خبر و تحليل .. عمار العركي : دلالات استدعاء السفير ،ومؤشرات آداء الوزير

▪️استدعت وزارة الخارجية الإثيوبية السفير السوداني الزين إبراهيم، وأبلغته رفضها لتصريحات وزير الخارجية السوداني بشأن مفاوضات سد النهضة ، وذلك بحسب رد الوزير على سؤال في برنامج تلفزيوني مصري عن مآلات فشل الحوار والتفاوض في ظل التصعيد الاثيوبي والاستمرار في مخالفة اتفاق المباديء بانفرادها في تعبئة وتشغيل السد، وماذا سيكون موقف السودان ،وبالرغم من منطقية التصريحات وتوازنها الا ان ردة الفعل الأثيوبية جأءت متوقعة بالنظر لاسلوب التعاطي الأثيوبي مع السودان من جهة ، والنهج الجديد لآداء الخارجية من جهة أخرى :

1/ إعتادت “اثيوبيا’ على أن يصرح رئيس حكومتها “ابي احمد” متوعداً و مهدداً ،فارضاً على مصر و السودان سياسة ودبلوماسية الأمر الواقع مثل تصريحه العدائى الشهير ان ” اثيوبيا ستصل الى منفذ بحرى بالحوار او بالقوة “، وبالتالى ما على السودان إلا الإصغاء والإنصياع.
2/ تصريحات وزير الخارجية يوسف على فى مُجملها ، اوضحت ان السودان ليس وسيط أو مُسهل ، بل هو طرف ثالث أصيل والأكثر تضرراً من عدم إلتزام أثيوبيا ببنود اتفاق المبادئ الموقع فى بالخرطوم فى 2015م.
3/ بالرغم من واقعية تصريحات الوزير إلا أنها لم تُترجم الى سياسة رسمية أو تهديدات مباشرة ،ولكن إثيوبيا استجابت لها بشكل رسمي عبر استدعاء السفير، كإشارة دبلوماسية تحمل في طياتها ذاك التعالي ، والتأكيد على سيادتها واحكام قبضتها على ملف سد النهضة الذي تعتبره جوهرياً لمصالحها التنموية.
4/ في المقابل، ومن المُستغرب ورغم الدلائل والشواهد الواضحة على إضرار أثيوبيا بمصالح السودان ، خاصةً دعمها السياسى للتمرد في السودان وجناحه السياسي “تقدم” ، و مشاركة آلاف من الأثيوبيين كمرتزقة في القتال ضد الجيش السُوداني ، فإن السودان لم يتخذ أي إجراءات حاسمة تجاه أثيوبيا او حتى مجرد إعتراضات رسمية قوية ومُعبرة ؟!
5/ ظل التعاطي الرسمي والدبلوماسي السوداني مع التعديات والتجاوزات الأثيوبية محل تساؤلات وشكوك منذ وساطة “ابي أحمد” فى تسوية الأزمة السياسية بإشراك حلفائه المكون المدنى “تقدم” المتسبب في الحرب ، مع المكون العسكرى لحكم السودان إنتقالياً ، وحتى دعمه الحالى بالإسناد والدعم السياسي الظاهر “لتقدم” والعسكري الخفي “لحميدتي و المليشيا” .
6/ دوماً إثيوبيا تُعبر عن مواقفها وسيادتها الإنفرادية على ملف “سد النهضة” وخدمة مصالحها حتى وإن كان على حساب أمن واستقرار السودان بتماديها في تقديم الدعم والتماهي مع أعداء السودان دون رد سوداني حاسم ، طيلة الفترة التي سبقت تعيين الوزيرعلي يوسف مما شجع إثيوبيا في التمادي و الاستمرار قبل ان تتفأجا بتصريحاته غير المعهودة لديها.
7/ تقف اثيوبيا بشكل سافر ومتغطرس لجانب المتمردين في محاربة الحكومة السودانية وتستدعي سفير السودان لديها بمجرد تصريح تلفزيوني لوزير – تخصصه الأكاديمي كان فى “حل النزاعات بالطرق السلمية” كقناعة مهنية وسياسية تطبيقية – قال بوقوف السودان المتضرر لجانب مصر حال اندلاع حرب مع اثيوبيا بسبب إفشالها للحوار والحل السلمي بتعنتها وانفرادها وإضرارها بمصالح السودان ومصر في مياه النيل.
8/ يجدر الاشارة الى أن مظاهر ضعف الأداء الدبلوماسي والتعامل بالمثل تجاه التصرفات والافعال الأثيوبية السالبة المتكررة ، بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة لإدارة الملفات الخارجية خاصة مع دول الجوار المتماهية مع العدو، وقد بدأت تلك المظاهر التلاشي من خلال تحركات ونشاط الوزير المكلف تزامناً مع صحوة وانتفاضة دبلوماسبة لكل بعثاتنا في الخارج .
9/ ربما تواجه الحكومة السودانية ضغوطاً إقليمية ودولية تدفعها لتجنب التصعيد مع إثيوبيا، لكن وضح من خلال اداء الوزارة الأخير بأن الاستجابة المستمرة لهذه الضغوط دون اتخاذ مواقف واضحة قد يُضعف صورتها على الساحة الدولية ويجعلها تبدو بموقع غير قادر على الدفاع عن مصالحها.

▪️ *هناك عدة خطوات دبلوماسية يمكن ان تُعزز من موقف السودان :*

10/ إستدعاء السفير الإثيوبي وتقديم مذكرة رسمية تعبر عن القلق بشأن دعم إثيوبيا “لتقدم” ، وإقامة بعض قيادتها فى اثيوبيا وهم مطلوبين للقضاء السُوداني ومطالبتها بالكف عن ذلك.
11. القيام باتصالات وتنسيق دبلوماسي إقليمي ودولي لدعم دبلوماسي من دول الجوار ومنظمات إقليمية مثل الاتحاد الإفريقي وهيئة إيغاد – رغم عدم حيادهما – للتأكيد على حق السودان في حماية مصالحه، هذا التنسيق يمنح السودان قوة أكبر في مواجهة الضغوطات الإقليمية ويُظهر موقفاً متماسكاً.
12/ بالنظر إلى العلاقات المتوترة بين مصر وإثيوبيا، ورغم دعوات التوازن في العلاقة مع البلدين ولكن واقعياً ومصلحياً يظل الانحياز لمصر خيار إستراتيجي لازم، اضافةً إلى أن السودان قبل كل شيء متضرر من اثيوبيا ذات مستوى تضرر مصر. وا عتقد أنها رسالة سيادية قصد الوزير ارسالها في بريد مصر واثيوبيا.
13/ مع ملاحظة بعض الخطوات ، لابد من تنظيم لقاءات مع وسائل الإعلام الدولية، وتنظيم مؤتمرات لشرح التحديات التي تواجه السودان بسبب سياسات إثيوبيا، وتوضيح آثار تلك السياسات على الاستقرار الإقليمي.
14/ يمكن للسودان اقتراح مبادرة لعقد مفاوضات إقليمية شاملة تهدف إلى وضع إطار لحل القضايا العالقة، بما في ذلك سد النهضة والتعاون الحدودي، بشكل يضمن حقوق الدول كافة. مثل هذه المبادرة قد تُظهر السودان في موقف القيادة الإقليمية الساعي لحل القضايا بالحوار.

مقالات ذات صلة