د. ايناس محمداحمد تكتب: المليشيا ،،،،جماعةارهابية(1)
اصبح من المعتاد ان نطالع كل يوم اعمالا إجرامية جديدة للمليشيا المتمردة تستهدف المدنيين العزل وكأنها استراتيجية ممنهجة مستمرة محددة الأهداف تستهدف الشعب السوداني وكل ما يمتلكه ، مجازر بشرية لا يتصورها عقل ولا يحتملها ضمير إنساني ، اغتصاب وقتل وحرق وسرقة ونهب ، خطف للفتيات والنساء ، تهجير قسري للسكان من قراهم ومدنهم ، حجز واعتقال للشباب ، واختفاء قسري للجميع رجال ونساء واطفال ، استخدام المدنيين كدروع بشرية ، هدم للبني التحتية للدولة ، تدمير للموافق الحكومية والخاصة وغيرها من الجرائم .
لا توجد جريمة في قاموس الجرائم الا وارتكبتها هذة المليشيا الإرهابية بل وتوثق ما ارتكبته بنفسها وتنشره للعامة عبر الوسائط الاعلامية المختلفة تحت سمع وبصر العالم اجمع .
وهي بذلك لا تعترف بقانون ولا تحترم دين ولا تنضبط باعراف ولا تحكمها اخلاق ، والمدهش في الامر انه ورغم ذلك كله لم يصنفها المجتمع الدولي كجماعة او منظمة ارهابية حتي الآن !!!!!
اليوم نضع المقاييس ونستعرض المعايير التي وضعها العالم ليصف بها المنظمات الإرهابية، واين هذة المقاييس مما ترتكبه المليشيا المتمردة في المدنيين العزل في قري ومدن السودان .
*ماهو الارهاب*
معلوم ان الارهاب ليس ظاهرة جديدة او غريبة عن المجتمعات ،، بل هو معروف بكل ما يشكله من خوف ورعب واستهجان من المجتمع ، و هو ليس فريدا من نوعه ، ولا يتسم بشكل واحد او نمط ثابت ، بل تتعد الأشكال والإنماط وتتعدد الرسائل التي يحملها الارهاب والتي يرسلها للعالم ، وكذلك تختلف الأساليب حسب اختلاف الغايات التي يسعي إليها الإرهابيين.
لذلك لم يستطع العالم الاتفاق حول تعريف جامع واحد للإرهاب ، لاختلاف أحكام القوانين والاعراف المجتمعية ومعايير الأخلاق واختلاف المصالح الجيوسياسية بين الدول ، لأن من تعتبره ارهابيا مجرما في مجتمع قد يكون بطلا قوميا في نظر مجتمع اخر ، لا سيما في وجود حركات تحررية ضد الاستعمار او ضد حكومات فاسدة او ضد نظام حاكم في بعض دول العالم .
لكن العالم اتفق علي ان الارهاب يترك آثار نفسية بعيدة المدي تتجاوز الضحايا المستهدفين بالاعتداء الي نشر الخوف والزعر لجمهور اوسع وهو المطلوب في أغلب العمليات الإرهابية ، بالإضافة لخسائر اقتصادية تصيب اقتصاديات الدول للمدي الطويل ، ورغم ذلك سعي العالم لتعريف الارهاب .
*تعريف الارهاب*
اختلفت التعاريف حسب وجهة نظر الجهة التي تعرف الارهاب ، لكن هناك عوامل مشتركة بين مختلف التعاريف مثلا ، الجامعة العربية تعرف الارهاب كما يلي ” يستثني حالات النضال ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من اجل التحرير وتقرير المصير وفقا لاحكام القانون الدولي”.
اما حلف الناتو فإنه يعرف الارهاب في وثائقه العسكرية من منظور مختلف فنص علي ” الارهاب هو استخدام اوالتهديد باستخدام القوة او العنف الذي يغرس الخوف والإرهاب ضد الأفراد اوالجماعات او الممتلكات في محاولة لاكراه او تخويف الحكومات او المجتمعات ، وأحكام السيطرة علي السكان لتحقيق أهداف سياسية او دينية او عرقية او ايدولوجية.”
مما يوضح ان الارهاب هو ترجمة العنف ليتحول من افكار الي افعال ، وهو ما يتفق مع استراتيجية بريطانيا في منظورها للإرهاب بأنه المعارضة الصريحة للقيم الأساسية وأهمها قيم الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية واحترام الاديان والمعتقدات المختلفة والتسامح معها وعدم التطرف او التعنت او استخدام العنف تحت اي ظرف .
يمكن أن تشمل أعمال العنف التفحيرات الجسيمة او استخدام أسلحة الدمار الشامل واشعال الحرائق والقنابل الحارقة والخطف واحتجاز الرهائن و عمليات الاختفاء القسري والاغتصاب وغيرها من العمليات الارهابية .
*تاريخ الارهاب في العالم*
يسجل التاريخ الكثير من الصور لكننا نأخذ امثلة منها فقط ، حيث تعود بدايات ظهور الارهاب الي آلاف السنين في عدد من الأشكال، لكن الشكل الذي دعي العلماء الي الانتباه لوصفه فعل يشكل (ارهاب) ما حدث في أثينا عام 514 قبل الميلاد حينما اقدم هارموديوس وارستوغبيتون علي قتل هيبرخوس شقيق حاكم أثينا هيبياس ، بغرض قتله هو وشقيقه ولكن لم تنجح المؤامرة لان هارموديوس قتل فورا بعد اغتيال هيرخوس ومات ارستوغبيتون فيما بعد بي السجن.
ثم جاءت حادثة قتل يوليوس قيصر اثر تعرضه لكمين في 15مارس عام 44 قبل الميلاد ، وتعرضه لثلاثة وعشرين طعنة تلقاها علي يد زملاءه في مجلس الشيوخ بروتوس وكاسيوس ،، كانت هذة امثله ارهابية لقتل طاغية ، ثم جاءت نماذج السيكاري كطائفة يهودية نشطت خلال السنوات التي سبقت اول حرب يهودية من( 66 الي 74 ) ميلادي ،ثم نموذج الحشاشون وهي أيضا جماعة متطرفة تأسست عام 1094م وشكلو تهديدا للحكم السلجوقي وانتشرت في بلاد فارس وحتي الشام ثم قضي عليها المغول في قلعة الموت عام 1275م ، تلك النماذج اتخذت من الدين تبريرا للعمل الإرهابي ، كانت هذة اولي الصور .
ننتقل الي صورة اخري كان لها تأثير مختلف في نظرة العالم للإرهاب ،، مثلا اغتيال القيصر الكسندر الثاني في مارس 1881م في مدينة بطرسبرغ بروسيا .
عرفت الولايات المتحدة قائمة من اغتيالات للرؤساء الاميركيين ، لكن حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي (وليام ماكتنلي) وهو الرئيس الخامس والعشرين للولايات المتحدة ، شغل منصب الرئيس من (4 مارس1897_ 14سبتمبر 1901م) ، والذي اغتيل في 6 سبتمبر 1901م حينما اطلق النار عليه (ليون كولغوش ) وهو أمريكي من أصل بولندي ، واغتيل ماكينلي حينما كان يحي جمهوره في نيويورك ، بعد ستة اشهر من فترة ولايته الثانية ، وفارق الحياة في 14سبتمبر 1901م ، وكان (ليون) قد فقد وظيفته نتيجة لنزاع مع العمال بسبب التدهور الاقتصادي الذي ساد امريكا عام 1893م ، وكان متاثرا بالايدلوجيات الفوضوية والتي كانت محظورة في الولايات المتحدة وكان من يعتنق افكار الفوضوية يعتبر منتهكا للسلم والامن العام مما يستوجب محاكمته ،اعتقد ( ليون)انه باغتيال (ماكينلي) انه سيوجه ضربة قويةللنظام الرأسمالي القمعي الذي يتزعمه (ماكينلي) ، وتعد حادثة الاغتيال هذة عملا ارهابيا لاجل فرض فكر سياسي معين .
ثم حادثة اغتيال الارشيدوق فواتر فرديناند وزوجته صوفيا في 28 يونيو 1914م ، وهو يتجول في سراييفو بسيارة مكشوفة مع زوجته، تم الاغتيال عبر منظمة ارهابية تدعي اليد السوداء علي يد متطرف يدعي غافريلو برنسيب والذي فشل في الانتحار بعد حادثة الاغتيال وتم القبض عليه ونظرا لصغر سنه اذ كان يبلغ 19عام لم تطبق عليه عقوبة الاعدام ،، وحكم عليه بالسجن 20 عام وتوفي في السجن بمرض السل في 28 أبريل 1918م , تسببت حادثة الاغتيال هذة في إعلان الامبرطورية النمساوية المجرية الحرب علي صربيا في 28 يوليو 1914م ، وبعدها اندلعت الحرب العالمية الأولى .
لا ينتج عن العنف الا العنف ، ولا يتولد عن الارهاب الا الحرب ، لذلك اجتمع العالم كله علي محاربه الارهاب بمختلف صوره .
مع ملاحظة ان الارهاب قد يكون خارجيا عبر منظمات او جماعات ارهابية تقوم بعملياتها من منطلق سياسي او اجتماعي او ديني او عرقي او غيرها ، ولها تمويل يتم عبر دول او جماعات اكبر منها تستفيد من هذة العمليات الإرهابية وقد تدعمها ( دول ) لها مصالح اكيد من هذة العمليات ، وقد يكون الارهاب داخلي يتم عبر تمرد داخل الدولة لجماعة او فصيل او قوات وتقوم باعمال ارهابية داخل الدولة بغرض الوصول للحكم او الانفصال بجزء من الدولة او غيره .
يطور الإرهابيون اساليبهم علي اساس قدراتهم العملياتية ومواردهم وهياكل الدعم عندهم وتكنيكات التجنيد والاستراتيجية من وراء عملهم الإرهابي .
بعد هجمات 11 سبتمبر اتخذ العالم تدابير كثيرة لمكافحة الارهاب ومنها اتخاذ تدابير خاصة لتجفيف ومكافحة عمليات غسيل الأموال لمنع تمويل الارهاب ووضع عقوبات رادعة و وقوائم مراقبة وطنية ودولية وحفظ سجلات وأصول المعاملات المالية والتبليغ عن مصدر الأموال و ان كانت مجهولة المصدر او لم تحدد مصادرها يتم مصادرتها لصالح الدولة .
بالإضافة لعدد من تدابير سلامة الطيران وتدابير حماية المطارات والقبض علي اي مشتبه به يعمل لصالح اي منظمة او جماعة ارهابية ، ووضع دول علي قائمة سوداء لأنها ترعي اوتمول او تدعم الارهاب .
كان الرئيس الامريكي رونالد ريغان اول رئيس أمريكي يضع مكافحة الإرهاب هدفا ضمن سياسته الخارجية، وكان يشير للإرهاب في خطاباته” بأنه مجموعة واسعة للغاية من الأعمال او الهجمات ضد المدنيين وكذلك ضد الأهداف العسكرية أيضا “.
يذكر أن ريغان جرم ما حدث في 23 اكتوبر 1983م حيث تم تفجير شاحنات مفخخة امام عدد من المباني التابعة لمشاة البحرية الأميركية والمظليين الفرنسيين المتمركزين في بيروت ، واسفر الحادث عن موت 241 جنديا أمريكيا و58 جنديا فرنسيا في الهجوم ، وبعدها استخدم ريغان تعبير الارهاب المدعوم من دولة أو الارهاب الذي تراعاه دولة ، ودعي البلدان المتحضرة الي معاقبة ومحاسبة تلك الدول .
من تلك الحادثة ظهر موضوع الارهاب المدعوم من دولة ضد دولة اخري الأمر الذي يتطلب تفاعلا دوليا لحسم تلك الأعمال الإرهابية ، لذلك طرح الأمر لأول مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر العام 1972م ، وكان هناك اختلاف بين الدول لفهم مصطلح الارهاب ، ولكن هناك من أقر بأن ممارسات الولايات المتحدة تجاة فيتنام يعد ( ارهاب من قبل دولة لدولة اخري ) !!! .
نواصل في المقال القادم مجهودات الأمم المتحدة تجاة الارهاب ، وتجريم القانون للدولة التي تتدخل بدعم الارهاب تجاة دولة اخري ، وهل المليشيا جماعة ارهابية ام لا !! .
اللهم انصرالقوات المسلحة نصرا عزيزا ،، سبحانك لا ناصر لنا الا انت