من اعلي المنصة .. ياسر الفادني يكتب: “ما معليش …عندنا جيش !”

في ساحات المعارك لا مجال للعبث هناك ، هنا في بلادي تُصنع الأسطورة بالدم حيث لا مكان إلا للأقوياء ، نهض الجيش السوداني ليكتب فصلاً جديداً في تاريخ العسكرية الحديثة، فصوله لم ترها أكاديميات الحرب من قبل ولم تخطر تفاصيله على بال النظريات الإستراتيجية القديمة أو الحديثة ، نعم لقد كان درساً في فن إلتقاء الجيوش، ليس مجرد إنتشار أو تحرك بل علم جديد وُلد من رحم النار ومكمن البطولات وإختُبر في ميادين القتال، كان النجاح باهراً والهزيمة من نصيب أولئك الذين ظنوا أن الخرطوم قد تُخدع أو تُسرق (تُلُّبْ )
بدأ الأمر عندما التقى جيش كرري بأبطال المهندسين ثم جيش سنار بجيش المناقل في قلب مدني ، لم يكن لقاء عادياً، بل كان إمتداداً لنظرية تجمع الجيوش في نقاط السيطرة، فتوالت التقاءات أخرى: سيطرة الشرق، مع متحركات الخرطوم المختلفة ، ثم إلتقاء متحرك الصياد مع الهجانة في الأبيض، فتأمين الطريق الاستراتيجي من بورتسودان حتى الأبيض لم يكن مجرد مصادفة عسكرية أو حشد عشوائي بل خطة تكتيكية مدروسة، حيث تصبح الجيوش المتفرقة جيشاً واحداً في اللحظة المناسبة وفي المكان المناسب ، هنا يكمن الفارق بين من يقاتلون بعقولهم ومن يحاولون القتال بفوضاهم وعبثهم
أما على الطرف الآخر، فالمشهد مختلف تماماً، مليشيا لم تفهم حتى الآن أن الحرب ليست “صراخاً في الإعلام”، ولا بيانات جوفاء تُكتب تحت المكيفات في نيروبي ،لقد جربوا كل شيء: التخريب، النهب، الاحتماء بالمدنيين، ولكنهم لم يفهموا المعادلة الحقيقية، تلك التي يسطرها الجيش السوداني على الأرض. وتوالت الهزائم واحدة تلو الأخرى، معها تساقطت أكاذيبهم مثل ورق الشجر في مهب الريح ،حتى نظريتهم الجديدة، التي ربما سموها “الخجل النيوتني”، لم تصمد، فسقطت بفعل جاذبية القوات المسلحة التي أقطابها المد الشعبي المساند وهو قانون جديد في فيزياء العسكرية !
أما الذين جلسوا هناك في العواصم البعيدة، يراقبون ويثرثرون، فقد كان لديهم أمل كاذب أن الجيش سينهار وأن الخرطوم ستسقط وأن السودان سيتحول إلى غنيمة لكن هل أخبرهم أحد أن هذا الجيش ليس كأي جيش جيش وُلد في ساحات القتال ، جيش لم يتعلم القتال من خلف الشاشات، بل من المسافة صفر ، منظومة عسكرية مثلي جنودها لم يأتوا للعب، بل جاءوا ليحموا الوطن، وأنهم حين أقسموا على ذلك، دفعوا أرواحهم ثمناً، وارتقت مهجهم في سبيل الوطن
إني من منصتي أنظر….حيث أقول إلى أولئك الذين راهنوا على سقوط السودان ويلهثون لخراب بلادهم برفدهم بالمال….. مقابل الخيانة …. إليكم هذا الخبر الصادم: “مامعليش، عندنا جيش!”.