إعمار السودان (المعاني قبل المباني)….(3_3) .. بقلم الأستاذ أبوبكر الشريف التجاني الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم
به نبتديء وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نقتدي، نواصل ما إنقطع من حديث وموضوعات في قضايا التعليم العام الحكومي في الدولة السودانية الرشيدة والرائدة.
*العملية التعليمية:*
أريد أن أطرح في هذا المقال ملامح عن العملية التعليمية التي تتكون من ثلاثة أركان أساسية تقوم عليها، إذا سقط أي عمود من هذه الأركان الأساسية، تسقط العملية التعليمية خاوية على عروشها. وهي كالآتي:
1. المعلم
2. المنهج
3. التلميذ
يمكن أن نضيف لها ركنًا رابعًا، وهو البيئة المدرسية الصالحة التي تتم فيها العملية التعليمية.
*المعلم:*
إذا نظرنا إلى المعلم في العملية التعليمية، فهو حلقة الربط وعمود الإرتكاز الذي يربط بين المنهج والتلميذ والبيئة المدرسية، يجب إعداده إعدادًا جيدًا وتدريبه تدريبًا جيدًا على المنهج الذي هو جزء من المشاركين في وضعه، بخبراته الطويلة وإلمامه بطبيعة وعادات وتقاليد وأعراف وثقافة دولته، كما يجب أن يكون قد مارس التدريس وتنقل في معظم أقاليم دولته كي يستطيع أن يجعل من هذا التنوع الذي عايشه لوحة ومظهر قوة ووحدة في منهجه الذي يشارك في وضعه.
قد جعل الله تعالى التنوع مظهر قوة في سنة خلقه. على سبيل المثال، أنظر إلى يد الإنسان، حيث تتكون من خمسة أنامل، كل واحد منها يختلف عن الآخر في تنوع متناسق، ولكنهم في الحقيقة مظهر قوة لليد الواحدة في عملية الآلية.
*المناهج:*
هذا التنوع موجود أيضًا في المناهج السودانية من حيث التنوع في اللغات، الألوان، الثقافات، العادات والتقاليد، وأيضًا في الحياة الطبيعية من تدرج المناخ، التضاريس، والغطاء النباتي وغيره. إذن، يجب أن نبدأ بإعداد المعلم أولًا إعدادًا جيدًا، ويتم إختياره من حيث المواصفات التي تنطبق عليه لهذه المهنة الشريفة، مهنة الأنبياء عليهم السلام.
*التعليم والتربية:*
إنظر إلى كيف أعد الله ورسله، وكيف كانت العرب تلقب المعلم بـ”المؤدب”. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أدبني ربي وأحسن تأديبي”.
وعلى الدولة السودانية الرائدة أن تحترم معلمها وتكرمه وتحفزه وتيسر له سبل عيشه الكريم.
وعلى المعلم أن يثقف نفسه بالإطلاع وأن يهذب نفسه بالوقار والإحترام الذي يجبر كل من في الحي ومن في قارعة الطريق على التبجيل له، كما كان يحدث له في الستينات من القرن المنصرم.
*دور المناهج:*
أما الحديث عن المناهج، فهو باب كبير والحديث عنه لا يُخلص، لكن يجب أن نعطي بعض الملاحظات عن كيفية تصميم وتطوير المناهج التعليمية، بالنسبة للدول العربية الإسلامية، يجب عليها حتمًا تحفيظ القرآن الكريم بالنطق الصحيح والتلقين السليم لأحرفه وصفات الصوت في علم التجويد.
ثم يجب أن نعطي اللغة العربية مكانتها في نفوس أبنائنا التلاميذ، لأنها لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة.
ونقوم بتحفيظهم النصوص الأدبية الجيدة من الأشعار، النثر، القصص، والروايات التي تنمي الخيال عند الأطفال.
*التعليم في مراحل الطفولة:*
يجب أن نشجع الأطفال على الخيال وتصور الأشياء في أذهانهم، وأن نعطيهم شيئًا من قصص القرآن الكريم لأنها حق. وأن نعطيهم حظًا وافرًا من سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم. هذه السيرة والقصص شفاء للنفس وغذاء للروح، وتتوافق مع الفطرة السليمة للأطفال.
إذا نشأ الأطفال على حب نبيهم وحفظ سيرته وحديثه الشريف، سيصيبهم البركة ويحدث لهم الرشد والنبوغ والاستقامة. كما ينفتح عليهم العلم من الله تعالى من غير جهد وعناء.
*اللغة العربية وأثرها:*
اللغة تعبر عن وعاء فكري لكل العلوم. إذا أصبح التلميذ لغته عالية، يستطيع أن يقرأ ويفهم ويجاوب ويكتب. إذن، تجويد اللغة العربية للتلميذ مهم جدًا في تفوقه وحصوله على مراتب علمية عالية في مختلف العلوم، مثل الطب والهندسة
—
*التعليم المبكر:*
يجب أن نبدأ بالتعليم المبكر وتحفيظ القرآن الكريم واللغة العربية الفصحى. وبعدما نمكن التلميذ من تحفيظ وتلقين جيد للغة العربية، ننتقل به تدريجيًا إلى دراسة اللغة الإنجليزية، بحيث يبدأ بالبسيط من غير تعقيد.
يجب أن يجد نفسه كل يوم يكتشف شيئًا جديدًا في لغة أخرى غير لغته.
*التربية الوطنية:*
أيضًا يجب أن يدرس التلميذ تاريخ وجغرافية دولته. ثم يبث فيه روح التربية الوطنية، ويشعر بالانتماء لوطنه والدفاع عنه من خلال الأشعار والمسرحيات والجمعيات الأدبية.
*البيئة المدرسية:*
يجب أن تُهيأ له البيئة المدرسية الصالحة ببناء المسارح، الميادين الرياضية، المناشط الثقافية المختلفة مثل الدورات المدرسية، إقامة الجمعيات العلمية والثقافية، والصحف الحائطية.
هذه الأنشطة هي جزء مهم من حياة التلميذ، حيث يمكن أن يفقدها في التعليم الخاص. ولكنها مهمة لأنها ترسم صورة طيبة في وجدانه حين يصبح رجلاً مسؤولًا في مجتمعه ووطنه، وتنمي روح الانتماء وحب الوطن.
ختامًا:
وأخيرًا وليس آخرًا، نأمل ونثق في أن يعود التعليم العام في السودان قويًا ومعافى كما كان في عصره الذهبي.
والله المستعان،
والسلام على من اتبع الهدى