الخبر بين الحقيقة والتزييف .. بقلم / د.عبدالعظيم عوض
في ظل الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها بلادنا حاليا بسبب هذه الحرب اللعينة ، يكون التعويل علي الاعلام والنشر الاعلامي علي أوسع نطاق من المطلوبات الأساسية بالغة الأهمية وذلك لحاجة الموطنين وغيرهم من المتلقين للمعلومات والأخبار إشباعا لرغبة فطرية إنسانية بحثا عن الامان وتدفع الجمهور لمتابعة وربما ملاحقة الاخبار بغرض الوقوف علي المستجدات أولا بأول ..
لكن ، للأسف وفي ظل هذه الحاجة الماسة للخبر تبرز ظاهرة الاخبار الملفقة او المضللة كما حدث ويحدث لدينا في السودان حاليا، والمثل القريب لمثل هذه الاخبار غير الصحيحة والكاذبة هو ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا عن إستقالة ( متوقعة) لوزير المالية والاقتصاد الوطني الدكتور جبريل ابراهيم ، وجد هذا الخبر انتشارا واسعا في الاسافير وصار حديث الناس بين مؤيد ومعارض ومتحفظ، وكان واضحا لأول وهلة أن الخبر كاذب او ( مشتول ) خاصة وانه تحدث عن أن الوزير سيتقدم باستقالته ولم يقُل تقدم ، ومعلوم عند أهل اللغة أن السين هنا تهدف للتسويف ليس إلا ، بمعني أن الاستقالة سوف تحدث ! وهذا ضربٌ من كتابة الشائعة ونشرها ولا علاقة لها بصياغة الخبر الاعلامي كما هو معلوم بالضرورة لدى أهل المهنة .
مع ذلك انتشر هذا الخبر ربما لأن مصدره من كبار الصحفيين ، وهو بالطبع امر يدعو للأسف لان من المفترض في هذا الصحفي أن يكون ملما بقواعد ومطلوبات الخبر الصحيح ، كما تكون لديه الحاسة المهنية التي تميز بين خبرٍ صحيح وآخر ملفق .. وكون مصدر المعلومة هو أحد كوادر الحركة التي يراسها الدكتور جبريل كما قال في ثنايا الخبر ، فهذا لايعفيه من التثبت إزاء واقعة لم تقع بعد وماتزال تحت ظل التسويف .
لأن لا علاقة بهذا الكادر الحركي بمهام ومسؤوليات السيد وزير المالية ، وهل حين يكون رئيس الحركة وزيرا وعضوا في الجهاز التنفيذ في ذلك ما يسمح لاعضائها التدخل في عمل الوزارة الأهم حاليا في الجهاز التنفيذي بطبيعة الحال ؟ وفي هذا الصدد أشير الي أنه كان من المناسب أن يتم نفي الخبر من جانب الإعلام الرسمي بدلا عن حركة العدل والمساواة .
والحال هكذا كان بإمكان الزميل الصحافي قبل النشر أن يتصل بالادارة الاعلامية بوزارة المالية او بوزارة الإعلام للتأكد او يمكنه الاتصال مباشرة بالسيد الوزير في أمر بالغ الأهمية كهذا ولا اظنه سيصده رغم ان د. جبريل الان بنيويورك علي راس وفد السودان المفاوض مع صندوق النقد الدولي ..
إن الاخبار الزائفة او المضللة Fakenews تجد ضالتها في ظل ظروف السودان المؤلمة الحالية وطبيعي ان تزيد وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار مثل هذه الاخبار المدمّرة ، هذه الوسائط الطفيلية التي جعلت من الجميع ناشرا ومحللا ومعلقا علي الأحداث ، مما يستوجب الحذر الشديد في التعامل معها ..
وفي دراسة اعلامية نشرت مؤخرا اتضح أن الاخبار المزيفة تنتشر باكثر من الخبر الحقيقي خاصة حين تصاحبها الصورة او مقاطع الفديو ، ربما مرد ذلك لما تتضمنه مثل هذه الاخبار من إثارة وتشويق خاصة في اوساط صغار السن .
ولعل السبيل الوحيد لمحاربة ظاهرة الاخبار الكاذبة والمعلومات المضللة هو إتاحة المعلومات والأخبار الصحيحة للجمهور بكل وضوح وشفافية مما يساعد في تجنب الانجرار وراء قضايا تخفي وراءها مصالح خاصة ..
د.عبدالعظيم عوض ،،