خبر و تحليل -عمار العركي : القمة العربيـة الطارئة والقضيـة الفلسطينية : دروس المقاومة من غزة إلى الخرطوم

__________________________
بورتسودان – 2025/3/3م
* في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، تستضيف العاصمة المصرية القاهرة قمة عربية طارئة يوم غدٍ الثلاثاء 4 مارس ، وذلك لبحث المستجدات الخطيرة التي تهدد حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها المخططات الرامية إلى تهجير سكان غزة وفرض وقائع جديدة على الأرض. تأتي هذه القمة بعد تنسيق وتشاور مكثف بين الدول العربية، استجابةً لطلب فلسطين ووسط رفض عربي واسع لهذه المخططات.
* تأتي مشاركة السودان في إطار موقفه الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، ورفضه لأي محاولات تستهدف تصفية حقوق الشعب الفلسطيني. وتعد هذه القمة محطة مهمة لتعزيز الموقف العربي المشترك في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه فلسطين والمنطقة بأسرها.
* القمة العربية الطارئة ستناقش تطورات القضية الفلسطينية في لحظة حاسمة، ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضًا للسودانيين الذين يخوضون معركة وجودية مشابهة،
* فمعركة طوفان الأقصى بين فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس من جهة وجيش الإحتلال من جهة أخرى. في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023م تزامنت مع بدايات انطلاق طوفان المقاومة الشعبية في السودان ضد حرب مليشيا آل دقلو الاماراتية الارهابية .
* ففي كلا المشهدين، هناك عدوان خارجي بأدوات داخلية، ومخططات استهدفت كسر الإرادة الوطنية، غير أن النتيجة جاءت على عكس ما أراد المخططون “فالمقاومة” فرضت واقعًا جديدًا، أجبر المعتدين على التراجع، وخلق دينامكيات سياسية وعسكرية لم تكن في الحسبان.
*من غزة إلى الخرطوم: كيف تنهار المخططات؟*
* في قطاع غزة، كانت الخطة الإسرائيلية، المدعومة من دوائر دولية، تقوم على الحسم العسكري، فرض واقع جديد، وتهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة. لكن الصمود قلب الطاولة، وأجبر الاحتلال على الدخول في تفاوض بشروط المقاومة، رغم فارق القوة العسكرية الهائل. لم تفشل إسرائيل فقط في تحقيق أهدافها، بل وجدت نفسها في مأزق سياسي وأمني، تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء الوجه بعد أن أصبح استمرار الحرب مكلفًا جدًا.
* وفي السودان، كان المخطط مشابهًا: التهجير والنزوح واخراج المواطنيين من بيوتهم ومدنهم وقراهم من مخطط تفكيك الدولة عبر الميليشيا وعملاء وحلفاء الداخل، والاستفراد بالخرطوم لإجبار القيادة السودانية على قبول تسويات تعيد تشكيل السودان وفقًا لمصالح القوى الداعمة لهذا العدوان. لكن كما حدث في غزة، جاءت النتيجة معاكسة ،المقاونة الشعبية ، والتفاف السودانيين حول جيشهم، والتصدي لمخطط الميليشيا وعملاء وحلفاء الداخل، كلها عوامل أفشلت الانقلاب والحرب، وجعلت المتورطين في العدوان يتراجعون، ليس قناعةً، بل لأنهم يدركون أن استمرار الحرب أصبح خطرًا يهدد مصالحهم.
*_فرض الشروط: حين يصبح المستهدف هو صانع المعادلة_*
* في المشهد الفلسطيني، لم تعد إسرائيل الأكثر جاهزية وإستطاعة ، تتحدث عن تحقيق أهدافها بإنهاء المقاومة، بل أصبحت في موقع الدفاع، تبحث عن وقف لإطلاق النار بشروط تضمن لها الحد الأدنى من المكاسب، وهو تحول استراتيجي يعكس حجم فشلها العسكري والسياسي.
* وفي السودان، وبعد عامين من حرب غير متكافئة الموازين التي ترجح كفة العدوان ، لم تتمكن الميليشيا وعملاء وحلفاء الداخل من تحقيق أي من أهدافها الاستراتيجية، فيما بدأت القوى الإقليمية والدولية الداعمة لها بإعادة حساباتها، وسط مؤشرات واضحة على أن الجيش السوداني والقوات الأخري والمقاومة الشعبية ،ماضين نحو انتصار حاسم، وأن كل محاولات إيجاد مخرج للحرب عبر الحكومة الموازية أو فرض تسوية تخدم المعتدي لم تعد قابلة للتنفيذ.
*_النهاية الحتمية: هزيمة العدوان وبقاء الدولة_*
– إذا كانت إسرائيل اليوم تعيش أزمة البحث عن مخرج من ورطتها في غزة، فإن القوى التي تورطت في دعم العدوان على السودان وجدت نفسها في نفس المأزق. المخطط لم ينجح، الحرب لم تحقق أهدافها، والميليشيا وعملاء وحلفاء الداخل لم يتمكنوا من فرض مشروع الحكومة الموازية، بينما يواصل السودانيون المقاومة وإفشال كل محاولات إعادة صياغة الدولة وفقًا لأجندات خارجية.
*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
* إن القاسم المشترك بين التجربتين أن المقاومة ، مهما كان حجم العدو، يمكنها أن تُغير المعادلات ، والإنتقال من مرحلة الدفاع والإذعان ، إلى الهجوم ث، وفرض الشروط. واليوم، كما فرض الفلسطينيون معادلتهم على الاحتلال، فإن السودان بمقاومته يسير نحو لحظة مماثلة، لحظة يفرض فيها إرادته على كل من أراد له الفوضى والانهيار.