الشهور الحاسمة والأفراح الدائمة .. بقلم أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان أبو ريان

السودان بطبيعته أو بفطرته له القدرة على الصبر وتحمل المصائب والنوائب أيا كان نوعها يعتبر المحن التى تمر قدر مكتوب . هى شهور مرت فى عام لا ينساها تاريخ السودان . لم تكن هذه الشهور القاسية مجرد معركة عسكرية كانت فى حقيقة الأمر إختبارا تاريخيا حاسما لقدرة الشعب السودانى الذى وقف مع قواته المسلحة بمختلف طوائفه وفئاته . بدأت المؤامرة ، دعم صريع تسانده عصابات ومليشيات معتدية رافعة شعار الإفناء لكل سكان السودان ومدنهم ،وبالأساليب القبلية البربرية وجميع أنواع الشرور والمظالم. كان فكرهم مريضا متحجرا بدائيا وعنصريا ، نفوسهم تفور فيها شهوات مادية تدفعهم الى ارتكاب المذابح البشرية فى هجمات وحشية ، والإستيلاء على أملاك الآخرين . كان الفرد منهم يمسك بالقلم وهو جاهل وبالبندقية وهو مجرم وشريك السلطة منهم هو الخائن ، فتحول الوطن الى غابة لا تصلح لحياة البشر .

إستمرت الشهور وبدأت نسمات النصر من خلال قدرة الإنجاز والتخطيط الإستراتيجى الجيد والإعداد الكافى والتجهيز النفسى المعنوى للقوات المسلحة التى أظهرت فى هذه المعركة من البسالة والشجاعة والجرأة ما خلع قلوب المليشيا من الرعب ،شاهدنا مهارات الجيش الحربية وكل ما عرفوه من فنون القتال حتى تقهقرت المليشيات وفروا هاربين الى بلادهم خارج السودان ، بعد أن تزعزعت ثقتهم فى أنفسهم وتلاشت حماستهم امام ضربات القوات المسلحة. كنت دائما أقول جيشنا طويل كالمدى نفسه ويتقن حرفة الحرب .

شهور الحسم هى الدليل ويرى المراقبون أن معركة الكرامة أعادت رسم خريطة القوى فى المنطقة وأصبحت نقطة تحول فى تاريخ الامة السودانية.

الجيش حقق نصرا ضد معتد ، أجير ، خائن ، تحطمت معه أوهام الأمارة العبرية ومدها الإستخباراتى لن نعيش بعد شهور الحسم فى دوامة الكذب فى ظل وضوح الحقيقة ونترك مشاعرنا و أحاسيسنا الوطنية للزمان . إنتهى زمان السياسى الخائن المتنكر لامته ووطنه وتراثه وثقافته . الشعب السودانى أدرك أن الأوطان باقية ولا تفنى الا بخيانة أبنائها، والأنظمة زائلة ، والإحتكام لصوت العقل بعد هذا الحسم ضرورة، حتى تنعم بلادنا بالأمن والاستقرار .

المطلوب رؤية جديدة لغد مشرق قريب المنال وعقل سياسي متفتح ينحاز الى الصواب . الجيل الجديد مقبل على دراسة الفكر المعاصر والحديث واصبح لا يستسيغ الفكر التقليدى. السودان الآن كله أفراح دائمة ، بفضل قواته المسلحة هى خبرة طويلة يتلقاها الخلف عن السلف ، وخلف سيظل معينا للفخار على مر الايام .لقد حظى الجندى السودانى بالتقدير والاحترام وظل على مدى التاريخ المدافع الصلب وحامى البلاد الأمين من التسلط والقهر فى كل العهود مواقفه مشرفة، قوة وشجاعة، صلابة وعناد، نصر أو إستشهاد . عاشت القوات المسلحة والنظامية الأخرى وهى تدافع عن وطن الجدود وترابه الغالى . اللهم أفراح دائمة وبشائر خير لا تنقطع…

السودان سيظل حبك فى دمى ، أحبك فوق الظنون، وأشدو بحبك فى كل نادى.

أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان أبو ريان الأكاديمية العليا للدراسات الإستراتيجية والأمنية.

مقالات ذات صلة