عمار العركي : مشاهد وصور من ملحمة بغداد: تحدي امتحانات الشهادة السودانية بعد 25 عاماً

* في آخر مقالاتنا عن امتحانات الشهادة السودانية، تناولنا مشاهد وصوراً من واقع هذه الملحمة التي جسدت تلاحماً شعبياً ورسمياً لعقد الامتحانات رغم الظروف الاستثنائية. كثرة هذه المشاهد والرسائل التي وردتنا جعلت حصرها جميعاً مهمة مستحيلة، إذ استقبل بريدنا الخاص اتصالات ورسائل من ممتحنين وأولياء أمور ومواطنين سودانيين من داخل وخارج السودان، من أمدرمان، القضارف، الدمازين، إلى القاهرة، الإسكندرية، جيزان، بغداد، أصوصا، وبني شنقول.
*_رسالة الجالية السودانية في بغداد: صوت التحدي والتقدير_*
* وسط هذا السيل من الرسائل، استوقفتنا رسالة مميزة من الجالية السودانية في بغداد، حملت في طياتها تفاصيل ملحمة حقيقية. الرسالة لم تكن مجرد وصف لما حدث، بل حملت إصراراً من بعض أفراد الجالية على أن نشكر السفارة السودانية وطاقمها على الجهود الكبيرة التي بذلوها لتنظيم امتحانات الشهادة السودانية لأول مرة منذ أكثر من 25 عاماً. هذا الإصرار كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتنا إلى تناول “ملحمة بغداد” وتسليط الضوء عليها في هذا المقال.
*_ملحمة بغداد: إرادة أقوى من التحديات_*
* بعد أكثر من ربع قرن من الانقطاع، نجحت السفارة السودانية في العراق في تنظيم امتحانات الشهادة السودانية لأبناء الجالية. التحديات كانت كثيرة؛ من تأخر حصول المندوب المكلف بنقل أوراق الامتحانات على تأشيرة الدخول، إلى تهيئة مقر السفارة الجديد ليصبح مركزاً تعليمياً ملائماً. ورغم هذه الصعوبات، تمكنت السفارة من تذليل العقبات وضمان عقد الامتحانات في موعدها.
* ما يميز هذه التجربة هو الإشراف المباشر من السفير والجهود الحثيثة التي بذلها طاقم السفارة لتجهيز القاعات وتأمين بيئة مريحة وصحية للطلاب. هذه الجهود عززت الثقة بين السفارة وأبناء الجالية، وأكدت أن التعليم هو أولوية وطنية حتى في أصعب الظروف.
رسائل شكر وتقدير
* رسالة الجالية السودانية في بغداد لم تقتصر على وصف التحدي، بل كانت مليئة بكلمات التقدير للسفارة وطاقمها. أصر بعض أفراد الجالية في اتصالاتهم معنا على أن ننقل شكرهم وامتنانهم للسفارة التي جسدت دوراً وطنياً تجاوز حدود العمل الدبلوماسي التقليدي. لقد أظهرت هذه التجربة كيف يمكن للسفارات السودانية أن تتحول إلى منصات لخدمة الوطن والمواطن في آن واحد.
*_رسائل ملهمة ودروس مستفادة_*
ملحمة بغداد لم تكن مجرد امتحانات، بل درساً في الإرادة والعمل الجماعي. أكدت التجربة أن السودان، رغم تحدياته، يظل قوياً بأبنائه الذين يسعون للحفاظ على هويتهم الوطنية. كما أظهرت التجربة قدرة السفارات السودانية على التكيف مع الظروف وتقديم خدمات جوهرية تعزز انتماء الجاليات بالخارج لوطنهم.
*_خلا صة القول ومنتهاه_* :
* تمثل تجربة السفارة السودانية في العراق بتنظيم امتحانات الشهادة السودانية نموذجاً يُحتذى به للعمل الدبلوماسي الذي يضع احتياجات المواطنين في مقدمة أولوياته. ملحمة بغداد هي شهادة على أن التلاحم بين المؤسسات الرسمية والجاليات السودانية بالخارج قادر على تحقيق المستحيل. كل الشكر والتقدير للسفارة السودانية في بغداد، وطاقمها الذي بذل جهداً استثنائياً ليبقى التعليم رسالة وطنية تعبر حدود المكان والزمان.

مقالات ذات صلة