خبر وتحليل – عمار العركي : دعوة القاتل للسير في جنازة المقتول: صمود وآلية موسى فكي!

▪️في خطوة تعكس تطورًا جديدًا في علاقة الاتحاد الإفريقي بالسودان، شارك التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” في المشاورات الجارية حاليًا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بوفد رأسه عبد الله حمدوك. والمفارقة أن حمدوك لم يتمكن من حضور القمة الإفريقية الأخيرة بهذه الصفة أو غيرها، إلا بعد أن منحته آلية موسى فكي صفة موظف ضمن لجنة التحويلات التابعة للمفوضية، ما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين “صمود” والآلية الإفريقية رفيعة المستوى، ومدى تأثيرها على المشهد السياسي السوداني.

*_أسئلة مثيرة للشكوك والتآمر_*

▪️تأتي هذه الخطوة في توقيت يثير العديد من التساؤلات حول منهجية عمل المفوضية الإفريقية في عهد مفوضها الجديد الجيبوتي محمود علي يوسف، ومدى صلاحية استمرار عمل الآليات واللجان المنبثقة عن القيادة السابقة في القضايا المصيرية، خاصة أن الدعوة إلى هذه المشاورات جاءت بعد 72 ساعة فقط من تغيير المفوض.
فإلى أي مدى ستتأثر علاقة السودان بالاتحاد الإفريقي في ظل انحياز الآلية الواضح وإصرارها على إبقاء “صمود” في المشهد السياسي السوداني وفرضه كممثل وحيد للصوت المدني؟ وهل يعكس هذا النهج استمرار سياسات موسى فكي، رغم التغيير في قيادة المفوضية؟ أم أن المفوض الجديد سيواجه تحديات من الحرس القديم الذي لا يزال يحتفظ بنفوذه داخل الاتحاد الإفريقي؟
▪️التوقيت اللافت لهذه الدعوة يزداد أهمية عند النظر إلى التغييرات الأخيرة في قيادة المفوضية الإفريقية، حيث خلف الجيبوتي محمود علي يوسف التشادي موسى فكي، وهو تغيير قد يُبنى عليه أمل في نهج جديد تجاه السودان. لكن السؤال المطروح: هل هذه الدعوة استمرار للسياسات السابقة التي وُصفت بأنها غير متوازنة تجاه السودان، أم أنها جزء من مقاربة جديدة تُعيد تقييم دور الفاعلين المدنيين؟
▪️وفي ظل استمرار سيطرة بعض العناصر المرتبطة بالحرس القديم في أجهزة الاتحاد الإفريقي، يبرز التساؤل حول مدى قدرة المفوض الجديد على فرض رؤيته المستقلة تجاه السودان، وهل سيواجه تحديات داخلية تعوق أي تغيير حقيقي في طريقة تعاطي الاتحاد الإفريقي مع الأزمة السودانية؟

*_استمرارية الدور أم إعادة التقييم؟_*

▪️خلال الفترة الماضية، كان تحالف “صمود” أحد الأجسام التي سعت المفوضية الإفريقية إلى إشراكها في المسار السياسي السوداني، في ظل رؤية تبنّاها موسى فكي، الذي وُصف بمواقفه المتحيزة لصالح تيارات محددة داخل السودان. ومع تغيير القيادة في المفوضية، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا هو: هل سيستمر هذا التوجه أم أن القيادة الجديدة ستعيد تقييم المشهد السياسي السوداني؟
▪️المفارقة أن الدعوة لهذه المشاورات جاءت من آلية أنشأها موسى فكي في 17 يناير 2024، بعد 24 ساعة فقط من إعلان السودان انسحابه من “إيقاد”، ما يطرح تساؤلات حول الهدف الفعلي لهذه الخطوة، وهل تسعى المفوضية للحفاظ على نفس النهج السابق، رغم التغيير في قيادتها؟

*_تحديات المفوض الجديد بين الإرث القديم والضغوط الجديدة_*

▪️تولي الجيبوتي محمود علي يوسف رئاسة المفوضية الإفريقية يمثل متغيرًا مهمًا قد يؤثر على طريقة تعاطي الاتحاد الإفريقي مع الملفات العالقة، وعلى رأسها الأزمة السودانية. غير أن التحدي الأساسي يتمثل في مدى قدرته على فرض توجه جديد، خاصة في ظل وجود كوادر إدارية وسياسية داخل المفوضية لا تزال تدين بالولاء لنهج موسى فكي، ما قد يشكل عائقًا أمام أي تغيير حقيقي.
▪️يبقى السؤال: هل بدأ المفوض الجديد ممارسة مهامه فعليًا، وهل منح الآلية الإفريقية الضوء الأخضر للاستمرار بنهج سلفه، أم أنه يسعى لإعادة صياغة دور المفوضية في التعاطي مع الأزمة السودانية بطريقة أكثر توازنًا؟

*_إضافة: التحديات في جولة التشاور السابقة_*

▪️إذا افترضنا جدلاً حسن نوايا اللجنة التي أنشأها المفوض السابق، فإن التجربة السابقة للاتحاد الإفريقي في تنظيم جولات التشاور لا تعزز هذا الافتراض. ففي مايو 2024، وجه الاتحاد دعوات إلى 23 جهة سياسية ومجتمعية، من بينها تحالف “صمود”، للمشاركة في لقاء تشاوري حول مستقبل السودان. لكن “صمود” اعتذرت عن الحضور، متهمة الآلية بالافتقار إلى الشفافية في تصميم الاجتماع، مشيرة إلى أن ترتيباته كانت خاضعة لنفوذ عناصر من النظام السابق وواجهاته، بالإضافة إلى من وصفتهم بـ”قوى الحرب”، ما رأت فيه تهميشًا وإقصاءً للقوى المدنية الداعمة للسلام والتحول الديمقراطي.
▪️رغم ذلك، خرج المشاركون ببيان ختامي عبّر عن رؤية تمهيدية لحوار أوسع وأكثر شمولًا. وهنا يبرز التساؤل: لماذا تدعو الآلية مجددًا إلى مشاورات جديدة بدلًا من البناء على ما سبق؟ وإذا كانت “صمود” قد رفضت المشاركة في الجولة الماضية بسبب غياب الشفافية وهيمنة قوى الحرب، فما الذي تغير الآن ودفعها للجلوس إلى طاولة المشاورات، رغم أن الأسباب التي دفعتها للرفض لا تزال قائمة؟
▪️وفوق ذلك كله، لماذا تجاهلت الآلية الإفريقية الحوار السوداني-السوداني في بورتسودان، رغم أنه خرج بخارطة طريق تم إبلاغ الاتحاد الإفريقي واللجنة الرفيعة المستوى بها؟ هل يشير ذلك إلى استمرار المفوضية في نهجها الانتقائي تجاه الأطراف السودانية، أم أن هناك ترتيبات غير معلنة تحكم طريقة تعاطيها مع الأزمة السودانية؟

خلاصة القول ومنتهاه

▪️إن مشاركة “صمود” في المشاورات الجارية بأديس أبابا تعكس استمرار الاعتراف به كواجهة مدنية في ذهن المفوضية الإفريقية، رغم تحالفه الوثيق مع الميليشيا وقائدها، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى مصداقية الاتحاد الإفريقي في دعمه لحل سياسي قائم على تمثيل حقيقي للقوى المدنية. فهل لا تزال المفوضية ترى في “صمود” الممثل الشرعي للمدنيين، رغم انحيازه لقوة عسكرية متورطة في انتهاكات جسيمة ضد المدنيين الذين يدّعي الدفاع عنهم؟
▪️على الجانب الآخر، فإن التغيير في قيادة المفوضية الإفريقية لا يعني بالضرورة تغييرًا في نهجها، إذ يواجه المفوض الجديد تحديات كبيرة من الحرس القديم الذي عمل تحت قيادة موسى فكي، ولا يزال مؤثرًا في دوائر صنع القرار داخل الاتحاد الإفريقي. فهل سيتمكن المفوض الجيبوتي الجديد من إعادة التوازن إلى موقف الاتحاد الإفريقي تجاه السودان؟ أم أن نفوذ الحرس القديم سيظل مهيمنًا، مما يعني استمرار السياسات السابقة التي لم تقدم سوى مزيد من تعقيد المشهد ومزيد من تأزيم العلاقة مع السودان؟

مقالات ذات صلة