تأملات جمال عنقرة : القوي الوطنية السودانية .. نزلت “أم رقيصاً نط”

شهدت بورتسودان عصر مساء السبت اهم واعظم اجتماع للقوي الوطنية السودانية السياسية وغير السياسية، وهو ليس الأهم خلال فترة الحرب الملعونة هذه فقط، ولكنه الأهم علي الاطلاق منذ أبريل ٢٠١٩، وتنبع أهمية هذا الاجتماع من عدة مرتكزات قام علي بعضها، وجعل بعضها هدفا له، ولقد ذكرت في كلمتي التي قدمتها باسم الجبهة الشعبية السودانية التي أتشرف بقيادة امانتها العامة، ذكرت أن اهم مرتكزين قام عليهما الاجتماع انه لم يأت بدعوة أو رعاية أو مبادرة خارجية، ولم يكن للحكومة اي تأثير عليه، لا في الدعوة إليه، ولا في تحديد اجندته، ولا في رسم مساره، فهو اتي بمبادرة من داخل القوي الوطنية نفسها، وسار بطريقة شبه عفوية.

ولا بد أن أشير أولا الى أن الاجتماع رغم انه ضم عددا مقدرا من القوي الوطنية لكنه بالطبع لم يشملها كلها، ولكن لا بد من التأكيد أيضا انه لم تكن هناك نية لدي أي أحد لاستثناء احد أو تعييبه، ولكن عفوية الدعوة، وضعف البيانات كانتا السبب الأساسي في عدم وصول الدعوة الى كثيرين.

الجند الأساسي الذي لأجله تمت الدعوة للاجتماع كان هو متابعة مخرجات اللقاء التشاوي الاخير تحضيرا لمؤتمر الحوار السودان السوداني الذي كان قد دعا إليه الاتحاد ألافريقي الشهر الماضي في مقره بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ولكن الجند الرئيس الذي سيطر علي الاجتماع هو بحث مسألة المشاركة في مفاوضات جنيف، ولقد حدث التغيير في الأجندة، فقط لأن مسألة جنيف صارت أكثر الحاحا، وينبغي. تحديد موقف قاطع بشانها قبل فوات الأوان.

ترأس الاجتماع الدكتور التجاني سيسي رئيس مجموعة الحراك الوطني، وقدم في بداية اللقاء الدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة الذي ثدم فذلكة تاريخية لقصة منبر جنيف، وخلاصة ما قال ان موقف الحكومة بكل مكوناتها موحد ومنسجم تجاه هذه المسألة، وليس هناك خلاف ولا تنازع ولا صراع حولها كما يشيع بعض المرجفين، فهم جميعا متمسكون بحتمية تنفيذ اتفاق جدة، ورافضون لخلق منبر اخر يضيف شركاء أو مراقبين جدد، خصوصا الإمارات، وقال ان الحكومة الأمريكية علي تواصل دائم مع الحكومة السودانية للوصول الى توافق للحل، لذلك تركوا الباب معهم “موارب” لقبول اي مشروع يحافظ علي ثوابت السودان الواضحة.

القائد مني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان حاكم دارفور قدم تنويرا ضافيا عن الوضع العسكري والانساني في دارفور بصفة خاصة، وفي السودان بصفة عامة، وقدم احصاءات دقيقة جدا لتعاون الحكومة مع كل الجهات الأجنبية في ما يتعلق بالاغاثة والمعونات، وكشف عن ان ٨٣% من المواد التي وصلت السودان أتت من دول عربية واسلامية وأن ١٧% فقط أتت من الدول الأخري والمنظمات العالمية. وكان دكتور جبريل قد أكد ان الوضع الغذائي في السودان طيب جدا، وأن الحديث عن المجاعة هو مجرد ذريعة للتدخل، فانتاج القمح هذا العام مثلا اكثر من العام السابق، ويوجد مخزون كاف من كل المواد الغذائية، المشكلة فقط في توصيلها إلى بعض المناطق التي تسيطر عليها المليشيا او تحاصرها، وهذا ما أكده أيضا وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور أحمد ادم بخيت.

القائدان جبريل ومناوي تحدثا أيضا عن الوضع العسكري في الفاشر واكدا انها عصية ببسالة الرجال وصمود الشعب من بعد فضل الله تعالي، وأنها لن تسقط بإذن الله القادر العظيم، وأكدا ان العمل العسكري في كل الجبهات والمحاور يسير بصورة طيبة، وبشرا الشعب بسماع اخبار طيبة بإذن الله تعالى.

الناظر ترك خاطب الاجتماع من مقر إقامته في هداليا، وأكد علي ضرورة التمسك بالموقف القوي والواضح ضد فتح مسار جديد للتفاوض، وطالب بترك تسول الحلول للقضايا الداخلية في الخارج، ودعا إلى الشروع فورا في الاعداد لحوار سوداني سوداني داخل أرض الوطن لا يستثني أحدا.

الدكتور امين محمود الامين العام للمؤتمر الشعبي عزز من فكرة الحوار السوداني في الداخل. وسار علي ذات النهج الدكتور بحر ادريس ابو قردة رئيس تجمع “تسع” معززا لمطلب الحوار السوداني السوداني الشامل داخل أرض الوطن، وكذلك الشاب الثائر كاربينو، وكثيرون من الذين تحدثوا بعد ذلك.

واشاد المجتمعون، لا سيما الذين شاركوا في اللقاء التحضيري للحوار السوداني السوداني الذي نظمه الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، اشادوا بمنهج الاتحاد الأفريقي في إدارة الحوار ممثلا في اللجنة رفيعة المستوي برئاسة السيد بن شمباس، ودعوا الى استمرار وتطوير التعاون مع اللجنة، كما ثمنوا الدور العظيم الذي قام به السفير نور الدين ساتي ولجنته التي خرجت بالحوار الى بر الأمان، ومعه السلطان صديق ودعة والدكتورة ماجدة خوجلي. والقس عز الدين الطيب والشاب كاربينو، ولجنة الصياغة برئاسة البروفيسور محمد محجوب هارون، واوصي الاجتماع بتعجيل تشكيل لجنة المتابعة لمخرجات الاجتماع التحضيري والتي تم الاتفاق علي في أديس أبابا.

واتفق النجتمعون علي ان يكون هذا اللقاء نواة وبذرة لتلاقي جامع للقوي الوطنية السودانية دون عزل أو إقصاء أو وصاية أو استئثار. تمسك به زمام المبادرة وتضطلع بمسؤوليتها الوطنية كاملة. وتقود البلاد إلى بى الامان، ونعبر وننتصر بإذن الله تعالى.

مقالات ذات صلة