حاجب الدهشة .. علم الدين عمر :السودان القادم و آخر الأثمان الغالية ..

عندما أنحني الضابط العظيم يومها بكل عزته وعلاماته وعقيدته العسكرية لإلتقاط علم السودان ورمز سيادته الذي قذف به فاقان أموم المنتشي بالزهو علي ثري الجنوب (الرويان) بدماء الشهداء كنا نعلم أننا ندفع ثمنا باهظاً لسلعة غالية إسمها الإستقرار إشتراها السودان بالأسي ومر والذكريات..
وحين بحثت عنها قحت في زمان المسغبة وهوان الطالب في كل مصانع الدنيا الرديئة لم تجدها بالبلاد بطولها وعرضها ومستقبلها ثمناً لدرجة أن اصبح السودان العملاق الأفريقي العربي هدفاً للغزاة الذين لا وطن لهم ولا هوية ولا قضية ..كان ثمناً غالياً ذاك الذي دفعه السودانيون ويدفعونه ثمناً لكرامتهم وكل الجبهات المفتوحة في ميدان القتال والإقتصاد ونسيج المجتمع إنما هي مخاض لتخرج هذه الدولة خبثها بين فرث ودم قبل الإعلان عن الإتفاق الإطاري ومؤتمراته المشبوهة المعطونة في برك الفساد (أخبرني المحامي والقانوني الكبير الأستاذ نبيل أديب أن المتمرد حميدتي كان مصراً علي إمضاء الإتفاق الإطاري ودستور المحامين دون أن يطلع عليهما) رغم أن نقابة المحامين لم تناقش مقترح دستور أصلاً ولا يعرف المحامي الكبير ورئيس اللجنة القانونية للحرية والتغيير ورئيس لجنة التحقيق المستقلة في أحداث فض إعتصام القيادة العامة من أين أتي هذا الدستور الذي أشعل الحرب وحاول تمريغ أنف السودان في تراب العمالة وبعض الصبية والصبايا يجلسن لجنرالات الدعم السريع بقاعة الصداقة لمناقشة إصلاح الأجهزة النظامية وعلي رأسها الجيش الأقدم الأعرق في أفريقيا ..كنا حينها نعلم أن ثمناً غالياً سندفعه …
ثم أستمر النزيف وقحت التي وجدت في رئيس وزرائها المغلوب علي أمره إذ ذاك حائطاً للمبكي وهي تحمله كل خيباتها بعد أن أسمته المؤسس ذات سكرة والنزيف يعني أن الثمن كان باهظاً والقوات المسلحة تطرد رئيس أركانها من الخدمة بحجة الإنقلاب ..وتدفع فاتورتها كاملة مقابل سلعة الإستقرار التي تشتريها لعيني السودان وخيرة ضباطها في أقفاص الإتهام يربضون كالأسود الجريحة.. وقائدها العام يدافع المؤامرة بالتي هي أصعب.. كان ثمناً باهظاً ذاك الذي دفعته..
ثمن الإستقرار الذي بحث عنه السودانيون وقواتهم المسلحة كان باهظاً جداً وهي تدافع قادتها ليعضوا علي أنامل الصبر حتي يتجنب السودان هذا الدمار والخراب ..خرج بعضهم من الخدمة إستجابة لتقدير القيادة بعد أن حذروا من تمدد الأفعي وتضخمها حتي نفذت أقدار الله وتوحد الشعب الآن مع جيشه لإستعادة الدولة وإن طال الزمن وإن غلا الثمن ..
ندفع الثمن لأن من أستدعي ورطة فولكر الذي أقاموا له المنابر وتخفوا معه بليل ونحروا له الذبائح وأستعدوه علي بلادهم وشعبهم ضحي لا زال يعتقد أنه علي جادة أمره يستغفل الشعب الذي لن يخسر بعد اليوم سوي الأغلال..
اليوم المعركة المفتوحة الشاملة تدعونا لنطالب بتحريك عجلة الدولة في كافة المحاور والمسارات ..القوات المسلحة وقوات المشتركة والأجهزة النظامية الأخري تقوم بعملها علي وجه أذهل الدنيا وحير الناس وحركات الكفاح المسلح تعمل بوطنية باذخة في الميادين كافة ..السياسية والمجتمعية ..والدولة متأخرة ..متأخرة ..متأخرة ..الخارجية علي إشراقات بعض صقورها غارقة حتي أذنيها في الصراعات وحرب (القوالات) والقيل والقال بينما يعاني السودانيون في الخارج من كل شيئ ..الولايات مغلوبة علي أمرها وهي تغالب الحرب بيد والتنمية والخدمات بالأخري ووالي الخرطوم وحده يشكل أغلبية …
جناح الدولة المدني هو الأضعف والأكثر خطورة علي ميزان المعركة ..
سينتهي الدرس الأصعب في تاريخ السودان ولم يعد في جسد الوطن ما يكفي لجراح جديدة ولابد من الإصلاح الشامل في المفاهيم قبل البرامج والخطط ولوضع النقطة الأخيرة في هذا السطر فلنتجه جميعنا.. جميعنا نحو التخطيط السليم والصحيح لسودان ما بعد الحرب ..لم يخرج علينا بعد من يحدثنا عن مراكز البحوث ومؤسسات دعم القرار ولم نر أو نسمع صرير أقلام الخبراء في الإقتصاد والسياسة والمجتمع وهم ينظرون بعيداً عن الحرب ويومياتها ويرتبون الصندوق الأخضر فالحرب إلي نهاية.
غداً أحدثكم عن أكاديمية الأمن العليا وملفات السودان وهل أُكل الثور الأبيض.

مقالات ذات صلة