حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : البحث عن الـ(صولو) Solo

ضمت القاعة الملحقة بفندق رويال مكسيم كمبنسكي بالقاهرة الجديدة عددا من نجوم السياسة السودانية، نهار الأربعاء 8 مايو 2024 لتدشين “ميثاق السودان”.

من النجوم على سبيل المثال السيد مبارك الفاضل ‏الذي شب و شاب في العمل السياسي، ‏ شارك في كثير من الأحداث السودانية المهمة منذ أيام معركة الجزيرة أبا ثم نضالات المعارضة التي تراوحت بين العمل السياسي والعسكري، و شارك أيضا في الجهاز التنفيذي خلال الفترة بعد الانتفاضة حتى انقلاب الانقاذ ‏تولى خلالها وزارات سيادية ثم قاد في المعارضة خلال التسعينات التي انتهت باتفاق جيبوتي واستمر بعد ذلك واحد من أكثر الشخصيات السياسية براغماتية و نشاطا وقدرة على تغيير مراكز اللعب في الملعب السياسي.

‏الدكتور التيجاني السيسي الذي تقف خلفه سيرة ذاتية حافلة في العمل السياسي والتنفيذي والأممي وهو بالضرورة رجل دولة لا يشق له غبار.

السيد جعفر الميرغني، الذي تحد من قدراته حاليا محددات عملية كونه نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي و لا يستطيع تخطي القيادة التاريخية لوالده مولانا السيد محمد عثمان الميرغني. و جعفر مشروع قيادي قادر على تدشين مرحلة وجيل جديد في حزبه لو توفرت البيئة الحاضّة لا الحاضنة.. و جماهيريا تقف خلفه كتلة شعبية تغضب لغضبه لا يسألونه فيم غضب.

و دكتور غازي صلاح الدين رئيس حزب الإصلاح الآن الذي قال “لا” عندما كانت ثقيلة على اللسان السياسي في عهد الديكتاتورية الرعناء.

والناظر سيد محمد الأمين تِرِك برمزيته البجاوية و قوميته السياسية..

وقيادات الحركات الدارفورية التي لم تتحول إلى أحزاب لكنها تنشط في الملعب السياسي والعسكري والتنفيذي، دكتور جبريل ابراهيم و السيد مني اركو مناوي ، الاستاذ مصطفى تمبور وغيرهم.
على سبيل المثال لا الحصر فهناك كثير من الشخصيات السياسية من الأوزان الثقيلة..

هؤلاء كانوا في الصف الأول لحفل التدشين، الذي أنجب “ميثاق السودان”، ليكون رابطا سياسيا مشتركا خلال المرحلة المقبلة.

و بالضرورة يتضافر العطاء الذاتي “سولو” مع العطاء الجمعي في مثل هذه التحالفات.. فبقدرما هو مطلوب أن ينتج من التحالف مع القوى السياسية الأخري تغييرا في واقع الأزمة السودانية ، مطلوب أيضا أن تشهر هذه الأحزاب -بكل ما تذخر به من نجوم- فعلها الذاتي المدلل على قدرتها في السياق ال”سولو” على الأداء..

من الواقع ؛ حتى الآن، يقتصر الأداء الحزبي ال”سولو” بصورة غالبة على اصدار البيانات من خلف حجب وسائط التواصل الاجتماعي، وحتى هذه فيها قصور كبير يبدو واضحا لكل من يطالع البيانات الصادرة من الأحزاب في ضعف لغتها وصياغتها و ترهلها بالعبارات المترادفة.

و بصراحة؛ نجومية قيادات بعض هذه الأحزاب لا تتسق مع واقعها.. و كأني بالقيادات زاهدة في تغيير واقع المؤسسات الحزبية فتحافظ عليها في ديباجة البيانات لا أكثر.
والدليل..

في وثيقة “ميثاق السودان” خلط عجيب بين توصيف هياكل المرحلة التأسيسية و قضاياها.. غالبية التفاصيل التي مطت الوثيقة حتى أجبرت الاستاذ معتصم احمد صالح في منبر التدشين ان يعتذر للحضور من طول الوثيقة زكثر من مرة أثناء تلاوتها..

مثلا.. عندما تحدد الوثيقة هياكل وزارية فلا يعقل أن تقفز لقضايا هي من صميم هذه الهياكل فتفصل فيها..

هنا يفترض أن تظهر الخبرة السياسية و (النجومية) و الطاقة الكامنة في ال”سولو” لتجعل الوثيقة دليلا باهرا على سمو القدرات السياسية ، بما يجعل الشعب السوداني مطمئنا أنه في أيد أمينة.

و مع ذلك في تقديري، “ميثاق السودان” نقطة انطلاق جديدة جيدة، بشرط ان تدرك القوى الموقعة عليه حساسية عامل الزمن، فالوطن في محنة مصيرية ، وكل ساعة تمضي تقربه للهاوية.

القفز الى واقع سياسي جديد يساهم في إنهاء الحرب وابتدار مرحلة جديدة.

مقالات ذات صلة