د. عبدالعظيم عوض يكتب : حقيقة حكاية ( الثورة) _ _١من٢_ _
ونحن نُقدِم علي النصف الثاني من ديسمبر هذا الشهر الذي شهد في التاسع عشر منه قبل خمسة أعوام بداية الحراك الشعبي الذي أفضى الي تغيير نظام الحكم في السودان بسقوط نظام الإنقاذ وابداله بنظام آخر وفاءً للشعار المبهم ( تسقط بس) ، وحين سقط النظام بدأنا نتلفت بحثا عن البديل الثوري فلم نجد سوى غوغائية وفوضى ، كان طبيعيا أن تقودنا الي الحال المايل الذي نعيش تفاصيله الان ، ومع ذلك هناك من يحتفل الان بما اسماه ” ثورة ديسمبر المجيدة” يحتفلون وسط غبار الحرب والجوع والتشرد والقتل والدمار وكل جرائم الحرب التي لم يشهد لها العالم المعاصر مثيلا !
والحقيقة إن الذي حدث في بلدنا السودان في ١٩ ديسمبر لايمكن باي حال أن نسميه ثورة فنظلم انتفاضات السودانيين السابقة والثورات التي شهدها العالم علي مر تاريخه وعلي أساسها توصل علماء التاريخ والسياسة الي تعريف لمصطلح الثورة وهو باختصار ” إنتقال السلطة من الطبقة الحاكمة الي طبقة الثوار” ، لكن الذي حدث في السودان هو أن السلطة انتقلت من الطبقة الحاكمة الي الدهماء والرجرجة فصرنا الي ماصرنا اليه اليوم كما ترون نعيش الخيبة في كامل معانيها .
نعم ، لا جدال في أن تلك الأيام شهدت تظاهرات ومسيرات مليونية دعت للتغيير ، وإضطرت السلطة الحاكمة تحت هذا الضغط الجماهيري أن تتنحي عن السلطة كرها، نزولا لما كانت تظنه إرادة الشعب صاحب السلطة ومصدرها الي أن ( حدث ماحدث) .
والذي حدث بعد ذلك بالطبع بات معلوما للجميع ، حين اتضح أن كل تلك المظاهرات الشعبية الحاشدة التي شابهت في كثيرٍ من جوانبها ثورات ما أُطلق عليه الربيع العربي ، لم تكن سوى مظاهر لما هو متخفٍ وراءها من تآمرٍ شيطاني بين بعض السفارات وقيادات أمنية نافذة ورجال أعمال ممن يطلق عليهم زورا الراسمالية ” الوطنية” !
وبنظرة فاحصة لوقائع يوميات الحرب المدمّرة الحالية نجد انها الحلقة الأخيرة من سلسة المؤامرة الكبرى علي السودان والتي بدأت في الحقيقة في ٢٠١٣ وليس ٢٠١٩ كما يعتقد البعض ، صحيح تم القضاء علي الحلقة الاولي باستخدام القوة المفرطة ، التي لم تكن مجدية في المرحلة التالية ، خاصة بعد تمرد قوات الدعم السريع المتعمد ، والغياب القسري لهيئة العمليات التابعة للمخابرات، ثم الغياب غير القسري لمدير المخابرات نفسه .
اذن العدوان الشرس الحالي علي السودان او الحرب الحالية هو الفصل الأخير من المؤامرة والذي بدأ في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ وذلك قبل الوقت المحدد من ِقبَل المخرج الإماراتي حمد محمد الجنيبي الذي عاد الي السودان في مايو ٢٠١٥ تحت ستار سفير دولته في الخرطوم ، وكان قبل ذلك الرجل الثاني في ذات السفارة ، وبين المهمّتين في سفارة الخرطوم انتقل الي انجمينا سفيرا لبلاده في تشاد قبل أن يقدم أوراق اعتماده للرئيس البشير سفيرا فوق العادة مطلق الصلاحية في ٢٨ مايو ٢٠١٥، وكان الجنيبي طوال تلك الفترة يضع سيناريو آخر فصول مؤامرة بلاده علي السودان بالتنسيق مع بعض عناصر المخابرات التشادية ، الذي يبدو كما أشرنا انه بدأ قبل موعده المحدد بدليل ان الرجل كان خارج السودان ، مما اضطره للعودة سريعا عن طريق البحر علي أثر تعطيل جميع مطارات السودان وإغلاق اجوائه بأمر الحرب .
تلك كانت إشارات عجلى لما حدث في ديسمبر ٢٠١٩ تحت لافتة تنظيم وهمي إسمه إتحاد المهنيين الذي تلاشي بعد هذه الثورة المزعومة وخرج ولم يعد حتى الآن .
وكانت خلاصات المؤامرة هي إبعاد الجيش بالقضاء علي قائده واستبداله بقائد الدعم السريع الذي يفترض أن يتولى السلطة بالتنسيق مع مجموعة الحرية والتغيير قحت ، ولعلنا نتذكر أيام الاعداد للاتفاق الاطاري الذي خرج فجأة للوجود من نقابة وهمية اسمها لجنة تسيير نقابة المحامين ، ثم ممارسة الضغوط علي الجيش ليكون حاضرا لورش تسعي الي اقصائه وتهميش دوره تحت غطاء إعادة الهيكلة ، ثم اللغة العنترية التي كان يخاطب بها ( القحاطة والدعامة) رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش ، حيث كانوا وقتها مطمئنين تماما لخطة الكفيل الإماراتي وبقية السفراء والمبعوث الأممي فولكر الذي خلع القبعة الاممية وزار حميدتي في الجنينة كمبعوث من المخرج الجنيبي في زيارة غريبة وغامضة عاد بعدها حميدتي شخصا آخر وبدا كأنه الرئيس الفعلي للسودان بعد أن كان نائبا رغم أنف سيئة الذكر الوثيقة الدستورية …
نواصل …
د.عبدالعظيم عوض ،،،،