خبر وتحليل – عمار العركي : القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي : آمال تغيير القيادة ومحاولات مصادرة الإرادة

• إنطلقت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أعمال القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي، حيث شهدت تغييرات لافتة في قيادته، كان أبرزها انتخاب رئيس أنغولا ” جواو لورينسو “، رئيسًا للاتحاد للعام 2025، خلفًا للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، وتولي وزير خارجية جيبوتي، “محمود علي يوسف”، رئاسة مفوضية الاتحاد خلفًا للتشادي موسى فكي محمد، فيما عُيّنت سفيرة الجزائر لدي أثيوبيا وممثلتها الدائم في الإتحاد الأفريقي ” مليكة سلمى حدادي نائبًا له. وهي من المرات النادرة التي تتولى فيها شخصيات من دول عربية منصبين رئيسيين في قيادة الاتحاد، وهو ما قد يشكل متغيرًا إيجابيًا للسودان بالنظر إلى علاقاته مع جيبوتي والجزائر، وهما من الدول الداعمة له، وبالرغم مرونة “ولد الغزواني ” الا خلفه ” جواو لورينسو “يتميز بكونه رئيس منبر منظمة البحيرات الدولية وراعي ملف فض النزاعات والسلام في الإتحاد وله مواقف تحسب لصالح السودان خاصة فيما يتعلق بقضايا الإرهاب والتمرد والإرتزاق.
*_تحولات إيجابية؛_*
• هذه التغييرات تعكس تحولًا في التوازنات داخل المنظمة القارية، وهو تحول يمكن البناء عليه لتحقيق إصلاحات حقيقية داخل الاتحاد الإفريقي، خاصة فيما يتعلق بمواقفه تجاه القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية السودانية. فوجود شخصيات قيادية من دول ذات موقف متوازن تجاه السودان، مثل جيبوتي والجزائر، قد يمثل فرصة لتعزيز استقلالية قرارات الاتحاد الإفريقي ومنع استغلاله كأداة لتنفيذ أجندات خارجية.
*_التحولات وإختراق الإمارات :_*
• لكن في ظل هذه التحولات، برزت محاولات لاختراق الاتحاد الإفريقي من قِبل الإمارات، التي سعت إلى استغلال هذه القمة لعقد اجتماع حول السودان تحت غطاء الملف الإنساني، في خطوة تعكس أجندتها الساعية إلى تسييس العون الإنساني لخدمة مصالحها، رغم تورطها المباشر في تأجيج وإستمرار الحرب عبر دعمها العسكري والسياسي والاقتصادي.
• الإمارات، التي ليست عضوًا في الاتحاد الإفريقي، عملت على استغلال المنظومة القارية منذ بدء مشروعها في إفريقيا، مستخدمة كل أدوات الإغراء والضغط المالي والاقتصادي والسياسي مع بعض حكومات الدول الإفريقية ورؤسائها وكبار المسؤولين والموظفين لتمرير أجندتها. وقد جاءت محاولتها الأخيرة لعقد اجتماع لتسييس الوضع الإنساني في السودان تزامناً مع انعقاد القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي كخير دليل على ذلك.
*_إجتماع الإمارات بخصوص السودان : دلالة إختراق وإستغلال :_*
• مؤامرة الاجتماع المباغت الذي دعت له الإمارات كمحاولة للالتفاف على الحقائق وتحسين صورتها وغسل يديها من دماء السودانيين المدنيين، وتقديم نفسها كوسيط أخلاقي وإنساني، رغم أنها عرابة الحرب ورسول الموت والخراب والدمار في السودان وعدد من المناطق الإفريقية، من خلال التمويل والتسليح لمليشياتها الإرهابية بقيادة آل دقلو، في انتهاك واضح للقرارات الدولية، لا سيما قرار مجلس الأمن 2736.
• ما زاد من خطورة هذا التحرك هو مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومخاطبته الاجتماع، الذي سعت الإمارات لعقده في مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا كدليل آخر على اختراق واستغلال الإمارات للمنظمة الأممية، هذا الموقف المتناقض من الأمم المتحدة يثير تساؤلات حول حيادها، ويعكس ازدواجية معاييرها، خاصة أن بعض إداراتها سبق أن وجهت اتهامات واضحة للإمارات بخرق القرارات الأممية ودعم الحرب في السودان.
*_القادة الجدد وإختبار الإستقلالية_:*
• التغييرات التي شهدها الاتحاد الإفريقي تأتي في وقت حساس، حيث يواجه تحديات متعلقة بتأثير القوى الخارجية على قراراته وسياساته، وهو ما يجعل المرحلة القادمة اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة القادة الجدد على حماية استقلالية الاتحاد، ومنع تحول مؤسساته إلى أدوات لتنفيذ أجندات خارجية. وبالنسبة للسودان، فإن أهمية هذه التحولات تكمن في مدى قدرة السودان على توظيف هذه التغييرات لصالحه، والتصدي لأي محاولات لتسييس ملف العون الإنساني، أو استخدام المؤسسات الإفريقية كمنصات لشرعنة التدخلات الخارجية.
• تشكل التغييرات التي طرأت على قيادة الاتحاد الإفريقي في قمته الـ38 فرصة لإعادة ضبط مسار المنظمة القارية بعيدًا عن التأثيرات الخارجية التي تحاول استغلالها لخدمة أجنداتها الخاصة. وبالنسبة للسودان، فإن رفض محاولات تسييس العون الإنساني يمثل خطوة ضرورية لحماية سيادته وإفشال مساعي القوى التي تسعى لفرض واقع سياسي يخدم وكلاءها داخل البلاد

*_خلاصة القول ومنتهاه_*
• إن محاولات الإمارات لاختراق الاتحاد الإفريقي وتمرير أجندتها بشأن السودان، رغم رفض السودان الرسمي، تكشف مدى خطورة التحديات التي تواجهها الدول الإفريقية الأعضاء في الحفاظ على استقلالية قراراتها. لكن في المقابل، فإن وجود دول داعمة للسودان على رأس مفوضية الاتحاد الإفريقي، مثل جيبوتي والجزائر، يمنح السودان فرصة في إستعادة موقعه وموقفه الإقليمي، والتصدي لكل محاولات الإستهداف الإماراتي وتحقيق أهداف أطرافًا خارجية على حساب السودان ووحدته واستقراره.

مقالات ذات صلة