نقطة سطر جديد .. د. حيدر البدري : خطورة الإعلام ..والإعلاميين…

..ومن اكبر المشاكل عندنا، أننا دائما نستسهل الأمور ونبسطها..دائما نضع العربة أمام الحصان، أو نضع الحصان خلف العربة. تمر بنا الأحداث جساماً ولا نلقي لها بالاً، هذا دأبنا وديدننا..ولن ينصلح حالنا إلا إذا غيرنا من مفاهيمنا هذه. ولا يغير الله مابقوم ِ حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وصدق شاعرنا المحجوب في توصيفنا ،انه الزمن الذي وصفه المحجوب علية الرحمة حين قال: في السودان الكل يحتل غير مكانه المال عند بخيله والسيف عند جبانه، هذا من زمان مضى بعيد…ولم نتغير بعد.
ومن الأمور الهامة والتي تصنع اللبنة الأساس في نهضة الأمم الثالوث المعلوم : ( التعليم ..والصحة…والإعلام ). .. ليس لأي أمة حظاً في التطور والنماء والإستقرار إن كان إنسانها مريضاً جاهلاً مغيباً ). عندنا التعليم رفاهية ..والإعلام وظيفة من لا وظيفة له…والوقاية خير عندنا منها العلاج.
تحدثنا كثيرا بشأن الإعلام…وما أطال أمد هذه الحرب إلا ضعف إعلامنا وقوة إعلام أعدائنا.. قلنا مرارا أن الإعلام هو أضعف حلقات معركة الكرامة..ولا مستمع ولا مجيب.
والسياسيون يفهمون رسالتنا بالمقلوب…نحن لانريد اهتماما عارضا بالإعلام، لانريد زيادة مرتبات أو شراء أجهزة ومعدات، وزيارات تفقدية، نحن نريد منظومة إعلامية متكاملة ، متجانسة بأهداف ومقاصد وخطط معلومة.نريد إعلاما منافساً ومشرفاً.نريد كادرا مبدعا مؤهلاً مع بنية تحتية مخطط لها برؤى عالمية.
لا نريد موظفين في الاعلام بل نريد مبدعين خلاقين أصحاب رؤى ورسالة واهداف.
والتبليغ والإعلام وإيصال الرسائل أمر حتمي لنجاح اي مشروعٍ كان ،
قال عليه الصلاة والسلام : بلغوا عني ولو آية .
ونحن لا نتدبر القرآن ، تمر علينا عديد السور ، دون ان نتدبرها وندقق في دلالاتها ومعانيها، انظر لسورة ( المسد ) كمثال…هي سورة قصيرة من خمس آيات. ( بسم الله الرحمن الرحيم تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ).
وابو لهب هذا كان إعلاميا خطيرا وكذلك امرأته…والملاحظ ان عتاة قريش مثل ابوجهل وغيره ..لم ينزل فيهم مثل هذا الويل والثبور ، قرآنا يتلى أبد الدهر، أبو لهب هو الذي كان يسعى خلف رسول الله عليه الصلاة والسلام مكذبا ومخذلاً وهو القائل له : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا..؟! .وامراته كانت تطلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مذمما ) بدل ( محمدا )… كان هذان الشقيان يمثلان كتيبة إعلامية ضاربة.لذلك استحقا هذا التشنيع.
والشواهد في القرآن والسنة وأخبار القدماء كثيرة متشعبة.
واليهود هم أكثر الشعوب فهما في ذلك فهم من الأمم التي عرفت خطورة الاعلام والإعلاميين…الآن اليهود بسيطرتهم على المال والإعلام يقودون العالم حسب مصالحهم بالكذب والتدليس والتضليل.
ان التغبيش الاعلامي وقلب الحقائق والتأثير على الرأي العام ..شأن يقوم به المحترفون…والذي يريد كسب الرهان والمعركة عليه أولا …تجهيز آلته الاعلامية الضاربة.
وصراحة قد برعت المليشيا واعوانها في ذلك أيما براعة ، وفشلنا ايما فشل.
ودعني اضرب لك مثالاً بسؤال مباشر لك :
هل حميدتي حيٌ أم ميت.
ستملؤك الحيرة …فتارة هو حي يرزق..وأخرى هو ميت مندثر. ولن تجد توصيفاً مناسباً سوى كلمة ( البعاتي ).
هذا مانسميه التضليل والتغبيش..والتدليس….وأغراضه شتى.
لماذا لا تكون لنا مدينة إعلامية متكاملة ، تضم داخلها كل مقومات الانتاج التلفزيوني والإذاعي والسينمائي…تجمع الصحف والصحفيين وأهل المسرح والمبدعين …دياراً للفنانين داخلها وللشعراء .والموسيقيين وأهل الرسم والنحت والتلوين .كل القنوات الفضائية داخلها…تضم عشرات الاستديوهات للمنوعات والاخبار والاطفال..والدراما…وكل أشكال البرامج المختلفة.
لماذا ؟!…
ايها السادة ، بعد انتهاء هذه الحرب ، علينا ان نتغير …! وإلا فإننا سندور في نفس الدائرة المفرغة.
نقطة سطر جديد.

مقالات ذات صلة