشعب السوداني لإبطال هذا المشروع؟
الوعي اي ادراك كل سوداني ان هذه الحرب وجودية وتستهدف بقاء ووحدة الدولة السودانية وادراك الشعب السوداني ان هذه الحرب تستهدف شرفه وكرامته وهويته، وأرضه وموارده ،ايضا ادراك الشعب السوداني ان هذه المعركة صفرية لا تقبل المساومة والصفقات ، وإعادة إنتاج المليشيا من جديد في المشهد السياسي، أو القابلية للتعايش معها
إن خيارنا الوحيد خوض غمار هذه الحرب بكل أدواتها الناعمة والصلبة حتى النصر واجتثاث المليشيا المجرمة من جذورها. أخيرا وليس آخرا ضرورة ادراك اي سوداني دوره الطليعي في إسناد معركة الكرامة سواء بالنفس او المال او الدعاء أو الوعي.
ان وحدة واصطفاف كل قطاعات الشعب السوداني كتفا بكتف مع الجيش العنصر الاستراتيجي للانتصار على المليشيا المجرمة وداعميها في الخارج.
الجمعة: 2023/3/14