خبر وتحليل – عمار العركي : وزير الخارجية يحرر الجبهة الكينية: دلالات الانتصار الدبلوماسي والتوقعات القادمة

* لم يكن فتح وانتصار يوم امس الجمعة 24 يناير 2025م في السودان عسكرياً فحسب، بل إمتد إلى ميادين السياسة والدبلوماسية، حيث أدار وزير الخارجية السوداني، د. علي يوسف، واحدة من أهم المعارك الدبلوماسية التي من شٱنها تغيير موازين القوى السياسية في الإقليم. على غرار انتصار القوات المسلحة بتحرير القيادة العامة وسلاح الإشارة في قلب الخرطوم بعد حصار دام أكثر من 20 شهرًا، وجاء الوزير بتحرير “الجبهة الكينية” بتحييده لرئيس كينيا وليام روتو عن دعم المليشيا وجناحها السياسي “تقدم”، ليشكل اختراقًا استراتيجيًا في مسار المعركة الوطنية.
*_إلتحام الجبهة العسكرية والجبهة الدبلوماسية_*
* كما إلتقت الجيوش العسكرية على أرض المعركة لتحرير العاصمة الخرطوم ، في ذات التوقيت وبالتزامن، إلتقت الجهود الدبلوماسية لتحقيق تحرير آخر بتحييد “العاصمة نيروبي”،بزيارة وزير الخارجية إلى نيروبي ولقاؤه بالرئيس الكيني وليام روتو ، حيث كانت كينيا واحدة من الدول التي اتُهمت بدعم “المليشيا وتقدم” بطرق مباشرة أو غير مباشرة،حيث حمل د. علي يوسف رسالة واضحة للقيادة الكينية عن حقيقة التطورات السياسية والعسكرية التي قد تكون غائبة ومشوشة ، وأكد على أن السودان يسير نحو استعادة سيادته واستقراره.
* وفي هذا السياق، أضاف الوزير د. علي يوسف بعدًا جديدًا لخلاصة قول مقالنا السابق بمناسبة الخروج الشهير من مقر القيادة العامة،حين كتبنا: (القائد العام يعمل بدفع و إرادة شعبية فكان قراره بالخروج الجريء من مقر القيادة، لقيادة المعركة العسكرية المرئية ، بالتوازي مع قيادة المعارك السياسية والدبلوماسية غير المرئية).
* وهو ما أكده الوزير د. علي يوسف بوضوح في زيارته الأخيرة، حيث عكس هذا التكامل بين الأداء العسكري والدبلوماسي في إطار “حرب وجودية” تتطلب صبرًا وثقة في القيادة ، التي تخوض معركتين متوازيتين بأدق الاستراتيجيات وأذكى التكتيكات .
*_بيان نيروبي: خطوة نحو إستعادة الثقة_*
* كان توقيع البيان المشترك بين السودان وكينيا، الذي تعهد فيه الطرفان بدعم السلام والإستقرار ومعالجة قضايا الإرهاب والاتجار بالبشر، بمثابة إعلان عن مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية. ولم يكن ذلك مجرد توقيع بروتوكولي، بل كان انتصارًا يعكس نجاح الدبلوماسية السودانية في كسب كينيا كشريك متعاون، بدلاً من أن تكون خصيم متماهي مع المليشيا.
*_تحييد روتو: ضربة دبلوماسية قاضية على العمالة والخيانة_*
* تحييد الرئيس الكيني وليام روتو بدعم عودة السودان إلى الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد، وترحيبه بزيارة السودان، يمثلان تحولًا كبيرًا. هذا الإنجاز لم يكن سهلاً، إذ احتاج إلى جهود دبلوماسية مكثفة قادها وزير الخارجية ببراعة، فتحييد كينيا، التي تُعتبر أحد الأطراف المؤثرة محلياً وإقليمياً ،والملاذ الآمن لعملاء وخونة الوطن الذين سيفقدون هذا الملاذ ، يعادل تحرير منطقة استراتيجية في معركة عسكرية.
*_بين النصر العسكري والدبلوماسي: دروس في الصمود والتخطيط_*
* تمامًا كما بدأت القوات المسلحة رحلتها الشاقة من وادي سيدنا العسكرية إلى تحرير القيادة العامة وسلاح الإشارة، بدأت الدبلوماسية السودانية رحلة استعادة مكانة السودان الإقليمية، وكما دفعت القوات المسلحة أرواح جنودها لتحقيق أهدافها، بذلت الدبلوماسية السودانية جهدًا استثنائيًا لكسب الحلفاء وقطع خطوط الإمداد السياسي والإعلامي للمليشيات.
*_دلالات الاختراق الدبلوماسي_*
* زيارة د. علي يوسف إلى نيروبي أكدت أن السودان يمتلك قيادة دبلوماسية قادرة على التفاوض وإحداث تغيير في مواقف دول الجوار..
* التقدمات الميدانية والإنتصارات العسكرية للقوات المسلحة عززت من المواقف الدبلوماسية التفاوضية، مما أعطى وزنًا أكبر للرسائل التي حملها وزير الخارجية إلى كينيا.
* نجاح السودان في تحييد رئيس كينيا عن دعم مليشيا آل دقلو الإرهابية يمثل اختراقًا استراتيجيًا يحد من قدراتها السياسية واللوجستية.
*_التوقعات المستقبلية_*
* تعزيز هذه الخطوات بالزيارات المتبادلة المتوقعة من شأنه تصفير عداد العلاقة ، وفتح صفحة وآفاق جديدة للمصالح المشتركة والتعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.
* اختراق الجبهة الكينية يمهد الطريق لتوسيع الدبلوماسية السودانية إلى دول أخرى قد تكون داعمة للمليشيات.
* زيارة وتحييد كينيا،بعد زيارة وخطوات سابقة نحو ٱثيوبيا يقترب السودان خطوة جديدة نحو إنهاء إعادة صياغة وترميم تموضعه الإقليمي.

*_خلاصـة القـول ومنتهـاه_*
* كما قال العميد نبيل عبد الله، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة: “العبرة بالخواتيم”، فإن اختراق الجبهة الكينية يمثل نهاية مرحلة من الدعم الإقليمي للمليشيات وبداية لمرحلة جديدة من الانتصارات الدبلوماسية والعسكرية التي تؤكد أن السودان قادر على استعادة مكانته الإقليمية بقوة، وبفضل تكامل الجهود العسكرية والدبلوماسية.

مقالات ذات صلة