مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : بعد الفوز بالانتخابات هل يغسل ديبي الصغير يديه من قاذورات كاكا الإمارات

فاز محمد إدريس ديبي بفترة رئاسية جديدة قد تمتد الي خمسة أعوام ، و َذلك بعد سباق رئاسي في انتخابات ساخنة لم تعترف بنتيجتها بعض الجهات المعارضة له، الا انه ما يعنينا نحن بالسودان بالدرجة الأولى هو رؤية الرئيس التشادي المنتخب محمد إدريس ديبي لملف علاقاته مع السودان ، فهل سيتخلي ديبي الصغير عن شخصية كاكا (الزومبي) الذي يستهدف جيرانه ويتناول الطعام والشراب الحرام من الثمن الذي قبضه لالحاق الاذى بهم، فشخصية كاكا النمرود التي تغمسها محمد ديبي بكل معانيها التي تحملها في العديد من اللغات ، نعم ان لفظة كاكا لدي الأشقاء التشاديين تعني التدليل ويطلق على الجدة ، وكان محمد ديبي قد تمسك باللقب بكون ان جدته من والدته هي من ربته واحسنت رعايته في طفولته ، ولكن عبارة (كاكا ) كما في اللهجة الدارجة السودانية تحمل معنى القذارة ، وهو نفس المعنى في اللغة التركية والفيتنامية والبوسنية وكثير من لغات العالم ، وكذلك في اللغة الإيطالية ، ومن طرائف الاخبار ان رئيس نادي انترميلان الإيطالي كان قد عرض عليه اللاعب البرازيلي الرائع كاكا قبل أن يسجله غريمه ميلان ولكنه رفض تسجيله ، وحين سئل رئيس انترميلان عن سبب رفضه له!! أجاب بالقول ” ( ان ميلان مدينة نظيفة ولا أريد ضم لاعب يحمل اسمه كل معاني القذارة) ، ورغم ان الأوساط السودانية كلها بالإجماع قد استبشرت خيرا بعد تسلم محمد كاكا الرئاسة بتشاد خلفا لوالده الراحل ادريس ديبي، وهو الرجل الذي لم يكن يرضى ان تستمر القطيعة مع السودان لفترات طويلة ، فرغم الخلافات التي كانت تحدث من حين الي اخر ووصلت في بعض الأحيان الي تبادل ارسال المعارضة المسلحة لتغيير نظام الحكم في انجمينا والخرطوم ، ولكن ادريس ديبي سرعان ماكان يعود إلى مربع الود والاخوة والتلاحم و التلاقي مع جاره السودان ، لان ديبي الكبير كان يدرك جيدا ان المصير بينه وبين السودان هو مصير مشترك والمصالح المتبادلة هي الأكثر من كل دول الجوار التشادي، ويعلم كذلك ان اي عطسة بالخرطوم تتأثر بها انجمينا ، ومن غير المستبعد ان قوي الشر وابان فترة استهدافها للسودان خلال السنوات الماضية ، من غير المستبعد ان تكون قد قدمت مجموعة اغراءات للراحل ادريس ديبي حتى تكون انجمينا منصة انطلاق للمعارض السودانية لتغيير نظام الحكم بالخرطوم، ولكن من الواضح أن ديبي قد كان يقاوم تلك الاغراءات ولم يذعن لهم ، فهو قد كان يرفض ان يمس الأمن القومي السوداني من طرف الجار والصديق تشاد ، وكما أشرنا فان غزوة ام درمان من قبل حركة العدل والمساواة التي انطلقت من الأراضي التشادية كانت عبارة عن رد فعل وغضبة من الرئيس التشادي بسبب قدوم المعارضة المسلحة من الخرطوم والتي حاصرته في القصر ليومين بغرض اغتياله وإزالة حكمه ، ولكن رغم ذلك فأن الرئيس الراحل ادريس ديبي سعي بإخلاص الي تحسين العلاقات السودانية التشادية ، وقد كان يولي ملف القوات المشتركة السودانية التشادية رعاية خاصة وهي واحدة من أنجح التجارب في التنسيق الأمني والعسكري بين الدول الأفريقية ذات الحدود المشتركة ، و المؤسف انه وبعد حل هيئة العمليات تم وأد تجربة القوات المشتركة لتعود الحدود بين الدولتين كنقطة ساخنة تنشط فيها كل أنواع الحركات المسلحة ولتزداد أنشطة تجار الممنوعات وعمت الفوضى الحدود السودانية التشادية ، ولعل التحولات التي حدثت بتشاد و ادت الي صعود محمد ديبي الابن الي سدة الحكم كانت مفاجئة لان ديبي الصغير لم تكن لديه تجارب سياسية ولم يعرف عنه انخراطه في العمل الإداري او السياسي او الدبلوماسي ، وقد القت تلك النواقص بظلالها على ممارساته في الحكم داخل تشاد وخارجها خاصة مع السودان ، فادي ذلك إلى احداث توترات أمنية في كل الإقليم ، كما أن الأمر المفاجئ الذي يكن يتوقعه السودانيين ابدا هو ان تصبح تشاد في خانة العداء السافر للسودان جراء ارتماء محمد كاكا في أحضان الإمارات بعد ان اغرته الأخيرة بحفنة من المال، فباع تاريخ علاقات بلاده مع السودان في أقل من ساعتين من الزمان بل فتح اراضي تشاد مشرعة لدولة الإمارات لتدخلها من كل الأبواب وكانت طائراتها تهبط يوميا وهي تحمل كل أنواع القاذورات ومعاول الهدم والقتل و َكل ذلك من اجل تنفيذ مشروع غربي اسرائيلي تديره الإمارات بالوكالة بكل غباء وخسة َوندالة ، وهو سلوك شيطاني وغريب لأنها لم تراعي وتحفظ اي اواصر ودقوية ووشائج محبة و صداقة بيضاء ونقية كانت تربطها مع الشعب السوداني ، ذلك الشعب الذي ناصر وساند الامارت في كل عوامل نهضتها وطفرتها الاقتصادية ، ولعل افضال السودان على الإمارات كثيرة من ان تحصىر، وهي افضال اعترف بها محمد بن زايد حينما كان يتنفس 0كذبا ونفاقا امام الرئيس السابق عمر البشير ، ومحمد كاكا باع كل العلاقات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والاواصر التي كانت تربط بلاده بالسودان وحتي الروابط الاجتماعية القوية المشتركة لم يراعيها محمد كاكا ، فهو حتى الان مازال يفتح أجنحة مطاراته لطائرات الموت القادمة جوا من الإمارات الي الأراضي التشادية ومنها عبر الحدود الي ولايات دارفور ، وحسب رصد جهات دولية عديدة محايدة بالاقمار الصناعية ان الهابط والمطارات التشادية قد استقبلت أكثر من ٤٠٠ رحلة جوية من الإمارات الي تشاد وكلها تحمل الأسلحة والمعدات للدعم السريع بالسودان وقد تم تخصيص مطار ام جرس كمطار للقوات الإماراتية بجانب مطار انجمينا العاصمة ، وهذا الدعم يعتبر أبرز اسباب استمرار الحرب لتتواصل معاناة الشعب السوداني بسبب استمرار الحلف القذر مابين بن زايد و الرئيس كاكا الذي قبل على نفسه استلام الرشوة الإماراتية فغض الطرف عن شحنات الأسلحة التي تنقل يوميا من بلاده الي الداخل السوداني، وأن كان يدري محمد كاكا او لايدري انه الان ينتحر ببطء ، لانه قد ساعد على تربية الأفاعي والذئاب البشرية وهؤلاء هم عرب الشتات والذين امتهنوا القتل والسلب والنهب ولايتوقفون عن المغامرات فهم يعيشون مابين تشاد النيجر والسودان ، فهؤلاء ان انتصروا بدارفور مؤقتا او هزموا ، فغدا” سييولون وجهتهم شطر انجمينا ، والرئيس ديبي يعرف ذلك جيدا حتى وان أظهر عدم الاهتمام ، وبعد الفوز بالانتخابات الرئاسية نحن ننتظر ان يتخلى الرئيس محمد ديبي عن لعب دور الشخصية القذرة التي تمثلها كاكا ويعود الي شخصيته الأولى التي كانت مثل شخصية مستر جيكل في رواية الاديب الاسكتلندي روبرت لويس وهي تصور طبيب يتقمص شخصيتين الأولى محترمة نهارا والأخرى لقاتل وسفاح ليلا وهي كما محمد ديبي والذي تقمص دور مستر ادوارد هايد القاتل الليلي الصامت قبل الانتخابات فهل يعود كاكا الي شخصيته الأولى التي اظهرها للسودانيين حينما تسلم الحكم بعد وفاة والده ، ونأمل ان يعود الرئيس التشادي بثوب جديد ناصع البياض خالي من قذارة (كاكا) ودموية مستر هايد ، يعود ديبي بثوب جديد و نظيف طالما افتخر به والده البطل المناضل ادريس ديبي والذي لم يعرف الانكسار والانحناء لفرنسا ولغيرها حينما تمت مساومته في عدد من قضايا الأمن الإقليمي ، فقد كان ادريس ديبي عنوانا للنخوة والشهامة والشجاعة ومات كالأشجار واقفا ، وكان ديبي يحتفظ للسودان بالجميل وهو لم ينسى مساندة ومؤاذرة السودان له ، لذلك كان طوال حياته حريصا على ان تظل العلاقات السودانية التشادية دائما عنوانا للتكامل ونموذج للمصالح المشتركة التي تعود بالخير على الشعبين الشقيقين .

مقالات ذات صلة