عمار العركي يكتب : ولاية القضارف .. بين سندان الصراعات الحدودية ، ومطرقة الحرب الوجودية 3 – 4

1. مواصلة لقراءة وتحليل وضعية ولاية القضارف الإستراتيحية والمؤثرة على مستوى القرن الافريقي مما جعلها تتمدد على سندان الصراع الحدودي مع أثيوبيا ، وبدأت الحرب الطرق عليها من قبل إنطلاقها 15 ابريل ، حيث شهدت ولاية القضارف “حرب تمهيدية خاصة ” لم يشعر بها احد ، فقد عانت القضارف جملة من التحديات والمهددات في اطار الإعداد للمخطط التأمري الشامل ، والذي بدأ بإسلوب سياسي إقتصادي دبلوماسي ، قبل ان يتطور الى مخطط عدائى عسكري تدميرى.
2. ففى صباح فجر الاطاحة بحكم الإنقاذ إستيقظت ولاية القضارف على حقيقة تغول الجيش الاثيوبي بليل مسافة 50 كيلو متراً داخل اراضيها ثم تبع ذلك خروقات وتعديات مستمرة من المليشات الأثيوبية علي المواطنيين والمزارعيين السودانيين وطالت حتي القوات النظامية من الجيش والشرطة السُودانية وتفأقم الوضع سوءاً لجؤ حوالي 78 الف لاجي اثيوبي من قوميات التقراي والقُمز و الكومنت للولاية جراء الحرب الطاحنة والتى جرت في أثيوبيا بين الجيش الفيدرالي وجبهة التقراي.
3. وفي ظل حالة السيولة الأمنية والفوضى السياسية وضُعف دور مؤسسات الدولة السُودانية فى تلك الفترة ، باتت حدود الولاية “بوابة من غير بواب” ومرتعاً خصباً لأنشطة المخابرات المعادية والعصابات المحلية والمافيا والجرائم المنظمة والتسلل والتهريب.
4. حينها ،شكلت القنصلية الأثيوبية بولاية القضارف والجالية الأثيوبية بالعصمة الخرطوم النافذة التي اطلت من خلالها أثيوبيا نحو المواكب و والإحتجات والاعتصام وصولاً لتفويض ووساطة لحل الخلاف السيايي بين شركاء الحكم الإنتقالى ، بالتماهى والإنحياز لشريك الحكم المدني وتمكينه من السلطة والتسلط والتحكم.
5. بدوره بدأ الشريك المدنى في رد “الجمائل والديون الأثيوبية الإماراتبة ” لدرجة ان وجه المنبر الدورى الخاص بوزارة الخارجية السودانية لتنويرالبعثات الدبلوماسية الدعوة للسفير الأثيوبي بالخرطوم “بيتال اميرو المو “ ليخاطب المنبر ويدلى بتصريحات فظة وعدائية تجاه السُودان قال “بأن المستعمر الإنجليزي تحامل على أثيوبيا في ضم مناطق كانت تتبع لأثيوبيا إلى السودان وأن أثيوبيا لا تعترف بإتفاقية 1902م، موجهاً إتهامات مباشرة وصريحة بتسبب السودان في توتر الأوضاع على الحدود بسبب الأعمال العسكرية بمنطقة الفشقة، إضافة لإصدار السفير لبيانات رسمية عقب كل اجتماع له مع السفير الإماراتى ث بالعاصمة الخرطوم ” لمناقشة العلاقات الثنائية بينهم وبحث الأزمة السياسية السودانية وسُبل حلها ”
6. وبالطبع كانت دولة الامارات تقف وراء الأزمة الحدودية بين السودان وأثيوبيا وتأجيج الصراع حول الفشقة وكل الشريط الحدودى الشرقى ، إستناداً على المخطط الأمريكي الإسرائيلى تحت عنوان (تغييروإعادة صياغة المنطقة) ،فكان الإعتماد الأمريكي على الإمارات كحليف ووكيل (حصري) ، ضمن صفقة (إستراتيجية أمريكية – إقتصادية إماراتية) تُمكن الإمارات من تحقيق مصالحها الإقتصادية وتوسعة خارطتها الإستثمارية بالاستحواذ على الآراضى الزراعية والموانئ البحرية السودانية ، وبالمقابل تُحقق الولايات المتحدة هدفها الإستراتيجي في الحد من النفوذ الروسى الصيني في المنطقة ، وإحكام سيطرتها على منافذ البحر الأحمر.
7. بالتالي نجد أن (الفشقة) بولاية القضارف تتشابك عندها العديد من الخيوط والمصالح المحلية والإقليمية والدولية فوقوعها بين إقليميين أثيوبيين ملتهبين (بني شنقول – التقراي) لهما تأثير مباشر علي مستوى الداخل الأثيوبي ، وينسحب التأثير خارجياً تجاه مصر وسد النهضة والذي يقع في إقليم بني شنقول، بينما تبدو إريتريا على المشهد متأثرة بأي تداعيات في إقليم عدوها اللدود – جبهةالتقراي – والمجاور لها ،كما أن المصالح الإسرائيلية في المنطقة تمنح (الفشقة) بُعداً آخر.
8. ومن هنا نبع الإهتمام الأمريكي – الإماراتي ، فكان لابد لرياح (التغيير) في السودان – والذي أسهمت فيه الإمارات – أن تهٌب على (آراضي الفشقة) فتأتي بما تشتهيه الإمارات من خلال مبادرتها لحل النزاع والتي وجدت قبول سوداني رسمي جزئي ، ورفضها بشبه إجماع شعبي ، مما دعا الإمارات إلى الإنحناة أمام عاصفة الرفض ، وإعلان سحب للمبادرة – ولو مؤقتاً – لحين ترتيب أوراقها وإعتماد خُطة بديلة .
9. لجأت الإمارات ومن خلفها أمريكا الى حل جذرى وشامل من خلال خطة الإنقلاب وتغويض النظام الحاكم ، وبعد فشل خطة الإنقلاب ، تحولت إلى خطة حرب غير متكافئة ولا منطقية وليس لها مثيل في ذاكرة تاريخ الحروب بين تحالف محلي واقليمي ودولي ضد تحالف شعب مع جيشه.
10. وخلافاً للتوقعات ومنطق الأشياء والموازيين ، كانت الغلبة ومؤشرات النصر للشعب وجيشه ، ولكن لازالت ولاية القضارف بين المطرقة والسندان سيما وأنها أصبحت آخر أمل وثغرة يسعى العدو لإستغلالها وقلب الموازيين وترجيح الكفة لصالحه ، الامر الذى سنفصل فيه لاحقاً ….

نواصل

مقالات ذات صلة