حكومة الجنجويد المزمع إعلانها في كينيا-رؤية قانونية تحليلية. .. د. يوسف زكريا عيسي، استاذ القانون جامعة الجزيرة، والمحامي بالخرطوم

*حكومة الجنجويد المزمع إعلانها في كينيا-رؤية قانونية تحليلية*
د. يوسف زكريا عيسي، استاذ القانون جامعة الجزيرة، والمحامي بالخرطوم
الأربعاء، الموافق 2025/2/18م

إن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لا يسمحان لدولة ما بأن تسمح لمجموعة من دولة أخرى بتكوين حكومة موازية لحكومة دولة أخرى. هذه الممارسة تُعتبر انتهاكًا صارخًا لمبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهي مبادئ أساسية في القانون الدولي.
كذلك فإن ميثاق الأمم المتحدة، في
المادة 2(1): تؤكد على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء.
والمادة 2(4): تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
والمادة 2(7) تحظر على الأمم المتحدة التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ما لم يكن هناك تهديد للسلم والأمن الدوليين.

أما الإتحاد الأفريقي
فإن المادة 4(ب) من الميثاق، تؤكد على احترام حدود الدول الأعضاء التي كانت قائمة عند الاستقلال.
والمادة 4(ز): تحظر التدخل من قبل دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.
أما القانون الدولي فإن مبدأ عدم التدخل، يُعتبر أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي العرفي، ويحظر على الدول التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
وكذلك مبدأ السيادة، يُعتبر أيضًا من المبادئ الأساسية، ويضمن لكل دولة الحق في تقرير نظامها السياسي دون تدخل خارجي.
تجدر الإشارة إلى أنه اردنا أن نتعمق أكثر في ذلك أكثر في هذا الموضوع من خلال تحليل المبادئ القانونية والسياسية التي تحكم العلاقات الدولية، وكيفية تطبيقها في حالات محددة ، بإيراد الأمثلة التاريخية التي قد تساعد في توضيح الصورة، لأحتجنا في ذلك إلى أن نفرد مؤلفاً ولكن في هذه المساحة دعونا أن نشير إشارات غيى مخاة كالآتي:
1. مبادئ القانون الدولي ذات الصلة: أ. مبدأ السيادة الوطنية:
– السيادة تعني أن لكل دولة الحق الكامل في إدارة شؤونها الداخلية دون تدخل خارجي. هذا المبدأ هو حجر الزاوية في النظام الدولي الحديث، ويُعتبر أساسًا لاستقلال الدول.
– أي محاولة لتشكيل حكومة موازية لدولة أخرى تُعتبر انتهاكًا لسيادتها، لأنها تتدخل في نظامها السياسي الداخلي.
ب. مبدأ عدم التدخل:
– هذا المبدأ يُعتبر جزءًا من القانون الدولي العرفي، ويحظر على الدول التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
– التدخل يمكن أن يكون عسكريًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا، ويشمل أيضًا دعم جماعات معينة داخل دولة أخرى لتشكيل حكومات موازية. ج. مبدأ تقرير المصير:
– يُعطي هذا المبدأ الشعوب الحق في تقرير نظامها السياسي ومستقبلها. ومع ذلك، فإن هذا الحق يجب أن يمارس من قبل الشعب نفسه، وليس من خلال تدخل خارجي.
2.ميثاق الأمم المتحدة:
أ. المادة 2(4):
– تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
– تشكيل حكومة موازية يمكن أن يُعتبر شكلاً من أشكال التهديد للاستقلال السياسي للدولة.
ب. المادة 2(7):
– تحظر على الأمم المتحدة التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ما لم يكن هناك تهديد للسلم والأمن الدوليين.
– أي تدخل لدعم حكومة موازية يُعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية.
3. الإتحاد الأفريقي:
أ. المادة 4(ب):
– تؤكد على احترام حدود الدول الأعضاء التي كانت قائمة عند الاستقلال.
– أي محاولة لتغيير النظام السياسي لدولة أخرى من خلال تشكيل حكومة موازية تُعتبر انتهاكًا لهذا المبدأ. ب. المادة 4(ز):
– تحظر التدخل من قبل دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.
– هذا يشمل دعم جماعات معينة لتشكيل حكومات موازية.
4. أمثلة تاريخية:
أ. حالة الكونغو (1960s):
– خلال أزمة الكونغو، حاولت بعض القوى الخارجية دعم حكومات موازية لفترة وجيزة، مما أدى إلى تفاقم الصراع الداخلي. هذه الحالة أظهرت كيف يمكن للتدخل الخارجي أن يُعقّد الأوضاع الداخلية. ب. حالة ليبيا (2011 وما بعدها):
– بعد سقوط نظام القذافي، دعمت بعض الدول فصائل معينة في ليبيا، مما أدى إلى تشكيل حكومات موازية وحرب أهلية مستمرة. هذا يُعتبر مثالًا على كيف يمكن للتدخل الخارجي أن يُفاقم الأزمات الداخلية. 5. العواقب القانونية والسياسية:
أ.العقوبات الدولية:
– الدول التي تدعم تشكيل حكومات موازية قد تواجه عقوبات دولية من الأمم المتحدة أو منظمات إقليمية مثل الإتحاد الأفريقي.
ب. فقدان الشرعية الدولية:
– الحكومات الموازية التي يتم تشكيلها بدعم خارجي عادة ما تفقد شرعيتها الدولية، ولا يتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي.
ج. تأثيرات على السلم والأمن الدوليين:
– مثل هذه الممارسات يمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار إقليمي وحتى إلى نزاعات مسلحة، مما يهدد السلم والأمن الدوليين.
6. الاستثناءات المحتملة:
أ. حالات التدخل الإنساني:
– في حالات محدودة جدًا، مثل حالات الإبادة الجماعية أو انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق، قد يتم تبرير التدخل الدولي. ومع ذلك، فإن هذا التدخل يجب أن يتم تحت مظلة الأمم المتحدة وبموافقة مجلس الأمن.
ب. حالات تقرير المصير:
– إذا كان هناك حركة شعبية حقيقية تسعى لتقرير مصيرها، فقد يتم الاعتراف بها دوليًا. ومع ذلك، فإن هذا يجب أن يكون نابعًا من الإرادة الشعبية وليس من تدخل خارجي.

* الخلاصة:
•تشكيل حكومة موازية بدعم خارجي يُعتبر انتهاكًا صارخًا لمبادئ السيادة وعدم التدخل، ويُمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية وسياسية خطيرة. القانون الدولي والميثاق الأممي والإتحاد الأفريقي جميعها تحظر مثل هذه الممارسات، وتدعو إلى احترام استقلال الدول وسيادتها.
•تشكيل حكومة موازية لدولة أخرى يُعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية لتلك الدولة، وهو ما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ الإتحاد الأفريقي. أي دولة تقوم بذلك قد تواجه إدانات دولية وعقوبات من المجتمع الدولي.

والله من وراء القصد وهو الهادي للسبيل

مقالات ذات صلة