نيروبي.. تأجيل جديد لتوقيع الإعلان السياسي

حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وذلك عقب ضغوط من المجتمع الكيني ضد الرئيس الكيني المتورط مع مليشيا الدعم،السريع، وعقب تحركات سودانية وصلت حد استدعاء السفير السوداني بنيروبي ولن تنتهي عنده.
على الخط أيضا، تدخلت الأمم المتحدة وحذرت من تشكيل حكومة موازية في السودان، واعتبرت الخطوة محاولة لعرقلة جهود السلام في السودان ومحاولة لتفتيت وحدته، الجامعة العربية أيضا سارت في ذات الإتجاه وأعلنت رفضها ما يجري في نيروبي وأكدت تمسكها بوحدة وسلامة الأراضي السودانية.
في الداخل السوداني، رفضت أحزاب الأمة القومي والاتحادي الأصل والمؤتمر الشعبي والحركات المسلحة وبقية مكونات القوى السياسية السودانية، تجمع نيروبي وأعلنت معارضتها له بكافة الوسائل السلمية
أمام هذا الرفض الواسع، لم تظهر أي دولة تضامنها مع مؤتمر نيروبي ولا حتى الدولة الراعية “الإمارات” بينما رفضت الأحزاب والصحف الكينية سماح رئيس بلادها لمثل هذا التجمع، ووصفت الصحافة الكينية قائد المليشيا حميد،تي بالجزار.

وبناءا على ذلك، تحول تجمع نيروبي الذي ترعاه مليشيا الدعم السريع، بطريقة مضحكة للغاية إلى “بازار” سياسي لإلقاء الخطب المملة بدلا عن التوقيع على ميثاق تأسيس الدولة الجديدة، وتسربت أخبار عن رفض دولة كينيا إقامة الفعالية الخاصة بإعلان حكومة المليشيا، وهو ما دفع إبراهيم الميرغني للقول بإنهم سيعلنون الحكومة من داخل السودان.

حشود متشاكسة

ضم الحشد طيفا من التناقضات وناشطين موتورين على رأسهم تراجي مصطفى والعجوز صلاح سندالة، وبينما كانت الهتافات موجهة ضد دولة ٥٦ كان وريث دولة ٥٦ نفسها وصاحب الامتياز بها إبراهيم الميرغني معتليا المنصة، في مشهد بائس يكشف حجم التشاكسات داخل المكون الذي جمعته الإمارات على عجل، بعضهم بالإغراء وبعضهم بالتهديد، بينما يحمل هذا المكون فنائه في بذرته العفنة والتي ازدادت عفونة.

خطب متضاربة

لم يكن التشاكس وحده في الهتافات التي كانت تضرب بعضها البعض، فبينما كان أحد التقدميين يهتف بقصيدة من بين أبياتها العسكر للثكنات والجنجويد ينحل، اضطر تحت ضغط المناسبة للتوقف عند عبارة العسكر للثكنات دون أن يكمل، لكن القاعة بأكملها كانت تعي الشطر الثاني من البيت، وتدرك لماذا توقف الرجل بينما واصل عقله الباطن بقية شطر البيت.
لم يكن التشاكس وحده في الهتافات، كانت هناك خطب فضيحة وصادمة، أبرزها كان لرئيس حزب الأمة برمة ناصر، حيث فضح عبد العزيز الحلو، في معرض مدحه لنائب قائد المليشيا عبد الرحيم دقلو، وقال برمة، إن الشكر يمتد لعبد الرحيم دقلو الذي دفع الأموال لنقل الحلو وأعضاء حركته من السودان لكينيا. إبراهيم الميرغني في كلمته أخطأ في اسم عبد الرحيم دقلو، وارتبك أكثر من مرة، وفي مشهد مضحك وصف عبد الرحيم دقلو بزعيم المناضلين في السودان.

غياب حميد،تي

بات من الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بقائد المليشيا محمد حمدان دقل،و، الذي غاب عن الجلسة الافتتاحية، بل فإن معظم المتحدثين كانوا يوجهون المدح والثناء لعبد الرحيم دقلو وأغلبهم لم يذكر حميد،تي، لا من قريب ولا بعيد، وباستثناء فيديو لمدة خمسة ثواني يظهر شبحا لحظة صعوده سيارة، قيل إنه حميد،تي، فإن أحدا لم يذكره، ولم يلتقط له صورة، وبما أنه صاحب هذا البازار، فإنه غيابه يعزز بحسب مراقبين، عشرات الفرضيات التي كانت تتحدث حول حياته ووضعه الصحي.
ويرى مراقبون أن تجمع نيروبي الذي أرادوا به قبر السودان، قبروا فيه قائدهم الحي الميت، مشيرين إلى أن غياب حميدتي عن الجلسة الافتتاحية يكشف بوضوح أن ما قيل بشأن وضعه الصحي حقيقي مائة بالمائة.

خلاصة الأمر، أن تجمع المرتزقة في نيروبي تحول لتهريج سياسي وهتافات تصدم بعضها بعضا، وشعارات تلاحق بعضها رقاب البعض، دون أن تكون هناك فكرة مركزية واحدة تجمع هذا الشتات التائه سوى الكره للجيش السوداني، حيث يجتمع النور حمد، مدعي الاستنارة مع قائد مليشيا همجية، وأصبح إبراهيم الميرغني سليل دولة ٥٦ حليفا لعصابة تهتف ضد دولة ٥٦ التي أسسها أجداده، ومسح برمة ناصر تاريخه السياسي والعسكري لاهثا وراء هتافات التهميش لدولة ٥٦ التي كان يوما وزير دفاعها والقائد العام لقواتها المسلحة، ويبحث المختفي من الكاميرات علاء نقد عن الديمقراطية عند آل دقلو، الذين شردوا والديه من المنزل، في مسخرة لم تتكرر إلا في قاعة نيروبي.

وبينما لم تصدر بعد أخبار رسمية بشأن التأجيل، فإن موفد صحيفة “واشنطن بوست” لنيروبي ، حافظ هارون، أكد التأجيل لأجل غير مسمى دون مزيد من التفاصيل، ما يعني أن المليشيا وحلفائها قد يبحثون عن دولة أخرى لإعلان حكومتهم، أو أن المهرجان الهزلي اكتفى برفع يد وريث دولة ٥٦ إبراهيم الميرغني ملوحا بعلامة النصر على دولة ٥٦ نفسها.

مقالات ذات صلة