الرشيد الطاهر بكر ( ملامح واعلام في السياسة السودانية ) .. بقلم / أبوبكر الشريف التجاني الشريف.. الجذور والنشأة

بسم الله نبتديء وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم نقتدي. الرشيد الطاهر هو من أحفاد الأمير بكر ، كان أميرا في الثورة المهدية ، من قبيلة بني هلال ، وهي من بطون القبائل العربية التي ينتهي نسبها إلى أبي زيد الهلالي ، وهي واحدة من مجموعة قبائل جهينة ، أي القبائل التي نزحت من شمال الجزيرة العربية ثم انتشرت في شمال وغرب افريقيا. ثم وصلت منها مجموعات إلى غرب السودان ، مثل قبائل الرزيقات والمسيرية والحوازمة والهبانية وغيره. خلاف القبائل العربية النيلية في شمال السودان، مثل قبائل الجعلين والشوايقة والرباطاب وغيره، وهي تنتمي إلى المجموعة القحطانية( القحطانيين ) وهم العرب الذين نزحوا من جنوب الجزيرة العربية. قبيلة بني هلال التي ينتسب إليها الأمير بكر ، هي من أوائل القبائل الصغيره التي تمردت على الخليفة عبدالله التعايشي ، بقيادة الأمير بكر. فنزح الأمير بكر بقواته متمردا إلى منطقة كركوج في النيل الأزرق عام ١٨٩٨ م وهي تمثل له المكان الآمن والأقرب إلى بلاد الحبشة ، بعيدا من الخليفة عبدالله الذي اصبح محاصرا في ام دبيكرات من كل الاتجاهات. *بعد سقوط الخليفة عبدالله في ام دبيكرات* لم يغادر الأمير بكر كركوج بل طاب به المقام في كركوج ، فتوثقت عرى العلاقة الطيبة بينه وبين الشريف محمد الخاتم، وهو والد الشريف محمد الأمين الذي أصبحت كركوج تعرف به ، واشتهرت في عصره بالتصوف الإسلامي والإرشاد والدعوة. مما دعم هذه العلاقة كانت هنالك مودة طيبة بين الشريف محمدالخاتم والإمام المهدي ، الذي التقي به في طيبة الشيخ القرشي ودالزين فتعرف عليه في الوقت الذي جاء فيه محمداحمد لتجديد الطريقة السمانية على يد الشيخ القرشي قبل قيام الثورة المهدية. فقد حفظ الإمام المهدي للشريف الخاتم حقه القرابة التي كان يهتم بها الإمام المهدي انهم أبناء عمومة وأنهم ينتسبون إلى نسب النبي صلى الله عليه وسلم كعادة الإمام المهدي مع كل من يثبت نسبه انه من آل البيت.فكان للشريف الخاتم الفضل أن يزوج الأمير بكر بالسيدة خديجة بنت ابوحطيبة ذات الأصول المصرية، وهي جدة والدة عوض أبوالعلا من الأسر الرأس مالية المعروفة في السودان( أسرة ابوالعلا ) التي ارتبط بها رجل الخير والإحسان المرحوم محمد عبدالمنعم محمد الذي له عدد كبير من الأوقاف الإسلامية.
لقد كانت لأسرة أبوالعلا ارتباط بكركوج بسبب التجارة ، منذ وقت مبكر.
فانجب الأمير بكر ابنه الطاهر والد الرشيد الطاهر بكر. فخلف الطاهر بكر والده الأمير بكر في الإدارة الأهلية بموجب القانون الذي اصدرته الحكومة البريطانية عام ١٩٢٢م .فتحولت الإمارة إلى نظارة. فانتقلت الأسرة من كركوج إلى القضارف ثم اعطي قسمة من الإدارة الأهلية في القضارف في ديم بكر وحوش بكر في الجزيرة. بينما اعطي الأمير النور عنقرة في ديم النور بالقضارف. علما لم يكن للأمير بكر حواكير في كركوج ولم يكن له حواكير في القضارق قبل اصدار قرار الإدارة الأهلية عام ١٩٢٢م. *نشأة الرشيد الطاهر بكر* تزوج الناظر الطاهربكر السيدة صفية خليل وهي من قبيلة العمراب في كركوج، فانجبت له الرشيد الطاهر بكر عام ١٩٣٠م. ذكرت والدته انه حملته طفلا صغيرا وهو رضيع ذهبت به إلى العارف بالله الشريف محمد الخاتم ، تلتمس له البركة، وكان الشريف محمد الخاتم رجلا ذاكرا كثير تلاوة القرآن الكريم، فلجه لها بتمرة مضغها ثم اعطاءها له في فمه، فكان لها اثرها الطيب على حياته ونشاته التدينية والروحية، فشب الرشيد الطاهر طفلا صالحا نجيبا ذاكرا محبا للعلم والعبادة . فكان الشيخ حسن الفاتح قريب الله يماذحه بالحديث ويناديه بالرشيد الرشيد. تزوج الرشيد الطاهر بكر ابنه العارف بالله الشريف محمد الأمين السيدة الشريفة آمنة وله منها عدد الأبناء والبنات. *مراحله التعليمية.*بدأ الرشيد الطاهر بكر تعليمه الأولي بمدرسة كركوج الابتدائيه، التي أسست عام ١٩١٢م ، ثم اكمل تعليمه بالقضارف ثم التحق بمدرسة حنتوب الثانوية، ثم تخرج من كلية القانون جامعة الخرطوم. كان طالبا مميزا ونشيطا ، كان رئيس اتحاد الطلاب الإسلاميين بجامعة الخرطوم لحركة الأخوان المسلمين( جبهة الميثاق ). التقى بكبار المرشدين لحركة الأخوان المسلمين بمصر حسن البنا وغيره ، مع الصادق عبدالله عبدالماجد.
وفي العام ١٩٦٤م قدم استقالته عن رئاسة قيادة الحركة الإسلامية بعد خلاف عنيف مع الدكتور حسن الترابي الذي جاء من فرنسا. فكان الخلاف يدورفي كيفية قيادة الحركة الإسلامية. وبعدها إنضم الرشيد الطاهر بكر إلى حزب الزعيم الأزهري، الذي فرح بانضمام الرشيد إلى حزبة. وبعدها انخرط الرشيد في العمل السياسي والعمل بالحاماة. وقد اتهم من ضمن المدنيين الذين شاركوا في انقلاب شنان ، فحكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام بسجن كوبر. وبقدوم حكومة مايو ١٩٦٩م وبعدها تولى الرشيد العديد من المناصب الوزارية والسيادية والدستورية. فعمل سفيرأ بليبيا ثم مسؤولا عن الشئون السياسية للتكامل بين مصر والسودان ثم تنقل في عدد من الوزارات، وزارة الثروة الحيوانية ثم النائب العام ثم إلى أن وصل إلى منصب النائب الاول لرئيس الجمهورية. بعد سقوط حكم مايو عام ١٩٨٥م اعتزا العمل السياسي. وتفرغ لعمله الخاص ، إلى ان توفاه الله تعالى ليلة الوقوف بعرفة عام ١٩٨٧م بالقارة وهو ممسك بمسبحة ودفن بمقابر شمبات.
كانت حياته مليئة بالتقوى والورع وهو مدرسة في الدعوة والإرشاد، والوطنية والنقاء ودوره الرائد في العمل السياسي وعفة اللسان واليد والذهد في الدنيا. توفي ولم يترك من حطام هذه الدنيا سوى بيت تحصل عليه بالتقسيط من البنك ، توفي ولم يترك سيارة تتنقل بها أسرته الكريمة. نسأل الله له الرحمة والمغفرة. ابن كركوج والقضارف الرشيد الطاهربكر
علم من أعلام السياسة السودانية من الرعيل الأول.
الله المستعان. والسلام على من اتبع الهدى.

مقالات ذات صلة