خالد حاج علي أدروب .. عمييق الكلام .. الجزيرة__ هذه محبتي ومحجتي البيضاء فيها

عادة عندما تستكين حواسي واتمرد على طبيعتي لا أجد فراغا فجعبتي حابلة بالمشاهد وزاخرة بالتفاصيل لتظل ولاية الجزيرة هي الوحيدة التي تحتل مساحات الذاكرة عندي فتعيش الجزيرة على أهداب التفكير كعروس مطوقة بالأمنيات والأشواق ومحروسة بمشاهد التاريخ فكيف لا تكون كذلك وهي مرتع صبا ومنشأ اظافر وأم البقاع الرحيمة.
الجزيرة تلك البقعة المباركة التي كلما اتذكر وقعات المليشيا والمرتزقة فيها وانتهاكاتهم حتى ما بعد التحرير تتوجع دواخلي وتأن وصالي لكني اصبر نفسي بالمقارنات والذكريات وذلك الانسان الجميل الذي يطل على ثرى لحاظي فيقودني حيث أرض المحنة وانسانها الوارف الفنان.
في العام 2010 كنت ممثلا للهيئة الطلابية في الانتخابات القومية الرئاسية حيث تجولت في جنوب الجزيرة ونواحيها في منطقة (الخوالدة) حيث كان معي نفرا كريم من الرفاق اذكر جيدا استضافنا احد زعماء المنطقة النائب البرلماني احمد جبارة الله فرفض لي تحديدا ان افارق منزله وكنت مسؤلا للتعبئة السياسية وقتها فعرفت نبل الخوالدة وطبيعتهم الجميلة عن قرب ..عشت في ديار الكواهلة رتلا من الزمان وكنت اتحسس نحاس (آل شاع الدين) بالشكابة وماربطني بهم من اخاء قد لا ابالغ وانا اقول انه اقوى من رباط الدم فهم أهل مكارم ومجد واعتداد يفاخر بهم ويعتد.
وكذا كانت بعض من تفاصيل مشاهدي في التصوف في (ابوحراز) عند السادة (الأعراك) يوسف ابو شرى واحمد بك والمصوبن فتتوغل حالة التصوف بي قليلا بالروح عند السادة الاشراف في الشرفة وعموم اهل شرق الجزيرة فادنية ورفاعة وبطاحين وشكاري وسماحة فال.
طابت هذه الأخرى سكينة الإبداع مسكن الشيخ عبد المحمود هذه المدينة تسكنني بتفاصيل تكاد تلامس جوهر الفكرة عندي فالطيبية بعيدا من التصوف وقريبا من الأبداع حباهم الله بالأدب وروح الإبداع شعراء وادباء وفنانيين وروائين وعلماء وكذا الدباسيين والحلاويين فهم اهل سريرة ونقاء.
المناقل هذه بقعة اخرى ولاية داخل ولاية ( منقالة يارسول الله) وكلما ادخلها اجد فيها ريح الانسان الطموح والمتقد وهناك في سرحان الشيخ (تاي الله) وكذا اهل ابوقوته والحسانية والحسنات في خير مترادم واصالة متينة ونبل متجذر سادة وقيادة و(الحسانية ناس حلويين) وللجنوب عودا اخر الحوش وضلو الرامي والخور والبرياب والحاج عبد الله وهلموا من الجمال والحيوية.
رفاعة ابوسن (شرق الله البارد) والتنابلة هناك شهادة عربية أصيلة متوارثة من عهود الأوليين حيث الجود والنخوة والقيم الوافرة والتاريخ الممتد بابكر بدري وريادة التعليم والوجه الحضاري الأنيق ولرفاعة ومكوناتها قواسمة وعوامرة ورفاعيين وفادنية وشكاري مكانا في القلب يحدوه التوقير ومشاهد من العزة تسجلها مراجع التاريخ.
ودمدني هذه الحبيبة ابتداء من ثغرها الباسم نحو الشرق بل هذه الأرض الخصبة وانسانها الخصب هي بوابة المدينة ومعبرها من الضفة الشرقية قبالة حنتوب العراقة لتتعمق في ودمدني وهذه الأخيرة ام المداين حبيبتي و(دمدني) هي محبتي وتكوين شخصيتي حيث نشأت في حواريها وفرقانها وترعرت بين نيلها وحنينها فهي ذكريات صبا ومراحل عمرية مختلفة المرحلة الثانوية حيث شارع المدارس مدرسة الشهيد مصطفى الطيب والصفا الثانوية والجامعة الأهلية والحركة الطلابية وكتابة الشعر والمنتديات الادبية والحركة الفنية وكتابة وتقديم الاوراقة الاعدادية والفكرية الاطلاع والمعرفة حيث المكتبات الضخمة حيث كانت مكتبة المدينة في حي الزمالك ومكتبة المركز الليبي العربي الثقافي جوار تقاطع (ابوعيسى) ومكتبة قصر الثقافة الحالية وعالم السينماء وتفاصيل عالقة في ذاكرة الصبا تعج بالحيوية والنشاط الشامل سياسة ورياضة وادب وفنون!
ودمدني تظل رمزيتي الخالدة وشخصيتي الوارفه بل هي وجه السودان المشرق وماكنا فيها بجميع ثقافاتنا وسحناتنا والسننا الا ونعبر عن آيه الله في الحب والتراحم والوصال (نوبة أدروبات ،جعليين ،شوايقة، بديرية، و،فور، دناقله وجنوبيين والخ،،،) وكأننا من رحما واحد هكذا هي ودمدني وهكذا هي أرض المحنة التي تعبر عن اسرة واحدة وبيت واحد لذلك تحتاج منا الاصطفاف وان نرفع لها القبعات نحو التجديد والإعمار واحياء روح البناء الوطني وتماسك النسيج المجتمعي فيها لتعود كما كانت ارض المحنة وارض الحركة الوطنية ملهمة الأدباء والشعراء ومنبع الساسة والاساتذة والمبدعيين وهذه محبتي ومحجتي البيضاء فيها.
ولمداد الجزيرة حنينا وبقية.