منبر وزارة الداخلية الدورى (شرطة السجون، الحكم بالغرامة) .. بقلم أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان
إدارة السجون هى عبارة عن آليات مستحدثة لترشيد السياسة العقابية ، هى منهج القدرة على التعامل من أجل حفظ الأمن ورعاية السجين . انها حكمة الحكيمة ، التى لا تتعاطى مع التحديات والمتغيرات بنظريات ثابتة ( static ) بل لابد من رؤية تتسم بالمرونة ( dynamic) ورؤية تأملية وأيديولوجية خاصة بأساليب التنفيذ العقابى المتبعة ووسائل الرعاية التى توفرها للسجناء بجانب التأهيل الذى بات يشكل الوظيفة الأساسية فى عصرنا الحاضروالمبادئ الواردة فى التشريع السودانى خاص ومدى تطابقها مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة من أجل التصدى للجريمة والتى يتعذر منعها بصورة مطلقة.
إلا أن الواجب القانونى والدستورى والمجتمعى يتطلب العمل على تقليصها قدر الإمكان وتجفيف مصادرها ومنابعها بوضع السياسات القانونية والاجتماعية بما يضمن حفظ الامن والسلم الإجتماعى ، لأن العقوبة تعد وسيلة المجتمع فى مكافحة تلك الظاهرة التى إرتبط تطور وظيفتها بتطوير المجتمعات. فبذل الفلاسفة والفقهاء على مر العصور جهودا لعلاج الميل الأجرامى لدى من تسول له نفسه التعدى على المجتمع ويعد هذا أساس الفلسفة العقابية بالسجون السودانية والحق اقول أن المجرم شخص عصى على المجتمع وعاجز عن التكيف الإجتماعى ، وهو فى علاقة عداء ثابت ازاءه . وهو غريب عن قيمه وقواعده ومعاييره . إستضاف المنبر _ كمابينا_ شرطة السجون و من خلاله تبين لنا أن عمل هذه القوة شاق للغاية وان قسم المهارات الإنتاجية يحتاج لميزانية أوفر حتى يساعد السجناء فى إعادة بناء حياتهم والعثور على فرص عمل جديدةوالإندماج فى المجتمع ، والتعافى من الجريمة.
وتعود معارض السجون السنوية الحافلة بإنتاج هذه المؤسسات بالإضافة إلى معرضها الدائم بقاعة مطار الخرطوم والمعاملة بالعملة الحرة. فى إعتقادي أن هذا لا يكف بل لابد الإستفادة من الحكم بالغرامة لأنها فى الفقه الجنائى تعتبر من الوسائل العقابية الهامة التى يستخدمها النظام القانونى لمعالجةالمخالفات والجرائم . وتستخدم فلسفة فرض الغرامات مبادئ وأهداف تسعى إلى تحقيق العدالة، الردع، التأهيل.
ولما كان موضوعنا عن الغرامة وهى من أبرز أسس العدالة التعويضية لتعويض المجتمع عن الأضرار التى لحقت به نتيجة فعل إجرامي ، كذلك تهدف إلى توعية المجرم بخطأ فعله وتشجيعه على الإلتزام بالقانون فى المستقبل من خلال تبعات أفعاله المالية . وهنا العقوبة تطبق على الفعل وليس الشخص ، أيضا تعتبر الغرامات وسيلة لجمع إيرادات للدولة وفى بعض الأنظمة يتم توجيه الغرامات إلى مختلف الأنشطة الحكومية بما فى ذلك النظام القضائى، وجهة تمويل برامج الإصلاح والتأهيل داخل السجون . هذه الأموال يمكن إستخدامها لتحسين الظروف المعيشية للسجناء وتوفير التعليم والتدريب المهنى والرعاية الصحية والجسدية. نذكر منها على سبيل المثال : الأنظمة الأنجلوسكسونية ( أمريكا و بريطانيا) ،
الأنظمة اللاتينية(فرنسا ومصر)،الأنظمة الشرقية ( اليابان وتركيا ).
نأمل أن يطبق هذا النظام فى السودان حتى تتمكن إدارة السجون من تأهيل مصنع الصابون بسوبا والمسامير بكوبر وملاحات بورتسودان وسواكن والمشاريع الزراعيه والورش الحرفية بمختلف الولايات وكمائن الطوب والبلوكات وهناك خطة طموحة لتأهيل إصلاحيات الأحداث . وسيتم تأهيل مستشفى كوبر .
وعلمت من بعض الضباط ان الإدارة تشجعهم لنيل الدرجات العلمية العليا فى مجال الدراسات القانونية والإجتماعية وهناك الكثير الذى أدلى به السيد الفريق شرطة ياسر عمر أبو زيد مدير السجون الأمر الذي أثلج صدري وتأكد لى أنه مديرا معرفى بعيدا عن الفكر التقليدي.
أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان أبو ريان الاكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والامنية