مصطفى عبدالعزيز يكتب : قصاصات من بحر دماء اهل الجزيرة
◾القرية الوادعة بطيب اهلها تجمعهم افراحهم واتراحهم
يتفقد بعضهم مع اشراقه كل صباح
يتناولون طعام افطارهم مع بعض
اذا قادتك قدماك الي بيت احدهم لاتخرج دون ان تتناول معهم وجبتك وتحضر نقاشتهم الاجتماعية والسياسية
ويتدثرون بفكاهة وطيب معشر وحسن اخلاق وكرم ضيف وبشاشة لم تؤثر عليها ظروف الحرب
◾ومع اشتداد اور الحرب تذدحم القرية بكثير من النازحين الذي اتو يستظلو بطيبة اهلها وكرمهم فيفتح اهل القرية كل دار غاب صاحبها لتكون ماوي وملاذ لاسر شردتها الحرب بلا مقابل ودون من وفوق ذلك قدمو للقادمين مايعينهم من مؤنه تكفيهم شر الحاجة
وفي ظل هذه الاجواء ويزداد تمسك الناس بدينهم وتظل تجمعهم صلواتهم في المساجد وفيتفقدون بعضهم بعض فيها ومنها تنطلق زياراتهم لتفقد مريض كان بينهم راكعا بالامس ولكنه غاب اليوم ورغم صعوبة الحياة وانغلاق الطرق لوعورتها جراء مايحدثه الشفشافة من افاعيل وانتهاكات يظل للود مكانه فيتقاسمون الزاد بينهم لحين انفراجة تحدث بين الفينة واخري مخترقه هذا الحصار المطبق علي كاهل مواطن الجزيرة
◾في هذه الاجواء المفعمة بالحب والترابط والتكاتف نشاءاحمد ذاك الصبي الذي لم يتجاوز الثماني سنوات من عمره مترعا بحب اهله وعشيرته وقرة عين لوالديه
واحمد كغيره من الاطفال يرتبط بابيه ويتعلق به كثيرا لايفارقه
يتابعه كظله الا من بعض البراحات التي يذهب فيها يلاعب ويلعب مع اقرانه من الاطفال ولكنه يظل يحن الي حضن ابيه الذي حرم منه في بدايات خروجه الي الحياة بسبب تغرب والده في بلاد المهجر بحثا عن رغد العيش لاسرته وتقعد الحرب والده مرافقا لاسرته الكبيرة
◾بعد انحياز كيكل لاتجد المليشيا غير المواطنين المغلوبون علي امرهم والذين ظلو رغم شظف العيش وانعدام العلاج مرابطون بقراهم ينتظرون مصيرهم غير ابهين بما تعج بيه الميديا من اسفافات المتنطعين بشعارات لاللحرب فهي لاتعنيهم في شي فهم يعيشون واقع الحرب ويدركون كننها ومراميها لانهم يتعاملون صباح مساء مع تتار العصر يدفعون الجبايات المفروضه عليهم في كل خطواتهم
◾في ليل حالك من الليالي المظلمة والمليشيا تنتقي قري جديدة تستهدفها تنكيلا ونهبا واغتصابا
يصحو الصبي الصغير كغيره من اهل القرية علي وقع نداء الاستغاثة عبر مكبرات اصوات المساجد
ان انجدو منزل فلان الفلاني فافراد المليشيا قد داهموه بغرض الشفشفة وبدو ينكلو بالاسرة وفيتداعي اهل القرية من كل فج عميق صوب دار صاحب الاستغاثة واغلبهم عاري الصدر الا من شجاعة ونخوة جبلو عليها بلا سلاح فيرهب ذلك المنظر افراد المليشيا رغم حملهم لاسلحتهم فيتسابقون بالخروج من المنزل نحو سياراتهم ويعمرون اسلحتهم في مواجهة هذه الامواج التي يبدو انها لاتخشي الموت
والطفل الصغير احمد يهرع من نومه فيدرك ان ابيه قد غادر المنزل صوب النداء
نداء الاستغاثة والفزع فيخرج في عجلة لاحقا بابيه لم تقهره ظلمة الليالي ولاعتمتها ولايلقي بالا للكلاب التي تحرس جنبات الطريق يهرول مسرعا عله يلحق باابيه
وتشاء الاقدار ان يكون ابيه اول المقتربين من بيت الاستغاثة والجمع يزداد مع هدير صوت المكبرات والاعداد تزداد
ولكن لايحمل اي منهم في يديه شي بل تحملهم ارواحهم وبذلها رخيصة في سبيل كرامتم وعزهم واعراضهم
يرتكز افراد المليشيا ويصوبون نيران اسلحتهم مباشرة الي صدور القادمين نحوهم بلا رحمة في هلع هستيري فتكون الرصاصة الاولي في صدر والد احمد ذاك الصبي الذي اتي متلهفا ليلحق باابيه واصوات الرصاص يزداد سخيبها
وتعمل قتلا وتقتيلا في اصحاب الصدور العارية فيتهاوي الشهيد تلو الشهيد مضرجين بدمائهم لترتوي بها ارضهم ويرقب اثنان من افراد المليشيا الطفل الصغير وهو يجثو علي جثة ابيه وهو يطلق الروح مودعا فلذة كبده كاخر صورة تراه عيناه قبل ان يتشهد ويهرب الطفل منهم فيطاردونه بموتر مطلقين الرصاص نحوه وتستمر المطاردة من شارع الي زقاق ويفلت الصبي منهم وقد اعمي الله بصيرتهم عنه ويعود الصبي الي دارهم في حالة من الفزع والهلع فلايجد امه فقد خرجت علي وقع صوت اول رصاصة مدركة انها في صدر زوجها فقد خبرته مقداما شجاعا سباقا في الفزع
ويمنعها الناس من الوصول الي ساحة المعركة وميدان القتل ومع اذدياد القادمون تخرج المليشيا دون إن تحقق غرضها فيجتمع الناس ليوارو شهدائهم الثري فتحول بينهم والمقابر فيدفنوهم في حرم القرية والصبي ينام هلعا وخوفا وفزعا ويصحو الطفل يسال عن ابيه فيخبره اقرانه فيذهب الي قبر ابيه وياتي حاملا في جيبه بعض تربة قبره تاكيدا اننا لن ننسي وان اطفالنا كذلك وان جرحنا لن تندمل ابدا سيظل يحمله احمد وسيعلمه منه اقرانه وان طيبه وسماحة اهل الجزيرة قد ذهبت مع زخات الرصاص واصوات السكالي واستغاثات وامعتصماه وحشرجات شيخ عجوز المه طول المسير في سبيل البحث عن الامان الذي كان يوفره لكل من استجار به واكفان الموتي التي امتلات بها الطرقات وحتما ولابد اننا منتصرون وباذن الله منتصرين ولكن لن يعود اهل الجزيرة كما كانو