تقدم تحول مقترح تكوين «حكومة منفى» لآلية سياسية وحمدوك يدعو الدول الصديقة لممارسة الضغوط على طرفي الصراع

اخبار السودان
اخبار السودان » السودان عاجل » تقدم تحول مقترح تكوين «حكومة منفى» لآلية سياسية وحمدوك يدعو الدول الصديقة لممارسة الضغوط على طرفي الصراع

السودان الان •

قام تحالف المعارضة المدنية السودانية المعروف باسم “تقدم” بإحالة قضايا تتعلق بالعملية السياسية ونزع الشرعية عن الحكومة السودانية، التي تتخذ من بورتسودان عاصمة لها، إلى “آلية سياسية” جديدة بهدف دراستها بشكل أعمق. جاء هذا القرار بعد حدوث خلافات بين مكونات التحالف خلال اجتماعها في “عنتيبي” بأوغندا، الذي عُقد في الفترة من الثالث إلى السادس من ديسمبر الحالي.

وأوضح عبد الله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ورئيس الوزراء السابق، في كلمة ألقاها في ختام الاجتماع، أن النقاشات تناولت مجموعة من القضايا الهامة. من بين هذه القضايا، تم التركيز على ملف “حماية المدنيين” في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعاني منها البلاد، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

كما تم تناول قضايا النازحين واللاجئين، إلى جانب ملفات سياسية أخرى تتطلب اهتماماً عاجلاً. يأتي هذا التحرك في وقت حساس، حيث يسعى التحالف إلى تعزيز موقفه في مواجهة الأزمات المتعددة التي تواجه السودان، مما يعكس التزامه بالعمل من أجل تحقيق الاستقرار والعدالة في البلاد.

تباين في وجهات النظر

خلال اجتماعات التحالف، ظهرت آراء متنوعة بشأن عدد من القضايا السياسية، أبرزها الدعوة لتشكيل “حكومة منفى” تهدف إلى سلب الشرعية من “سلطة الأمر الواقع” التي تتخذ من مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر عاصمة بديلة، وتأسيس جبهة مدنية واسعة. وفي هذا الإطار، أشار حمدوك إلى أن الاجتماع تناول هذه الاختلافات بشفافية ومسؤولية عالية، مما عكس روح التحالف وقيمه، لضمان توجيه جهة العمل نحو الهدف المحدد بوقف الحرب وإنهاء الصراعات في البلاد بشكل دائم، وإقامة نظام مدني ديمقراطي. وأكد حمدوك أن الاجتماع أحال مناقشة قضايا الجبهة المدنية والعملية السياسية ونزع الشرعية عن انقلاب 25 أكتوبر 2021 إلى “آلية سياسية” لدراستها بشكل أكثر تفصيلًا بين مكونات “تقدم”.

وبهذا الصدد، جدد الدعوة لرفاقه في معسكر السلام ومناهضة الحرب للتوحد من أجل تحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة. ناشد حمدوك الدول الصديقة والشقيقة في المحيطين الإقليمي والدولي للضغط على أطراف القتال من أجل إعلان هدنة، وتسريع فتح الممرات الإنسانية، بناءً على مقررات منبر جدة الإنساني. كما طالب برفع مستوى الدعم الإنساني للمحتاجين، بما يتناسب مع حجم الكارثة التي تعاني منها البلاد، والتي تُعتبر أكبر كارثة إنسانية من بين الكوارث الحالية. أبرز البيان الختامي للاجتماعات ضرورة معالجة الكارثة الإنسانية، وتطبيق التدابير اللازمة لحماية المدنيين، واعتبرها أولوية قصوى. كما أدان الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها قوات الدعم السريع والجيش، والقوات المتحالفة معهما ضد المدنيين. ودعا إلى تفعيل آليات العدالة والحماية الدولية لضمان وقف الجرائم، وإنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة، وفتح الطرق الإنسانية لتوصيل المساعدات. وقرر إنشاء “آلية خاصة لمتابعة قضايا اللاجئين والنازحين”.

تأكيد على «غياب الشرعية»

في هذا السياق، دعا المشاركون إلى اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لحماية المدنيين، بما في ذلك تطوير اقتراح “المناطق الآمنة”، وانسحاب القوات المتنازعة من المناطق المدنية، وتقليل التواجد العسكري في المناطق المأهولة، وكذلك وقف القصف المدفعي وجولات الطيران. كما طالب الاجتماع المجتمع الدولي بتوسيع صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جميع الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وتمديد حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كافة أنحاء السودان، مما يسهم في تقليل مدة الصراع. وأكد الاجتماع على استحالة إيجاد أي حل عسكري للأزمات في السودان، حيث قال: “إن حرب 15 أبريل حرب معقدة تحمل أبعاداً عديدة وعميقة يجب معالجتها بشكل واقعي وجذري، لكي تكون آخر الحروب في السودان”. ودعا إلى وضع عملية سياسية تتناول أبعاد هذه الحرب وتؤدي إلى سلام دائم، واستكمال مسار ثورة ديسمبر.

وقد دعا المشاركون في الاجتماع الطرفين المتصارعين إلى التوقف عن استهداف المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والعودة إلى مائدة التفاوض دون شروط، مع ضرورة تقديم صوت العقل لإنهاء معاناة الملايين الذين تأثروا بالحرب. واتفقوا على ما وصفوه بـ “إنهاء اختطاف الدولة، واستعادة شرعية ثورة ديسمبر”، وأشاروا في البيان الختامي إلى أن الشرعية “غابت عن السودان بعد إجهاض مسار الانتقال المدني الديمقراطي نتيجة انقلاب 25 أكتوبر 2021، ومنذ ذلك الحين لم تعد هناك أي سلطة ذات مشروعية، حيث علّق المجتمع الإقليمي والدولي عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي ولم يعترف بالسلطة الانقلابية”. نددوا بما وصفوه باستخدام “سلطة بورتسودان” للشرعية كوسيلة لتمديد فترة الحرب وتعطيل فرص السلام، واستخدام الحرب لتحقيق أهداف فشل فيها الانقلاب، بالإضافة إلى اعتماد شرعية زائفة لتقسيم البلاد. وقد تجلى ذلك، وفقًا لهم، في “إجراءات تعديل العملة، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وحرمان المواطنين من حقوقهم الدستورية في الوثائق الرسمية والتعليم، وإصدار قوانين تمييزية مثل قانون الوجوه الغريبة”.

تحول النزاع إلى “حرب للانتقام”

في مؤتمر صحفي، أشار المتحدث الرسمي باسم “تقدم”، جعفر حسن، للصحفيين إلى أن الوضع الإنساني قد وصل إلى مرحلة حرجة، حيث يعاني نصف سكان المنطقة من الجوع، وتدهورت الخدمات الصحية بشكل كبير. وقد ذكر أن بعض المصابين بالأعيرة النارية تعرضت جروحهم للخراب نتيجة “غياب الأدوية والرعاية الطبية”. كما حذر الأطراف المتحاربة من استغلال المساعدات الإنسانية كوسائل للحرب. من جانبه، أكد المتحدث باسم التحالف، بكري الجاك، أن طبيعة الحرب قد تغيرت وأصبحت تُعتبر “حرباً انتقامية”. وقال: “عند حدوث تبادل لمناطق السيطرة بين الأطراف، تظهر ردود فعل تتمثل في اتهام المواطنين بالتعاون مع الطرف الذي فقد السيطرة، وهذا ما حدث في جميع المناطق التي شهدت تبادل السيطرة بين الطرفين، وهذا الأمر مخيف وجديد في طبيعة الحرب”. وحذر الجاك من إمكانية تحول النزاع إلى “حروب صغيرة” ومواجهات بين المواطنين على أسس عرقية وجهوية وجغرافية، بعيداً عن الصراع القائم بين الجيش وقوات الدعم السريع. وفي هذا الصدد، قال: “لا توجد حرب تستمر بنفس الشكل لفترة طويلة، وأي نزاع يخلق ظروفاً داخلية تؤثر على ديناميكيات الصراع قد يجعل من الصعب على من بدأوا الحرب إيقافها”.

المصدر / وكالات

مقالات ذات صلة