نوستالجيا ظبية المسالمة ،،،، بقلم / د.عبدالعظيم عوض

———————

نعي السودانيون في كل أرجاء الدنيا بحزنٍ وأسى بالغيْن السيدة عزيزة آدم منديل التي انتقلت الي جوار ربها في مدينة نصر بالقاهرة عن عمرٍ ناهز التسعين عاما .
ضجت الاسافير بالنبأ الحزين وتناقل الناس خبر وفاتها بحزن بالغ ، ذاكرين سيرتها العطرة في المجتمع الامدرماني وخاصة موطنها الصغير حيّ المسالمة ، حيث كانت الراحلة ملهمة شعراء حقبة الأربعينات والخمسينات التي ازدهت بما عُرف بشعر الحقيبة وشعرائها الفحول ، واسترجع الناعون -ولاحظت أن معظمهم من الشباب المعاصر بطبيعة الحال- ، إسترجعوا لقبها المحبب [ ظبية المسالمة] الذي عُرفت به ، في إشارة لأغنية العميد أحمد المصطفي الرائعة بنت النيل والتي كتبها الشاعر المهندس بشير عبدالرحمن ، وكعادة العميد وكثير من مطربي ذلك الزمان ادخل علي الاغنية في نهايتها ما كان يُغرف بالكَسْرة ( ظبية المسالمة الفي الخمايل حايمة …. ) وكانت تلك الإضافة من تأليف الجاغريو توأم احمد المصطفي ورفيق دربه ، فسارت بتلك الإضافة الركبان وصارت ملازمة لملهمتها ظبية المسالمة كما وصفها الشاعر السيدة عزيزة منديل .
الملاحظة الجديرة بالاشارة هنا ، هي أن خبر وفاة السيدة عزيزة كان يمكن أن يمر عادي جدا لو كانت الظروف عادية ، لكنها النوستالجيا Nostalgia التي هيمنت علي السودانيين من جراء هذه الحرب اللعينة وابعدتهم عن بيوتهم وأحيائهم وبلدهم الذي أكاد أجزم أنهم لم يروه جميلا مثل اليوم ، وقد تفرقوا أيدي سبأ بين بلدان الجوار بين نازحين ولاجئين ، وبينهم السيدة عزيزة منديل التي إختارت القاهرة ملجأً لها هي واسرتها وتوفيت فيها بعيداً عن أم درمان وبيتها في حي المسالمة .
والنوستالجيا تعني الحنين الي الماضي والي الوطن والي الاهل والعشرة القديمة واحداث زمان ، عليه للسودانين الف حق في أن يبكون فقيدة آل منديل ملهمة شعراء تراثهم الفني الجميل ، في زمان المسغبة والبعاد والتشتت ياالله يااالله ، هو إذاً بكاءٌ ونواحٌ علي الوطن برمزية سليلة آل منديل ظبية المسالمة السيدة عزيزة عليها رحمة الله وغفرانه ، وكما يقول علماء النفس ، فقد جعل العقل السوداني من رحيلها آلية دفاع لتحسين الحالة النفسية والمزاج ومقاومة الشعور المر بالوحدة والبعاد وألم الفراق .
إذن هاهي الراحلة العظيمة التي الهمت الوجدان الوطني السوداني في منتصف القرن الماضي بروائع الغناء ، هاهي تمنحهم برحيلها رغم البعد والبعاد مزيدا من الالهام لمواجهة هذه الحقبة الكئيبة بكل قيم التحدي والتصميم وقوة الارادة لتجاوز المرحلة بعزمٍ يعزز الثقة بالنفس ويوجه شعبنا الأبي وجيشنا الجسور نحو الانتصار الحاسم علي الاوباش وملاقيط عرب الشتات الذين قطعا لم يسمعوا من قبل بظبية المسالمة ولا المسالمة ذاتها وسكانها الجميلين الذين كانوا علي الدوام دليلا علي تعايش السودانيين السلمي علي مرّ العصور ، وكانوا بذلك نموذجا حياً للسودان أو فلنقل سودان ٥٦ الذي تخشاه مليشيا آل دقلو وظنوا أنهم سيقضون عليه ، وبعض الظن إثم .. رحمة الله تتنزل علي السيدة عزيزة آدم منديل ولتطمئن روحها بأن اهل السودان سيعودون قريبا إن شاء الله الي بلدهم وسيذكرون علي الدوام قصة حياتها الملهمة ورحيلها الأكثر إلهاما .
د. عبدالعظيم عوض ،،،

مقالات ذات صلة