مااشبه العشاق بالانهار والاسرى .. وقفة عند رجل وسيم مبدع ( علي عبد القيوم) .. بقلم سيف الدين حسن بابكر
=====================
“الشعر ينزل القمر من عليائه
ورديا كالدم
الشعر ينتزع أنياب الثعابين
ويسحب سمها
ويعيد الأنهار تجري صعدا إلى منابعها”.
بذلك نطق أوفيدس قبل ثلاثة آلاف عام من الزمان.
على عبدالقيوم عندما تسلح بقلمه اوعز له بانه: اداة من أدوات التعبير الثقافي عن خياله وفكره ونظره عبر صياغات بلاغية تختزل معرفته وبنفس الوقت تمد افق مداركه عبر التصور الخلاق لملكاته وموارده وقدرته وإرادته.
الشعر لم يكن بمتاع للخواص عند على عبدالقيوم لأحلام يقظته، بل كان لغة ونظاما وقضية التزام صارم بقضية الوطن والغلابة الكادحين من فقراء هذه الارض:
“مولاي.. يامولاي..يابلدي وياولدي!
ياانت يازادي وياعضدي وياسندي”.
إن قصيدة “ماأشبه العشاق بالانهار والاسرى” لعلى عبدالقيوم، ترتبط عناصرها المكونة لها بخيوط قوية لايمكن فصمها… بل وان هنالك جزءا منها يماثل ذاتية الشاعر نفسه.
“أحمل صليبك صاعدا
متحدرا
كالنهر في المجرى
واحمل معي بلدي
متحملا كمدي
ياانت يانبت الجراح الغر ياولدي.”
– – – – ————–
لقد أثبت على عبد القيوم انه ليس فقط شاعرا غنائيا بل فنان يفكر بصورة درامية وهو يرسم شخصيته، لذا صار متتبعا لشعراء المسرح الاغريقي القديم مظهرا لنا الحياة الانسانية كوحدة متكاملة. واظهر ذلك ببراعة قبل ان يجسدها بمسرح القاعة 102 بجامعة الخرطوم.
إن الرفض السلبى أصبح السمة الغالبة فى معظم الأعمال الأدبية والشعر من ضمنها، والسبب في ذلك هو تأريخنا الافقى المتجزئ وليس تاريخا تراكميا رأسيا،ادي إلي حالة من الاضطراب افضت في النهاية إلي ماآل إليه مجتمعنا حاليا.
لقد انسحب على عبدالقيوم إنسحابا إجباريا من الساحة الادبية قبل أن يتوفاه الله وأختار ظاهريا العزلة والفرجة من بعيد.
” دلف الجنود بجثتين إلي الجبانة الكبرى
الجثة الاولي
جسد نحيل خلته جسدي
فوجدته بلدي”.
أما الجثة الثانية كما اوردها الشاعر فقد كانت لجسده!!.
لااحسب ان مقولة هنري ميلر القائلة:بان الكاتب يكتب عن شئ واحد فقط، هو ذاته!! تنسحب هنا علي شاعرنا علي عبد القيوم.
إن الليبرالية مهمة في مجال الابداع.. بل إنها ضرورة لممارسة الابداع لهزيمة السلفية النقدية وماماثلها وشابهها.
علي.. أيها الشاعر الوسيم طبت حيا وميتا فما زال جسدَك ماثلا أمامي بقامتك النحيلة المديدة يوم ان حملها الجنود للجبانة الكبري وكنت تحسب أنها لك فوجدتها بلدك.!! أو كما أوردتها في رائعتك “ما أشبه العشاق بالانهار والاسرى”.
________________________*
سيف الدين حسن بابكر
أمدرمان /أبوروووف 29/7/2022
🌿مااشبه العشاق بالانهار والاسرى 🌿
قصيدة لعلي عبدالقيوم
– – —————————
في آخر الليل الذي أسري؛
دلف الجنود بجثتين إلي الجبانة الكبري؛
الجثة الأولى :
جسد نحيل خلته جسدي
فوجدته بلدي.
لافرق يامولاي بين النهر والمجري!
والجثة الاخري:
جسد نحيل خلته ولدي
فوجدته جسدي
لافرق يامولاي بين الموت والميلاد والمسري!
………………………
مولاي… يامولاي… يابلدي وياولدي!
ياانت يازادي وباعضدي وياسندي!
أسرى بنا عشق لجراحنا أسري،
فأحمل صليبك صاعدا ،
متحدرا،
كالنهر فى المجري. ؛
واحمل معي بلدي
متحملا كمدي.
ياانت يانبت الجراح الغر ياولدي،
واملأ عيونك بالاصيل
وقد كسا بدمائه افق الفجيعة
مدهشا ظلماتها..
سيفا أضاء ببرقه ديمومة الذكري،
واشعل ضميرك بالاحزان ياأملي،
وحدثني
عن لحظة حبلى
حظيت باحلام القرون
توهجت آفاقها
بالمجد والبشرى!
…………………………
ياانت ياطفل الجراح البكر
يالهف المواعيد؛
توج فؤادك
_ غب اليأس _
بالانشاد،
يزحم ساحة العيد
لافرق يامولاي
بين العاشقين الكاظمين الوجد والأسرى،
فأنهض، فديتك، مثل النهر في المجرى،
واشبع بلادك َمن أشعارها شعرا.
لافرق يامولاي بين العاشقين
الكاظمين الوجد والاسرى.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿