عمار العركي : واشنطن تفرض عقوبات على البرهان: هل يعرقل القرار مسار الحسم في السودان؟
* في خطوة تعكس تصعيداً جديداً في الموقف الأمريكي تجاه السودان، أفادت وكالة رويترز، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان. وبحسب المصادر التي تحدثت يوم الخميس، 16 يناير 2025، تأتي هذه العقوبات على خلفية اتهامات موجهة للقوات المسلحة السودانية بارتكاب انتهاكات تشمل استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية، فضلاً عن منع وصول المساعدات الإنسانية.
* وأكد أحد المصادر، وهو دبلوماسي مطلع، أن رفض الجيش السوداني المشاركة في محادثات السلام خلال العام الماضي كان من أبرز الأسباب التي دفعت واشنطن إلى اتخاذ هذا القرار. وفي هذا السياق، تستعرض القراءة التحليلية لأبعاد هذا القرار الأمريكي، وتوقيته، ودوافعه، إلى جانب التأثيرات المحتملة على مسار الحسم العسكري والسياسي في السودان، والخطوات التي يجب على الحكومة السودانية اتخاذها لمواجهة هذه التحديات :
*
*_الدلالات السياسية_*
* الضغط على الجيش السوداني : القرار يشير إلى محاولة أمريكية للتأثير على ديناميكيات الحرب في السودان، وربما لعرقلة مسار الحسم الذي يبدو أنه يسير لصالح الجيش والحكومة.
* إشارة دعم لقوى أخرى ، فالعقوبات قد تعكس انحيازًا من الولايات المتحدة تجاه أطراف أو جماعات مناوئة للجيش، خاصةً في ظل الاتهامات المتبادلة حول الانتهاكات والمسؤولية عن الأزمة الإنسانية.
*_الدوافع الأمريكية_ :*
* الدوافع الأميركية لفرض العقوبات يمكن تحليلها من خلال التالي:
* الضغوط الإنسانية، و إستخدام. قضية انتهاكات حقوق الإنسان و استهداف المدنيين كأداة رئيسية لتبرير العقوبات، خاصة مع تقارير عن المجاعة ونقص الغذاء ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
* يبدو أن دبلوماسية واشنطن تسعى لإعادة السودان إلى طاولة المفاوضات صاغراٍ عبر أدوات العقوبات، بعد رفض الجيش والحكومة المساس السيادي بالمشاركة في محادثات “جنيف” غير المنصفة ومحايدة .
التوازن الإقليمي يجعل الولايات المتحدة ترى في التقدم العسكري السوداني تهديداً لاستقرار إقليمي أوسع، خاصة في ظل تأثير السودان على دول الجوار، مثل ليبيا وإثيوبيا وتشاد .
*_الآثار المتوقعة_*
* على الوضع العسكري، قد تكون
العقوبات محاولة لإضعاف القيادة العليا للجيش وإرباك خططها العسكرية، لكنها في الوقت ذاته قد تُسرِّع خطوات الحسم، حيث قد يسعى الجيش لتثبيت السيطرة بسرعة أكبر لتجنب ضغوط دولية إضافية.
* يتأثر الوضع السياسي والدبلوماسي، بإضعاف وخلخلة المواقف السودانية، العقوبات قد تؤدي إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية للسودان على الساحة الدولية.
* تقوية الأطراف المعارضة بأن تعطي العقوبات دفعة معنوية لقوى المعارضة أو الجهات التي تسعى لإضعاف نفوذ الجيش في الداخل والخارج.
* تأثر الوضع الإنساني حال تأثرت العمليات العسكرية والدبلوماسية، بما يؤدي إلى تفأقم الأزمة الإنسانية ، خاصةً إذا استخدمت العقوبات لتبرير عرقلة المساعدات الدولية أو استهداف البنية التحتية.
*_هل القرار انتكاسة أم دعم لمسار الحسم_ ؟*
* إذا كانت العقوبات تهدف إلى كبح جماح الجيش وإجباره على التفاوض، فقد تمثل انتكاسة لمسار الحسم الذي كان يمضي قدماً.، على الجانب الآخر، قد تؤدي هذه العقوبات إلى تعزيز موقف الجيش داخلياً، حيث يمكنه استغلالها لتعبئة الدعم الشعبي والوطني ضد التدخلات الخارجية.
*_ما يجب القيام به_*
* اضافة إلى الاسراع في مسألة الحسم العسكري ، على الحكومة التحرك بسرعة لبناء استراتيجية شاملة لإدارة الأزمة داخلياً وخارجياً ، على ان تجمع الإستراتيجية بين التحرك العسكري على الأرض والتحرك السياسي والدبلوماسي
* خارجياً. ينبغي التركيز على كسب المواقف الدولية و تفنيد الادعاءات الموجهة واستثمار الدعم الإقليمي والدولي لصالح مسار الحسم النهائي.
* تشكيل لجنة وطنية لحقوق الإنسان ، وإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المزعومة لتعزيز المصداقية أمام المجتمع الدولي وإظهار استعداد الحكومة ، مع إطلاق حملات إعلامية موجهة للمنظمات الدولية والإعلام الغربي لتوضيح التحديات التي تواجهها الحكومة السودانية، بما في ذلك التدخلات الأجنبية وتعقيدات الوضع الإنساني.
* تعزيز الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية بإطلاق برامج توعية شعبية لإظهار أن العقوبات تهدف إلى التدخل في الشؤون السودانية، مما يعزز الالتفاف الوطني حول الحكومة والجيش.، ودعوة الأحزاب السياسية والكيانات الوطنية لدعم خطة وطنية شاملة للحل السياسي والعسكري.
*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
* العقوبات الأمريكية المرتقبة، تبدو بمثابة محاولة لإعادة خلط الأوراق في السودان في توقيت يتسم بحساسية شديدة. وعلى الرغم من أنه قد يُحدث اضطراباً في مسار الحسم العسكري والسياسي، إلا أنه قد يدفع الجيش السوداني لتسريع خططه لتعزيز سيطرته وتقوية الجبهة الداخلية وتعزيز الإلتفاف حول القيادة ، وسناريو العقوبات الامريكية علي الرئيس السابق عمر البسير خير مثال لذلك.
* فى الوقت نفسه، فإن تأثير العقوبات سيعتمد على كيفية التعاطي والتعامل معها ، خصوصاً الجيش الذى امام تحدي جديد بضرورة الحسم النهائى في توقيت لا يحمل اي تأخير او تأجيل ، اضافة الي مدى القدرة على استغلال الدعم الإقليمي والمحلي لمواجهة العقوبات والضغوط الخارجية .