عمار العركي يكتب : ولاية القضارف .. بين سندان الصراعات الحدودية ومطرقة الحرب الوجودية ( 2 )

• مواصلة لقراءتنا وتحليلنا بخصوص وضعية ولاية القضارف بين سندان الصراع التاريخي الحدودى مع الجارة اثيوبيا ومطرقة الحرب الوجودية الحالية ، حيث نجد أن ولاية القضارف تعرضت اراضيها الزراعية في محلياتها الحدودية إلى احتلال واستيطان اثيوبي في اطار صراع تاريخي حول اراضي الفشقة والتي باتت مركز ومنطقة لتقاطعات واهتماما دولية وإقليمية مما جعلها من اهم ركائز الخطة الإستراتيجية الأمريكية في اعادة ترتيب وصياغة المنطقة.
• حدود ولاية القضارف المتاخمة لاثيوبيا تم ترسيمها باتفاق البلدين على الورق والخرائط ، دون وضع العلامات على الأرض ، والتي تبدأ من النقطة Zero بتقاطع نهر سيتيت مع خور الرويان شمالا ً وتنتهي بالنقطة خمسة عشر بالقرب من جبل حلاوة بولاية سنار وتمتد في مسافه 265 كيلو متر هي حدود ولايه القضارف مع إقليمي الأمهرا والتقراي.
1. التاريخ الجيوسياسي للمنطقة يعج بكثير من الاتفاقيات والتفاهمات في إطار التجاوزات والتعديات الأثيوبية وكلها تنصب في اتجاه اثبات التعدي والتجاوز الأثيوبي في سبيل تحقيق المطمع التاريخي في الإستحواذ والسيطرة الكاملة على الفشقة.
2. بدأت الأطماع الأثيوبية في الفشقة تتبلور وتتشكل منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، ولفائدة المقال والفهم نوجز المراحل التاريخية لمسار الصراع الحدودى في نقاط مختصرة :-
3. في العام 1952 سعى الإمبراطور لمعالجة الإنسداد البحري والافتقار للآراضي الزراعية المنبسطة لبلاده ، فكان مخطط السيطرة على إريتريا واراضي الفشقة ، فضم اريتريا ولم يكتمل مخطط ضم الفشقة بسبب الثورة الأثيوبية 1960م.
4. في العام 1957: سجل اول حالة تعدي من قبل (7) مزارعين إثيوبيين بزراعة 3800 فدان في الفشقة، وفي الفترة بين عامي 1964 و1967، ارتفع العدد إلى 27 مزارعاً، وزادت مساحة مزارعهم إلى 33 ألف فدان، وفي العام 1968: قاد اليهودي “كنفي” من الفلاشا التابعين لقومية الأمهرة أول هجوم لمليشيات الأمهرا على جبل أبو طيور، وسيطرت مليشياته على مساحة شاسعة في الفشقة الكبرى، بما فيها جبل أبو طيور ، قبل ان تطرد قوة من الشرطة السودانية مليشيات “كنفي” في العام 1969م واستعادت جبل( ابو الطيور )بعد معركة كبرى شارك فيها الأهالي والمزارعين السودانيبن.
5. في العام عام 1972: ومن أجل حل القضية اتفقت حكومتا السودان وأثيوبيا علة إعادة الترسيم من جبل دجليش جنوباً ، وتم الاتفاق على تنظيم أطول حدود بين البلدين وفقاً للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث نص إطار اتفاق 1972 على إيجاد حل ودي للمشكلة الناتجة عن الزراعة و الاستيطان هو شرط أساسي لإعادة ترسيم خط (جوين) شمال جبل دجليش.
6. في العام 1974: فور توقيع اتفاقية تفاهمات عام 1972 شكل البلدان لجنة حدود مشتركة لإعادة ترسيم حدود جنوب جبل دجليش، لكن بسبب تغيير الحكومة عام 1974 في إثيوبيا لم يتحقق مشروع إعادة الترسيم المتفق عليه.
7. في الفترة ما بين 1972 و1991: ارتفع عدد المزارعين الإثيوبيين إلى 52 مزارعاً في مساحة 84.5 ألف فدان، ليصل فى عام 1994: إلى 1659 مزارعاً في نحو مليون فدان بالتوغل داخل حدود السودان بأعماق متفاوتة بين تسعة و24 كيلومتراً ، ومنذ عام 1995 استغل مزارعون إثيوبيون -تحت حماية مليشيات مسلحة- نحو مليوني فدان من أراضي الفشقة شديدة الخصوبة، وشيدت السلطات الإثيوبية العديد من القرى هناك، وزودتها بالخدمات والبنى التحتية بما فيها الطرق المعبّدة.
8. في العام 2000: قررت كل من إثيوبيا والسودان تنفيذ تفاهمات عام 1972 وإنشاء لجنة خاصة مشتركة مكلفة بإيجاد حل ودي للمشكلة الناتجة في منطقة شمال جبل دجليش علاوة على ذلك، اتفق البلدان على إنشاء لجنة مشتركة خاصة لإعادة ترسيم خط الحدود بين البلدين، ورغم أن اللجنة عقدت 8 اجتماعات فإنها لم تكمل مهمتها الموكلة إليها بموجب اتفاق 197٢ واختصاصاتها المعتمدة بالاتفاق ، حتى عام 2005حيث وقع البلدان مذكرة تفاهم لوضع حل مؤقت لهذه المشكلة حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الحل الودي الذي سيتفق عليه البلدان.
9. حصرت لجنة العمل الميداني المشتركة بين البلدين 754 ألف فدان استولى عليها مزارعون إثيوبيون، واستمر التوسع ليصل إلى نحو 895 ألف فدان من الأراضي عالية الخصوبة ، وتعد مذكرة تفاهم 2005 حلاً تكميلياً ومؤقتاً لاتفاقية عام 1972 وليست بديلاً عنها.
10. اشتغلت اثيوبيا في العام 2019م الإضطرابات في السودان ، وغداة الإطاحة بنظام الانقاذ توغل الجيش الأثيوبي مسافة 50 كيلو متراً داخل الأراضي السودانية ، قبل ان يستشعر الجيش السوداني خطورة الوضع في نوفمبر 2020م، فبسط سيطرته بالإنتشار في المناطق التي لم ينتشر فيها منذ ربع قرن تقريباً معلناً موقفاً جديداً، ومثيراً للجانب الإثيوبي.
11. بعد التغيير وتحكم الإمارات واثيوبيا على الأوضاع في السودان عبرالوساطة الأثيوبية والوثيقة الدستورية وحكومة الحرية التغيير وحمبدتي ) زادت الاطماع والمخططات والتأمر على اعادة الاحتلال والإستحواذ بكل الوسائل والضغوط السياسية والدبلوماسية والإقتصادية والتي عندما فشلت جميعها كان لابد من استخدام القوة العسكرية ، لتصبح تراضي الفشقة وولاية القضارف واحدة من الاهداف الإستراتيحية للحرب الحالية ،مما جعل ولاية القضارف في مرمى نيران العدو الداخلي المتمرد والخارجي الأجنبي ، المقال القادم سنتطرق له بالشواهد والتفاصيل وما يجب علينا القيام به للتصدى والإفشال ……. نواصل

مقالات ذات صلة