د. عبدالعظيم عوض يكتب : ثم ماذا بعد …؟

خطاب السيد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة والذي لقي اهتماما كبيرا من معظم الوسائط المحلية والخارجية وتم بثه مباشرةً ، يمكن القول أنه وضع الخطوط العريضة لإدارة سودان ما بعد الحرب ، ولعلّ توقيته اضفي عليه مزيدا من الأهمية كونه جاء وسط أفراح السودانيين بعودة مدني لحضن الوطن ، فضلا عن التقدم المتسارع الذي باتت تحرزه قواتنا الباسلة علي كل المحاور، والذي يقابله مايشبه الانهيار وسط قوات العدو .

الخطاب كان خطاب دولة بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ ، ورسم خارطة طريق لما ينبغي أن يكون عليه الحال في المرحلة القادمة ، مشددا علي أهمية الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية في هذه المرحلة مما يمكن معه تفعيل كل المطلوبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأجل إعادة البناء والتعمير ، وهو المحور الأهم لمرحلة سودان ما بعد رد العدوان الغاشم الحالي ، ونحسب أن مايشهده الوطن حاليا من التفاف واسع حول قيادته وقواته المسلحة يمكن أن يكون أساسا جيدا للشروع فورا في التعمير والبناء .

خاصة وأن السيد نائب رئيس مجلس السيادة قد تطرق في خطابه الشامل لموضوع تشكيل اللجنة القومية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ، وتلك مهمة قد تكون عسيرة لكنها ليست مستحيلة ، ولعلّ مؤشرات نجاح هذه اللجنة تبدأ من تكوينها نفسه ، إذ لابد أن يتوفر لها الامكانيات اللازمة التي تعينها علي أداء المهمة الوطنية الكبيرة الملقاة علي عاتقها ، كما ولابد أن يُراعي في تشكيلها تمثيلا قوميا مع التركيز علي الولايات الأكثر تضرراً .

ونحسب انه لابد من الوضع في الاعتبار أن عملية الإصلاح الاجتماعي تأتي في أولوية عمليات إعادة الاعمار لأن هذا العدوان اللئيم أحدث خرابا في النفوس والبنية الاجتماعية للسودانيين لم تحدث في تاريخنا القريب ، وبدون رتق النسيج الاجتماعي الذي احدثت فيه الحرب شرخا واسعا ، يصبح الاعمار بمفهومه المباشر المتمثل في البناء المادي غير ذي جدوى .
يبقي الأمر الأهم الذي تضمنه خطاب السيد عقار هو البناء المتعلق بالكيانات السياسية من أحزاب وقوى سياسية ومدنية ولعل هذا مبحث يحتاج الي كثير من الإصلاح يبدأ من داخل مؤسسة مجلس الاحزاب وقانونه واللوائح المنظمة لأعماله، ولعل هناك اجماعا علي أن أحد أبرز الأسباب التي اوصلتنا الي ما نحن فيه الآن من فشل هو غياب القوي السياسية القادرة علي اقناع جماهيرها بجديتها في البناء السياسي والوطني مما أحدث هوة عميقة بين الاحزاب وجمهورها الذي وجد ضالته في الكتل القبلية والمناطقية كبديل يوفر له الأمن والأمان وسط حالة من الاستقطاب والسيولة الاجتماعية والامنية انتهت بالبلد الي الوضع البائس الحالي.
عبدالعظيم عوض ،،،،

مقالات ذات صلة