حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : بصراحة..
الفريق أول ياسر العطا قال في حواره مع قناة العربية الحدث، أن الوثيقة الدستورية ستلغى وتم التوافق على وثيقة جديدة ويعين رئيس وزراء.
و لو كان هذا الحديث بعد شهر من انقلاب 25 اكتوبر 2021، أو بعد سنة منه، أو بعد اندلاع حرب 15 أبريل 2023 أو حتى بعد مرور سنة عليها لكان ممكنا تصور أن الأمر محض ترتيبات معقدة استلزمت كل هذا الوقت.. لكن الواقع نحن نخطو نحو الشهر الثالث بعد عيد ميلاد الحرب الأول.. ولا يلوح في الأفق أي ما يؤكد ان هناك تفكير جاد في تعيين رئيس وزراء ليشكل حكومة..
في شهر سبتمبر 2023 الماضي قال السيد مالك عقار أن رئيس مجلس السيادة البرعان سيعين رئيس الوزراء ليشكل حكومته مباشرة بعد عودته من اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وعاد البرهان ثم أكمل عدة زيارات لبعض الدول و مضت عشرة أشهر ولم يتغير شئ، لا تزال البلاد فارغة من مؤسسات الحكم العليا.
الأمر لا يحتاج الى جهد لإثبات أن تعيين رئيس وزراء وحكومة لا يشغل هم أحد في بورتسودان، و الحفاظ على الفراغ الدستوري والتنفيذي ليس مجرد انشغال بهموم الحرب.
ولا أتوقع أن يُعلن عن رئيس وزراء إلا إذا وُجد من يشغل الكرسي دون أن يشغل المنصب.. فالواضح أن إفراغ القيادة التنفيذية للبلاد هو السبيل الوحيد لإبقاء صلاحياتها بيد الرئاسة السيادية.
و بهذا المنطق فإن الأمل في تغيير الواقع الدستوري في و بعد الحرب أمر غير وارد ..
و بالضرورة اذا استمر مثل هذا الواقع فإن السودان لن يستطيع أن يرى التغيير الذي يستحقه ويحلم به.. سنظل دولة ناقصة قوام مؤسسي يجعل من العسير للدول الأخرى أن تطور علاقات شراكة منتجة معها.
ويصبح السؤال لمصلحة من تكريس هذا الواقع العاجز؟
دولة قوامها 40 مليون سوداني فيهم من العقول النيرة ما استعانت بهم أمم أخرى في تحقيق نهضتها واسعاد شعوبها، و تمتلك من الموارد الطبيعية ما يكفي لتغيير حالها في أقل من عام لتصبح في مصاف الدول المتقدمة.. لماذا يفرض عليها مثل هذا الواقع البائس ويفرغ مستقبلها من فرص النمو والازدهار.
من يفرض على بلادنا أن تظل عالة على العالم؟